سؤال وجواب

حكم الكذب لأجل الإصلاح


مفهوم الكذب

الكذب هو "نقيض الصّدق؛ّ والصدق مطابقة الخبر للواقع ولو بحسب اعتقاد المتكلم"، ويقال باللغة: كَذَب يكذِب كذبًا، وتقول: رجل كاذب، وكذّاب، وكاذِبة؛ كما جاء في قوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ}،[١] وجاء أيضًا في لغة العرب "تَكَذّبوا عليه: أي زعموا أنّه كاذب وتُكذّب فلان: إذا تكلف الكذب، فهو القول الذي يخالف الحقيقة مع العلم بها،" وقد حذر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من الكذب بدليل حديثه، حيث قال: "إيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ"،[٢] وقد يكون الكذب لدوافع متعددة في نفس الإنسان، منها: الإعتزاز بخداع النفس، التشفي من العدو، والتعود على الكذب فيصبح سجية للشخص، وبهذه الدوافع وغيرها يؤثر على المجتمع بآثارِِ وخيمة منها: ضياع الحقوق بشهادة الزور، فقدان الثقة، كما أنّه يكون طريق موصول إلى النار، ولهذا لم يعرف الأنبياء والصالحين إلا بالصدق، ولكن وردت بعض الأسباب التي تُجزئ الكذب كالحرب والإصلاح،[٣] لذلك سيطرح هذا المقال حكم الكذب لأجل الإصلاح وضوابطه في الإسلام.

حكم الكذب لأجل الإصلاح

ذُكر أنَّ الكذب هو نقيض الصدق الذي عُرفَ به الصادق الأمين، لكن من رحمة الشريعة الإسلامية أنّها جاءت لإزالة كل أسباب الحقد والخصومة والبغضاء بين الناس، فكان حكم الكذب لأجل الإصلاح جائز في الكتاب والسنة النبوية، بدليل قوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}،[٤] وما جاء بالسنة بحديث رسول الله حيث قال: "ليس الكَذَّابُ الَّذي يُصْلِحُ بيْن النَّاسِ فيَقولُ خَيْرًا، أو يَنْمِي خيرًا. قالتْ: ولم أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ في شيءٍ ممَّا يقولُ النَّاسُ مِنَ الكَذِبِ إلَّا في ثلاثٍ: الإصلاحِ بيْن النَّاسِ، وحديثِ الرَّجُلِ امرأتَهُ، وحديثِ المرأةِ زَوْجَها"؛[٥][٦] وبدليل الآية والحديث فإنّ العبد ينال الأجر والثواب من الكذب لأجل الإصلاح بين الناس، وجعل قلوب المؤمنين متآلفة متراحمة بعيدة عن الضغينة والبغضاء، فحكم الكذب في هذه الحالات الثلاث حلال لرفعة الأمة الإسلامية، وأن يبقى المجتمع الإسلامي متآخي ومترابط،[٧] وأما عن ضوابط الكذب لأجل الإصلاح فسيتم التعرف عليها في السطور التالية.

ضوابط الكذب لأجل الإصلاح

يُعدّ الإصلاح بين الناس من الأمور العظيمة والعبادات التي يؤجر عليها العبد المسلم وقد يغفل عنها أحيانًا، وحيث إنّ في المجتمع الكثير من صور الاختلاف والنزاع وما إلى ذلك من أسباب القطيعة والبغضاء في بينهم، لذلك يأتي إصلاح ذات البين واجبًا شرعيًا، بدليل قوله تعالى: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}،[٨] وللكذب ضوابط شرعية تُجيزُه؛ فيكون ذلك بأن يعلم عما أخبر به من الخير، ويسكت عما أُخبر به من الشر فلا ينقله، ومنهم من قال بأن يأتي بالتورية والتعريض؛ كأن يقول إذا سئل هل قال فلان عني كذا؟ فينفي ذلك، فهذا يكون ليس بالكذب الصريح، بل من باب الخير والإصلاح.[٩]

المراجع[+]

  1. سورة الواقعة، آية: 2.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2607 ، صحيح.
  3. "الكذب"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
  4. سورة النساء، آية: 114.
  5. رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد ، عن أم كلثوم بنت عقبة، الصفحة أو الرقم: 297، صحيح.
  6. "الكذب من أجل الإصلاح بين الناس"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2020. بتصرّف.
  7. "حكم الحقد في الشريعة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2020. بتصرّف.
  8. سورة الأنفال، آية: 1.
  9. "إصلاح ذات البين"، almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.