من-هو-مجنون-ليلى-؟
محتويات
الشعر العذري
الشّعر العذريّ هو الشّعر العَفيف، وقد سمّي بذلك نسبة إلى قبيلة عُذرة[١]، وهي قبيلة عربيّة من قبائل اليمن، وقد اشتهر أبناء هذه القبيلة بعشقهم العفيف، وبجمال نسائهم، وبطبيعة بيئتهم المناسبة لمثل هذا الشّعر العفيف، فإن كان سبب تسمية الشّعر العذريّ نسبة إلى بني عذرة، فلا يعني ذلك بأنّه اقتصر عليهم، بل هناك شعراء الغزل العذريّ المتيّمين، من أهل نجد، عاش في فترة الخليفتين مروان بن الحكم وابنه عبد الملك بن مروان في القرن الأوّل الهجريّ في بادية ليلى بنت سعد العامريّة؛ التي نشأ معها منذ صغرهما وعشقها عشقًا جنونيًّا، فرفض أهلها أن يزوّجوها له، فهام على وجهه في الأرض، دون أن يحدّد وجهته، ينشد الأشعار، ويأنس بالوحوش بعد أن هجر النّاس، وراح يتغنّى بحبّه العذريّ، وهو يتنقّل من مكان إلى آخر في البلاد، فكان يُرى حينًا في بلاد الشّام وحينًا في بلاد الحجاز وحينًا آخر في نجد، إلى أن جاءت منيّته، فقد وُجد ميّتًا في منطقة وعرة مرميًّا بين الحجارة فحُمل إلى أهله، وهذه إجابة مختصرة على سؤال من هو مجنون ليلى؟[٣]
قصة مجنون ليلى مع ليلى الأخيلية
إغناءً للإجابة عن السّؤال المطروح: من هو مجنون ليلى؟ نشأ مجنون ليلى وابنة عمّه ليلى منذ صغرهما معًا، كانا يلعبان ويرعيان المواشي لأهلهما مع بعضهما أيّام الصّبا، وقد أحبّا بعض وكبر حبّهما معهما، فقد كانا رفيقين بحقٍّ في الطّفولة، وعشيقين في الصّبا، وعندما كبرت ليلى حجبها أبوها عن ابن عمها قيس، فاشتدّ به الوجد، وراح يتذكّر أيّام الصّبا البريئة ويتمنى عودتها، لينعم مع ابنة عمّه ومحبوبته، ثمّ تقدّم لخطبة ابنة عمّه مقدّمًا لها خمسين ناقة، ولكنّ عمّه رفض تزويجه؛ لأنّه صدح بحبّه لابنة عمّه في شعره، وكانت العرب تعيب على من ذاع صيته بالحبّ تزويجها ممّن أحبّها، ثمّ زوّجها أبوها من رجل آخر، فهام قيس على وجهه، وكاد يفقد عقله، ينشد أشعار الحبّ والشّوق الحزينة، والتي خلّدتها ذاكرة الأدب، من أشهرها قصيدته المؤنسة، ويقال: سمّيت بذلك لأنّه كان يردّدها ليأنس بها، ومطلعها:[٤]
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
- وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَّهوِ ناهِيا
وآخِرُهَا:
حَلَفتُ لَإِن لاقَيتُ لَيلى بِخَلوَةٍ
- أَطوفُ بِبَيتِ اللَهِ رَجلانَ حافِيا
وقد ترك أهله ودياره، ولكنّه لم يترك حبّه لليلى، أو ينساه إلى أن فارق الحياة.[٥]
وفاة مجنون ليلى
بعد أن اتّضحت الإجابة عن سؤال: من هو مجنون ليلى؟ بقي معرفة قصّة وفاته، بعد أن صدم مجنون ليلى من قرار عمّه برفضه كزوج لابنته، هامَ على وجهه في البراري والقفار، يقول الشّعر الحزين، الذي يكسّر القلوب، مستذكرًا ماضيه مع ابنة عمّه، ومتمنّيًا عودته، هاجرًا البشر مستأنسًا بالوحوش والشّجر، ومتنقّلًا من مكان إلى آخر، وقد روي بأن امرأة من قبيلته، كانت تنقل له الطّعام إلى مكان لجوئه في البادية كل يوم وتدعه وترجع، فإذا قدمت إليه في اليوم التّالي لم تجد الطّعام فتعلم بأنّه مازال حيًّا، إلى أن جاء اليوم الذي جاءت به إليه فوجدت الطعام كما هو فأبلغت أهله بما رأت، فأسرع أقاربه يبحثون عنه حتّى وجدوه ملقىً بين الأحجار في وادٍ كثير الحصى، وقد فارق الحياة، فحملوه إلى أهله، ووجدوا قد ترك بجانبه بيتين من الشّعر، هما:[٦]
تَوَسَّدَ أحْجَارَ المَهَامِهِ وَالْقَفْرِ
- وَمَاتَ جَريحَ الْقَلْب مَنْدَمِلَ الصَّدْرِ
فيا ليتَ هذا الحبَّ يعشقُ مرّةً
- فيعلمُ ما يلقى المحبُّ من الهجرِ
قد مات غريبًا عن أهله وعن النّاس جميعًا في البراري والقفار، وفي قلبه حسرة وغصّة بسبب بعده عن ليلى وشوقه إليها، كان ذلك سنة حوالي65هـ - 688م.
شعر مجنون ليلى
كما مرّ في المقال من خلال الإجابة عن السّؤال المطروح: من هو مجنون ليلى؟ بأنّه الشّاعر المتيّم قيس بن الملوّح، شهيد الحبّ والعشق، الذي أحبّ فعفّ وأخلص في حبّه، فقال أجمل شعر الغزل والحبّ في ليلى، وكذلك كانت ليلى الأخيليّة شاعرة، فكانا في صباهما يجتمعان ويتبادلان أشعار الحبّ حتى ذاع صيتهما فمنعت ليلى من رؤية مجنون ليلى، ومن شعر مجنون ليلى في الحبّ والغزل:
- قال مجنون ليلى عن بداية عشقهما:[٧]
تَعَلَّقتُ لَيلى وَهيَ غِرٌّ صَغيرَةٌ
- وَلَم يَبدُ لِلأَترابِ مِن ثَديِها حَجمُ
صَغيرَينِ نَرعى البَهمَ يا لَيتَ أَنَّنا
- إِلى اليَومِ لَم نَكبَر وَلَم تَكبَرِ البَهمُ
- فأجابته ليلى باكيًة لما سمعت:[٧]
كِلانا مُظهرٌ للناسِ بُغضاً
- وكلٌّ عندَ صاحبهِ مكينُ
تبلّغنا العيون بما أَردنا
- وَفي القلبينِ ثمّ هَوىً دفينُ
- ولمّا حُجبت ليلى عن قيس، أنشأ يقول:[٨]
أَلا حُجِبَت لَيلى وَآلى أَميرُها
- عَلَيَّ يَميناً جاهِداً لا أَزورُها
وَأَوعَدَني فيها رِجالٌ أَبَرَّهُم
- أَبي وَأَبوها خُشِّنَت لي صُدورُها
عَلى غَيرِ شَيءٍ غَيرَ أَنّي أُحِبُّها
- وَأَنَّ فُؤادي عِندَ لَيلى أَسيرُها
وَأَنّي إِذا حَنَّت إِلى الإِلفِ إِلفُها
- هَفا بِفُؤادي حَيثُ حَنَّت سُحورُها
- ورأى قيس يومًا سرب قطا، فقال:[٩]
شَكَوتُ إِلى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بي
- فَقُلتُ وَمِثلي بِالبُكاءِ جَديرُ
أَسِربَ القَطا هَل مِن مُعيرٍ جَناحَهُ
- لَعَلّي إِلى مَن قَد هَوَيتُ أَطيرُ
فَجاوَبنَني مِن فَوقِ غُصنِ أَراكَةٍ
- أَلا كُلُّنا يا مُستَعيرُ مُعيرُ
وَأَيُّ قَطاةٍ لَم تُعِركَ جَناحَها
- فَعاشَت بِضُرٍّ وَالجَناحُ كَسيرُ
- وقال أيضًا المجنون في ليلى:[١٠]
إِذا جاءَني مِنها الكِتابُ بِعَينِهِ
- خَلَوتُ بِبَيتي حَيثُ كُنتُ مِنَ الأَرضِ
فَأَبكي لِنَفسي رَحمَةً مِن جَفائِها
- وَيَبكي مِنَ الهِجرانِ بَعضي عَلى بَعضي
وَإِنّي لَأَهواها مُسيئاً وَمُحسِناً
- وَأَقضي عَلى نَفسي لَها بِالَّذي تَقضي
فَحَتّى مَتى رَوحُ الرِضا لا يَنالُني
- وَحَتّى مَتى أَيّامُ سَخطِكِ لا تَمضي
المراجع[+]
- ↑ إقبال بركة (1998م)، الحبّ في صدر الإسلام (الطبعة ، دار قباء، القاهرة، 1998م ص)، القاهرة: دار قباء، صفحة 35 . بتصرّف.
- ↑ د: يوسف بكار (1409 هـ- 2009م)، اتّجاهات الغزل في القرن الثّاني الهجري، دار المناهل للطباعة والنّشر والتّوزيع، بيروت- لبنان - ط1 1409 ه- 2009م ص 54 (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: دار المناهل للطباعة والنّشر والتّوزيع ، صفحة 53-54. بتصرّف.
- ↑ "قيس بن الملوح"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "تذكرت ليلى والسنين الخواليا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019.
- ↑ الدّكتور عمر فرّوخ (1981)، تاريخ الأدب العربي (الطبعة الرابعة)، بيروت - لبنان: دار العلم للملايين، صفحة 437، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "تَوَسَّدَ أحْجَارَ المَهَامِهِ وَالْقَفْرِ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019.
- ^ أ ب يسري عبد الغني (1420هـ-1999م)، ديوان قيس بن الملوّح "مجنون ليلى" (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلميّ، صفحة 29-28.
- ↑ "ألا حجبت ليلى وآلى أميرها"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019.
- ↑ "شكوت إلى سرب القطا إذ مررن بي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019.
- ↑ "إذا جاءني منها الكتاب بعينه"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019.