مظاهر-الاحتفال-بالمولد-النبوي-الش
محتويات
مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-
وُلدَ سيّد البشريّة وإمام المرسلين يوم الاثنين في شهر ربيع الأول من عام الفيل -بعد الحادثة بخمسينَ يومًا-، وقد اختلفَ المؤرّخون في كونه وُلد في الثامن أو التاسع أو الثاني عشر من ربيع الأول، إلّا أنّ الرأي المُرجّح لأهل السير والتاريخ هو ولادته -صلى الله عليه وسلم- في الثاني عشر من ربيع الأول، وهو ما يوافق السنة الواحدة والسبعين بعد المائة الخامسة -571م- من مولد عيسى -عليه السلام-، وفي هذا المقال سيتم طرح معلومات حول مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يسبقها رأي العلماء والحكم الشرعي لقضية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. [١]
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
ينقسم علماء الشريعة الإسلامية ما بين مؤيّد ومعارض فيما يتعلّق بحكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فمنهم مَن يراه محرّمًا بالمطلق، ومنهم مَن يراه مباحًا مع ضرورة مراعاة الضوابط الشرعيّة الإسلامية في مظاهر الاحتفال به، وفيما يأتي تفصيلٍ لوجهتَيْ النظر وتبرير لكلٍّ منهما:
تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
أمّا القسم الأول من العلماء يرى أنّ الاحتفال بالمولد النبوي أمرٌ مُبتدع، حيث إنّه لم يرِد احتفال النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته وخلفائه الراشدين -رضوان الله عليهم- بالمولد النبوي، لذا فهو أمرٌ لم يسبِق إليه خيرة الأمة من الصحابة والصالحين مَن هم أعلم بالدين من كلِّ جيلٍ تَبِعهم، ويستند الشّق الأول من العلماء على أقوال بعض الآمة والسلف الصالح في الشأن ذاته، من ذلك قول الفاكهاني: "لا أعلم لهذا المولد أصلًا في كتاب ولا سنة ولا يُنقل عمله عن أحد من علماء الأمة"، وقول الشوكانيّ: "لم أجد إلى الآن دليلًا يدل على ثبوته من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا استدلال، بل أجمع المسلمون أنه لم يوجد في القرون المفضلة"، ويستند أصحاب الرأي الأول في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، أنّ تاريخ المولد غير مؤكّد في الأصل -كما تمّ إسلاف ذلك في مقدمة المقال- وبالتالي يُبطلون فكرة الاحتفال من ناحيته التاريخية والشرعية. [٢]
إباحة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
من وجهة نظرٍ أخرى، يرى بعض العلماء، كالدكتور نوح القضاة -أبرز علماء أهل السنة والجماعة في عصره- أنّ البدعة هي في إطلاق حكم التحريم أو الوجوب على الاحتفال بمولده -صلى الله عليه وسلم-، ويستند -رحمه الله- على قوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ" [٣]، وأنّ كلّ من المولد النبوي الشريف والهجرة النبوية والإسراء والمعراج وغيرها من أحداثٍ عظيمة في التاريخ الإسلامي، هي فواصل تاريخيّة يستوجب الوقوف عندها وتذكير المسلمين بها، لذا فيرى الدكتور نوح القضاة -رحمه الله- أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو من المباحات، فليس من المنطق في عُرف العالم والمجتمع المُنفتح على بعضه أن تقوم الدنيا بجميع مظاهر الاحتفال لتاريخ مولد المسيح -عليه السلام-، ثمّ لا يحرّك المسلمون ساكنًا لمولده -صلى الله عليه وسلم-، ويعلّل الدكتور أنّ سبب التضييق للفئة الأولى من العلماء هو حبّهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وعدم رغبتهم بالخروج عمّا سنّ.
مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
يرى فضيلة الدكتور بلال إبداح، دكتور العقيدة الإسلامية، أنّ الأصل في الأشياء الإباحة، والأمة الإسلامية في أمسّ الحاجة لإظهار التاريخ الإسلامي، وتعميق الصِّلة بأحداثها المهمّة كالهجرة النبوية الشريفة والمولد النبوي الشريف، في الوقت الذي غلب طابع الحروب والهموم وتكالب الأمم على هذه الأمة، فلا بدّ من إدخال المسلم في جوٍّ يعيد له تاريخه وأصله، ويذكّره بقيمه وشيمه ويدخل السرور على قلبه، بالمعروف وبعيدًا عن المبالغة والإسراف والتبذير، لقوله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"[٤]، وتظهر العديد من أوجه الاحتفال بالمولد النبوي في الدول الإسلامية خاصّة بلاد الشام ومصر، منها ما هو مباح ومنها ما فيه من المغالاة ما يدفع المشايخ والعلماء للإفتاء بحرمته، ومن مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي ما يأتي:[٥]
- كمظهرٍ أوّل تُعطّل الدولة والمؤسسات الرسميّة والخاصّة أعمالها يوم المولد النبويّ الشريف.
- تجري العادة بأنْ يجمع كلّ رجلٍ عائلته من أبناءٍ وبنات وأزواجٍ وزوجات وأحفاد، أو أقاربه وأبناء عمومته وجيرانه، ويدعو شيخًا من مشايخ الحيّ ممن يُشهد له بالصلاح والعِلم وحُسن الاطلاع على السيرة النبوية المطهرة، ويَقُصّ هذا الشيخ على الحضور قصة ولادته -صلى الله عليه وسلم-، ويحكي لهم عن بعثته وأخلاقه وهجرته وغزواته، الأمر الذي يزيد في نفوس المستمعين له حبّهم وشوقهم لنبيهم وحبيبهم -صلى الله عليه وسلم-، ويختتمون لقاءهم بالدعاء للأمة والمسلمين وصاحب الدعوة الذي جمعهم وزاد من قُربهم وأُلفتهم.
- بعد اختتام اللقاء بالدعاء، يوزّع الصبيان ما أعدّ أهل المنزل من حلوى لهذه المناسبة على الحضور، ووفقًا للحلوى الشائعة في كلّ بلاد.
- لا صلوات معيّنة لهذا اليوم، ولا قُربات مخصصة، ولا طقوس واجبة بإجماع العلماء، إنّما بإدخال السرور على مَن يحضر هذه الجَمعات بالحلوى وما لذَ وطاب مما يجود به صاحب الدعوة.
- يجبُ ألّا يُبذّر صاحب الدعوة بالإنفاق فوق طاقته، مما يترتب عليه الديون، أو يتسبب بإتلاف الطعام بالنهاية دون أن يتناوله أحد.
- تميل بعض الدول، كمصر والشام مثلًا، إلى تزيين الطرقات والمساجد والأسواق احتفالًا بهذا اليوم المُبارك.
- يُجمع لهذا اليوم الأطفال والفقراء والمحتاجين، وتُدخل الفرحة والسرور إلى قلوبهم، الأمر الذي يُشكَّل في عقلهم أنّ ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأتي معه إلّا كلّ أمرٍ طيّب، بعكس ما يسعى إليه البعض من تشويه لصورته -عليه الصلاة والسلام- وربط ذِكره بالأوامر والنواهي فقط، وكأنّه -صلى الله عليه وسلم- جاء للتضييق على الناس -حاشاه-، بل هو رحمةٌ للعالمين، ووجه السلام والسعادة والأُلفة المودة والصدق والرجولة والوفاء وكلّ محاسن الأخلاق.
المراجع[+]
- ↑ تاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم, ، "fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرّف
- ↑ حكم من يصنع ويحضر الاحتفال بالمولد النبوي, ، "binbaz.org.sa"، اطُّلع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرّف
- ↑ {يوسف: الآية 111}
- ↑ سورة الأعراف، آية: 31.
- ↑ ذكرى المولد وكيفية الاحتفال به, ، nabulsi.com، اطُّلع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرّف