سؤال وجواب

الإعجاز-العلمي-في-قوله-وأنزلنا-الح


المعادن

المعادن هي مركباتٌ صلبةٌ غير عضويةٍ متجانسة وكيميائية التركيب وذات بناءٍ بلوريٍّ تتكون طبيعيًّا بفعل العوامل الجيولوجية كالنشاط الناري وعمليّات الترسيب وعمليات التحول من شكلٍ لآخر بفعل العومل المناخية والجيولوجية على مرّ العصور الجيولوجية، ولكل معدنٍ خواصٌ كيميائية وفيزيائية خاصة به تميزه عن غيره من المعادن، وتتكون من ذرات أو جزيئات العنصر فقط أو من مجموعو من جزيئات الأملاح البسيطة أو سليكات وجزيئات أخرى معقدة الترابط الكيميائي، وهذا المقال يسلط الضوء على الإعجاز العلمي في قوله: وأنزلنا الحديد ، فالحديد واحدٌ من المعادن العنصرية ذات الأهمية البالغة في حياة الإنسان.

الحديد

يعدّ الحديد عنصرٌ كيميائيُّ فلزيٌّ من أقدم الفلزات -العناصر الكيميائية التي تفقد إلكترونات من مدارها الأخير لتكوين كاتيونات أي أيونات موجبة- اكتشافًا على وجه الأرض، وهو أحد عناصر الجدول الدوري الكيميائي ويقع في الدورة الرابعة والمجموعة الثامنة منه، وعدده الذري 26، ورمزه الكيميائي Fe، ونادرًا ما يوجد في الطبيعة بصورة عنصرٍ لميله الشديد للتفاعل مع الأكسجين وتكوين أكاسيد الحديد كالهيماتيت والماغنتيت، والشكل البلوري لعنصر الحديد على هيئة مكعب وقد تمّ بناء مجسم حقيقي ثلاثي الأبعاد في مدينة بروكسل عاصمة بلجيكا للشكل البلوري للحديد في إيماءةٍ رمزيةٍ إلى أهمية هذا العنصر في تطور الحياة البشرية، وذلك يتوافق مع مكانته التي أثبتها القرآن بقوله وأنزلنا الحديد. [١]

الإعجاز العلمي في قوله وأنزلنا الحديد

يقول الله -تبارك وتعالى- في محكم التنزيل: {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ}[٢]، وردت هذه الآية الكريمة في سورة الحديد وهي السورة الوحيدة التي تحمل اسم عنصرٍ من العناصر الكيميائية الموجودة في الطبيعة، ففي اختيار هذا العنصر دون سواه إيماءةٌ إلى أهميته وتعظيم شأنه من قِبل مُنزِله -سبحانه وتعالى-، فقد أكد أهل العلم من فقهاء المسلمين إلى أن لفظ وأنزلنا الحديد في الآية تدل على أنّ الحديد كغيره من أشكال الوحي السماوي مُنزلٌ من عند الله نزولًا حقيقيًّا لا معنويًّا وهذه الحقيقة العلمية بدأت تتكشّف تدريجيًّا للعلماء في منتصف القرن الماضي، إذْ أثبتت الأبحاث والدراسات الجيولوجية والكيميائية إلى أنّ عنصر الحديد هو أكثر العناصر انتشارًا في كوكب الأرض إذ تبلغ نسبته  35.9% من مجموع كتلة الأرض والتي تتمركز في لب الأرض ممزوجةً مع عنصر النيكل وتتناقص هذه النسبة من لب الأرض إلى قشرتها لتبلغ 5.6% من مجموع كتلة معادن القشرة الأرضية، وكان الإعجاز العلمي الذي أدهش العلماء أنّ هذه الكمية الكبيرة من الحديد المتواجدة في الأرض تركيبتها الكيميائية لا تتوافق مع التركيب الكيميائي لأيٍّ من مكونات الأرض، ممّا يُدلِّل على أنّ هذا العنصر غريبٌ عن كوكب الأرض.

أكّدت الدراسات التي أجريت في العديد من الجامعات المرموقة كجامعة مريلاند الأمريكية وجامعة تورنتو الكندية أنّ مصدر بعض المعادن الموجودة في باطن الأرض مصدرها من خارج كوكب الأرض، وأنها ارتطمت بالأرض قبل مليارات السنين نتيجة الانفجارات الهائلة في النجوم وهو ما يعرف باسم المستعمر الأعظم قبل مليارات السنين، وفي هذه الحالة يتفتت النجم العملاق المكون من عنصر الحديد والنيكل بصورةٍ أقل ويتناثر في الفضاء الخارجي ويتساقط على كوكب الأرض على هيئة أمطار نيزكيّةٍ وشهبٍ ترتطم بالصخور بسرعةٍ هائلةٍ وحرارةٍ مرتفعةٍ أدت إلى اندفاع الكتلة الحديدية إلى باطن الأرض، وهذا التفسير يتناسق ويتناغم تمامًا مع قوله وأنزلنا الحديد.

أثبتت التحاليل الكيميائية والمخبرية للنيازك التي تم العثور عليها في القرن الماضي على سطح الأرض والتحليل للشظايا الناجمة عن احتراق الشهب في الغلاف الجوي وتناثرها على سطح الأرض أنّ تركيبها الأساسي مكوّنٌ من الحديد بشكلٍّ أساسيٍّ أو من الحديد الصخري وهو مزيجٌ من عنصريْ الحديد والنيكل. [٣][١]

الحديد في القرآن الكريم

جاء ذكر الحديد في القرآن الكريم في ستة مواضع خمسٌ منها أشارت إلى معدن الحديد وواحدةٌ فقط كانت بمعنى القوة، ومن المواضع التي أتت على ذكر الحديد كمعجزةٍ لنبيٍّ من أنبياء الله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}[٤]، فكانت إلانة الحديد من المعجزات التي امتنّ بها الله تعالى على نبيه داود -عليه السلام- إذ كان الحديد المُنزل والوارد في قوله وأنزلنا الحديد بين يديه كالشمع يتشكل دون طَرقٍ أو صهرٍ أو إذابةٍ فكان يصنع من هذا الحديد الدروع قال تعالى:{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}[٥] وتعدّ هذه الصناعة أمرًا خارقًا للعادة ومعجزةً كونها تتم بيدي نبي الله داود -عليه السلام المجردتيْن، فلو كانت تتم بواسطة الطرق المختلفة لما اعتُبرت مِنةً تستحق الذِّكر إلى جانب أنّ إلانةَ الحديد لم تكن معروفةً من قبل، فداود -عليه السلام- هو أول من ألان الحديد وطوعه للاستخدام البشري، وهو أول من صنع الدروع من الحديد للناس واستُخدمت في الحروب منذ ذلك الحين.

ومن مواضع ذكر الحديد في القرآن الكريم أيضًا قال تعالى: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ}[٦]، وقال تعالى:{قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا}[٧]، وقال تعالى: {وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}[٨]، وقال تعالى:{لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}[٩]. [١٠][١١][١٢]

منافع الحديد

جاء في القرآن الكريم بعد لفظ وأنزلنا الحديد لفظٌ آخر هو بأسٌ شديدٌ في وصفٍ له، فالحديد من أكثر المعادن ثباتًا وقوةً وبأسًا وتحملًا للضغط والعوامل الجيولوجية والمناخية ومرونةً وكثافةً بسبب خصائصه المغناطيسية وقابليته للسحب والطًّرق والتشكيل وقدرته على مقاومة درجات الحرارة المرتفعة، ومن هذا المنطلق ومع بداية القرن الثامن عشر الميلادي أي بعد عدة قرونٍ من نزول القرآن الكريم بدأ الإنسان باكتشاف فوائد ومنافع الحديد واستخدامها في الصناعة بأشكال مختلفة كحديد الزهر المستخدم في صناعة الأنابيب والحديد المطاوع المستخدم في تصنيع الفولاذ وصناعة الأصلاب وهي السبائك المصنوعة من الحديد وخلائط أخرى كالكربون والمنجنيز وغيرهما، وصناعة الصفائح والشرائح المستخدمة في صناعة هياكل السيارات ووسائل النقل. [١٣][٣]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب حديد،,  "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرف
  2. {الحديد: الآية 25}
  3. ^ أ ب وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد، ,  "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرف
  4. {سبإ: الآية 10}
  5. {سبإ: الآية 11}
  6. {الكهف: الآية 96}
  7. {الإسراء: الآية 50}
  8. {الحج: الآية 21}
  9. {ق: الآية 22}
  10. النبي الكريم الذي ألان الله له الحديد،,  "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرف
  11. داود عليه السلام .. النبي القائد،,  "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرف
  12. حديد،,  "www.quran.ksu.edu.sa"، اطُّلع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرف
  13. صناعة الحديد والصلب،,  "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرف