ماهي قصائد بدر شاكر السياب
ماهي قصائد بدر شاكر السياب
بعد الحديث عن شرح وتحليل قصيدة سربروس في بابل للشاعر العراقي بدر شاكر السيّاب، لا بدَّ من المرور على بعض قصائد الشاعر الأخرى للتمعّن أكثر في تجربته الحديثة مع شعر التفعيلة، فهو أحد مؤسسي التفعيلة مع نازك الملائكة التي كان لها دور كبير في تأسيس التفعيلة وانتشارها.
- يقول بدر شاكر السياب في قصيدته المسيح بعد الصلب:
بعدما أنزلوني، سمعتُ الرياحْ
في نواحٍ طويلٍ تسفُّ النحيلْ
والخطى وهي تنأى، إذن فالجراح
والصليبُ الذي سمروني عليه طوالَ الأصيلْ
لم تمتنِي وأنصتُ:كان العويلْ
يعبر السهل بيني و بينَ المدينةْ
مثل حبلِ يشدُّ السفينةْ
وهي تهوي إلى القاع، كانَ النواحْ
مثلَ خيطٍ من النورِ بين الصَّباحْ
والدُّجى، في سماءِ الشتاءِ الحزينةْ
ثم تغفو -على ما تحسُّ- المدينةْ
- ويقول أيضًا في قصيدته العمودية التي تبين قدرته على صياغة الشعر العمودي:
هبت تغمغم: سوف نفترقُ روح على شفتيكِ تخترقُ
صوتُ كأنَّ ضرامَ صاعقةٍ ينداحُ فيهِ وقلبيَ الأفقُ
ضاقَ الفضاءُ وغامَ في بصَرِي ضوءُ النُّجومِ وحُطِّمَ الألَقُ
فعلى جفونِي الشاحبات وفي دمعي شظايا منه أو مزَقُ
فيم الفراق؟ أليس يجمعنا حبٌّ نظلُّ عليه نعتنِقُ؟
حبٌّ ترقرقَ في الوعودِ سنًا منه ورفَّ على الخطى عبقُ
أختاه، صمتكِ ملؤه الرِّيبُ؟ فيمَ الفراقُ؟ أما له سببُ؟
الحزنُ في عينيكِ مرتجفٌ واليأسُ في شفتيكِ يضطربُ
ويداك باردتان: مثل غدي وعلى جبينكِ خاطرٌ شَجِبُ
ما زالَ سرُّكِ لا تجنِّحُهُ آهٌ مأججةٌ: ولا يثبُ
حتَّى ضجرتُ بهِ وأسأمَهُ طولُ الثواء وآدهُ التَّعَبُ
إنِّي أخافُ عليكِ واختلجتْ شفةٌ إلى القُبُلاتِ تلتَهبُ
ثم انثنيتِ مهيضةَ الجلَدِ تتنهَّدينَ وتعصرينَ يدي
وتردِّدينَ وأنتِ ذاهلةٌ إنِّي أخافُ عليكَ حزنَ غدِ
فتكادُ تنتثرُ النجومُ أسًى في جوهن كذوائب البردِ
لا تتركي لا تتركي لغدِي تعكير يومي ما يكون غدي
وإذا ابتسمت اليومَ من فَرَحٍ فلتعبسنَّ ملامحُ الأبدِ
ما كانَ عمري قبلَ موعدنا إلا السنين تدبُّ في جسدِ
أختاهُ لذّ على الهوى ألمي فاستمتعي بهواكِ وابتسمي
هاتي اللهيبَ فلستُ أرهبُهُ ما كانَ حبُّكِ أوَّلَ الحِمَمِ
ما زلتُ محترقًا تلقَّفنِي نار من الأوهام كالظُلَمِ
سوداءُ لا نورٌ يضيءُ بها جذلان يرقص عاري الفدَمِ
هاتِي لهيبكِ إنَّ فيه سنًا يهدي خطاي ولو إلى العَدَمِ