سؤال وجواب

ما-هو-كتاب-الأغاني


أبو الفرج الأصفهاني

وهو أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد، قرشي من بني أميّة، ينتهي نسبه إلى مروان بن محمد البحتري. وتوفي عام 367هـ، في العام ذاته الذي توفي فيه سيف الدولة الحمداني، وكافور الإخشيدي، ومعز الدولة بن بويه. عُرف الأصفهاني بظرف المجلس، وحضور النكتة والبديهة، وعندما قدم إلى بغداد درس الأدب واللغة والتاريخ والأنساب والشعر والحديث على يد ابن دريد، وابن الأنباري، والأخفش، ونفطويه، وألمّ بكل تلك العلوم إلمامًا عظيمًا إلى جانب الطب والفلك والموسيقى، وقد ترك كل هذا خلفه في ثروة ضخمة من الكتب، منها كتاب الأغاني، فما هو كتاب الأغاني؟.[١]

ما هو كتاب الأغاني؟

وصل الغناء أوجه في العصر العباسي الأول، ولمّا اكتمل هذا الفن ونضج، قام مجموعة من الورّاقين بوضع كتاب في الغناء ونسبوه إلى اسحق بن ابراهيم الموصلي، ولكن كانت فائدته قليلة. ولذلك عُهٍد إلى أبي الفرج الأصفهاني بتأليف كتاب في فنّ الغناء العربي ليخلّد فيه أصوله وأشهر ألحانه، وكان هذا باعثه لتأليف الكتاب. وقد قال عنه ابن خلدون في مقدمته: "جمع فيه أخبار العرب وأشعارهم، وأنسابهم، ودولهم، وجعل مبناه على الغناء في المائة صوت التي اختارها المغنون للرشيد، فاستوعب ذلك أتم استيعاب وأوفاه. ولعمري إنه ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الأحوال، ولا يعدل به كتاب في ذلك فيما نعلمه، وهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ويقف عندها، وأنى له بها".[٢]

يعدّ الغناء المضوع الرئيس لكتاب الأغاني، فقد صدّره الأصفهاني بذكر المائة صوت للرشيد، ولم يكن هذا محتواه الوحيد، بل أتبعها الأصفهاني بثروة ضخمة من العلم والمعرفة من خلال اتّباعه منه الاستطراد، فهو يتحدث عن الصوت المختار، ثم الشعر المرتبط به، ثم مناسبة الأشعار، ويستطرد في ذكر المناسبة، وقد يذكر ممن خلالها الأنساب، وأخبار القبائل والفتن الطائفيّة، وحياة البادية وعاداتها وتقاليدها. بالإضافة إلى حياة الحضر وما فيها من قصر وبذخ وعادات أهلها واحتفالاتهم، وبهذا يكون قد توغّل في دروب المجتمع، وصوّره من خلال ما عرضه من من وصف قصصي ونوادر وأخبار.[٣]

منهج كتاب الأغاني في التأليف

كانت فكرة الأصفهاني تأليف كتاب الأغاني، وفق منهج يتفق والغناء مادة الكتاب الأساسية، فكان على طرائق الغناء، وطبقات المغنيين في أزمانهم ومراتبهم، بيد أنه لم يعمل بهذه الفكرة، وترك منهجه على ما هو عليه، محتجًّا بما يأتي:[٣]

  • الأصوات المختارة في كتاب الأغاني تجري على غير ترتيب زمني محدد للشعراء والمغنيين، والغرض من الكتاب ذكر الأغاني بأخبارها لا كتاب طبقات.
  • من الصعب أن يكون بعض المغنيين أولى من غيره بنسبة الصوت، لاشتراك بعض المغنيين في طرائقهم، وبالتالي من الصعب تصنيف الكتاب على الطرائق.
  • إن تصنيف الكتاب وفقًا لطبقات المغنيين أو طرائقهم، يجعل من الكتاب حشوًا وسردًا رتيبا مملا لأخبار المغني، وهذا مما رفضه المصنفون والرواه، ومخالفًا لم عُرف عن الأصفهاني من فكه مجلسه، وخفة ظله، وتنوّع أحاديثه الشائقة.

أهمية كتاب الأغاني

بعد ما قُدّم عن كتاب الأغاني فلابد من معرفة ما هي أهمية كتاب الأغاني التاريخيّة، ويمكن تقديم هذه الأهميّة كما قدمتها كتب المصادر الأدبية والتراثية في التراث العربي، وهي:[٤]

  • كان كتاب الأغاني أول كتاب اهتم بدراسة فن الغناء العربي، وتاريخ المغنيين منذ نشأة هذا الفن عند العرب، بل ومصدرا أساسيّا ووحيدًا لتاريخ الغناء والمغنميين في القرون الثلاثة الأولى، وقد اعتمده فارمر أساسًا لكتابه "تاريخ الموسيقى العربية".
  • قدّم الكتاب وصفًا تفصيليًا لجوانب الحياة في العصر الذي عاشه مؤلفه، فقد اهتمّ كتاب الأغاني بذكر أصناف الطعام والشراب، والملبس، وطرائق العيش بصورة عامة، مما جعل الكتاب مصدرًا للحضارة العربية لا غنى عنها.
  • كان أبو الفرج الأصفهاني في كتابه ناقدًا للأخبار التي ينقلها، فهو يروي الأخبار بأسانيدها، ولا يأخذ النصوص بعلّاتها، بل يمحّصها وينسب الكذب لأصحابه.
  • يعدّ كتاب الأغاني أغنى كتب عصره في أخبار الجاهلية والإسلام وبني أميّة.
  • يمثل الكتاب تطورًا ملحوظًا في الفن القصصيّ وأسلوب القصص في ذاك العصر.

مختصرات كتاب الأغاني

نظرًا لأهميّة كتاب الأغاني الأدبية والتاريخية، ولضخامته في الوقت ذاته، فقد ذهب كثير من العلماء إلى اختصاره بمناهج مختلفة؛ ليسهل تداوله ويعم الانتفاع به، ومن أشهر تلك المختصرات:

  • تجريد الأغاني من المثالث والمثاني: لـصاحبه ابن واصل الحموي جمال الدين محمد بن سالم، المتوفى سنة 697هـ، وكان منهجه فيه تجريده من الأسانيد والأصوات، وكل ما يتصل بفن الغناء، واكتفى بما فيه من أخبار وتراجم الأدبية، وقد نُشر الكتاب في القاهرة سنة 1955م بتحقيق مؤلف كتاب لسان العرب، والمتوفى سنة 711هـ، وكان منهجه فيه ترتيبه على حروف الهجاء، وأضاف مضيفًا إليه ترجمة واسعة لأبي نواس، ونشر الكتاب محققًا في القاهرة في ثمانية أجزاء سنة 1966م.[١]
  • وممن اختصره من الأقدمين: ابن المغربي المتوفى سنة 418هـ، وابن باقيا الحلبي المتوفى سنة 485هـ، والإمام اللغوي جمال الدين الأنصاري سنة 711هـ.[٤]
  • وفي العصر الحديث: اختصره المؤرخ محمد الخضري المتوفى سنة 1927م، وسمّى مختصره تهذيب الأغاني، وكان منهجه حذف الأسانيد وما لم يستحسن ذكره من الأشعار والأخبار، وجعله في قسمين: قسم خاص للشعراء، وقسم خاص للمغنين، ورتب الشعراء حسب العصور. وقد طبع الكتاب عدّة طبعات، أهمها طبعة بولاق الكاملة سنة 1868 وقد أعدّ فهرس كاملة لهذه الطبعة من المستشرقين المستشرق جويدي. ثم طبعة دار الكتب المصريّة التي خرجت في سبعة أجزاء سنة 1925م، وقد كانت محققة على أسس علمية. كما قام الدكتور إحسان النص بعمل "اختيارات من كتاب الأغاني" ونشر كتابه في 6 أجزاء، وفصل فيه بين الشعراء والمغنين، ورتبهم حسب العصور.

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت "أبو الفرج الأصفهاني"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-08-2019. بتصرّف.
  2. "كتاب الأغاني"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-09-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عز الدين اسماعيل (2003)، المصادر الأدبية واللغوية في التراث العربي (الطبعة الأولى)، عمان- العبدلي: الميسرة، صفحة 157- 158. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عز الدين إسماعيل، المصادر الأدبية واللغوية في التراث العربي، صفحة 159. بتصرّف.