تفسير-الثوم-في-المنام
محتويات
الرؤى والأحلام
الرؤى والأحلام في معناها العام هي تلك التخيلات والتصورات التي تراود المرء خلال نومه، إلّا أنّ الإسلام قد فرّق بينها، فقد أُطلق مُصطلح الرؤيا على الأحلام التي تحمل في طيّاتها الخير الكثير، والتي تكون بمثابة رؤيا صالحةٍ صادقةٍ قابلةٍ للتحقق، أمّا الحلم فهو ما يراه المرء من الأشياء المخيفة التي تُحزنه، أو ما يراه من التخيلات غير المفهومة التي لا تفسير لها، والتي خصّها الإسلام باسم أضغاث الأحلام، وقد فصّل الرسول الكريم أمر الرؤى والأحلام، فقال: "الرُّؤْيا ثَلاثٌ: حَديثُ النَّفْسِ، وتَخْوِيفُ الشَّيْطانِ، وبُشْرَى مِنَ اللَّهِ"،[١]ويلجأ البعض إلى تفسير أحلامهم لمعرفة دلالاتها، لذا سيتم في هذا المقال تفسير الثوم في المنام، من خلال ما جاء في كتب تفسير الأحلام.[٢]
قواعد تفسير الأحلام
قبل الشروع في تفسير الثوم في المنام سيتم المرور على بعض القواعد التي يتّبعها أهل العلم في مسألة تفسير الأحلام، فمن الرؤى والأحلام ما يمكن تأويله ببساطةٍ ووضوح، ومنه ما يحتاج إلى الفراسة والذكاء والتمعّن في حالة الرؤيا وصاحبها، ومن القواعد العامّة المتّبعة في تفسير الأحلام ما يأتي:[٣]
- دلالة القرآن الكريم: في هذه الحالة يمكن تأويل الرؤيا بدلالة ما جاء في آيات القرآن الكريم، فمثلًا يمكن تأويل الحبل في المنام بدلالة القرآن الكريم بأنّه يدلّ على العهد، وذلك لقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}.[٤]
- دلالة الأحاديث النبوية: يُفسّر علماء التفسير بعض الأحلام بدلالة ما جاء في السنّة النبويّة، فمثلًا يدلّ الغراب على الرجل الفاسق، لما جاء في حديث الرسول الكريم، فقد قال: "الحيَّةُ فاسِقةٌ، والعَقْرَبُ فاسِقَةٌ، والفأْرَةُ فاسِقَةٌ، والغُرابُ فاسِقٌ".[٥]
- دلالة الأمثال الشعبية: قد يكون تفسير الحلم بدلالة الأمثال الشعبية السائدة بين الناس، كأن تكون الحفرة في المنام دلالةً على المكر، لقولهم "من حفر حفرةً لأخيه وقع فيها".
- دلالة الأسماء: من المفسّرين من يُعبّر الحلم بدلالة معاني الأسماء، كتفسير من رأى أحدًا باسم راشد بالرُشد المرأة كالرجل، لذا فلا يُعدّ أيّ تفسيرٍ قاعدةً ثابتةً يمكن الأخذ بها، إلّا أنّه وكلّما كان المُفسر أعلم بعلوم الدين والشريعة الإسلامية، وأحرص على اتباع سنّة رسول الله، وملمًّا باللغة العربية ومعاني كلماتها، كان التفسير أصدق وأقرب إلى المراد من الرؤيا.[٨]
سيتم تفسير الثوم في المنام من خلال ما ورد عن الشيخ عبد الغني النابلسي -رحمه الله-، فقد ذكر في كتابه "تعطير الأنام في تعبير المنام" في تفسير الثوم في المنام، أنّ الثوم ليس من الأمور المحمودة التي يراه المرء في منامه، فهو في غالب الأحيان يدلّ على الهمّ والحزن والغم والنكد، كما أنّ الثوم في المنام مالٌ حرام، وهو دلالةٌ على كلامٍ قبيحٍ، ومن رآه يستبدل الخير بالشر، ومن رأى في منامه أنّه يأكل الثوم فإنّه يُثنى عليه بثناءٍ قبيح، وأمّا من اقتلع الثوم فهو دلالةٌ على ضررٍ يلحق بمن رآه من جهة أقاربه، إلّا أنّ النابلسي -رحمه الله- ذكر أثناء حديثه عن تفسير الثوم في المنام، أنّ من رأى أنّه يأكل الثوم مطبوخًا فهو دليل التوبة من فاحشة كان يقوم بها، وعودةٌ عن خطأ، وقال بأنّ أكل الثوم خيرٌ للمريض فقط، فقد يكون دلالةً على الشفاء من المرض، والله تعالى أعلم.[٩]
ضوابط الحديث عن الرؤى
بعد بيان ما جاء في كتب التفسير عن تفسير الثوم في المنام، ورؤية ما يحمله من الهمّ والحزن وما إلى ذلك من الأمور غير المحمودة، وجب التنويه إلى بعض الضوابط التي يجب على المسلمين اتباعها في حديثهم عن رؤياهم، فمن الناس اليوم من يبالغ في حديثه عن رؤياه، ويبالغ في تصديقها ورفع مكانتها، بل إنّها أصبحت للبعض بمثابة تشريعٍ يتّبعه، أو يُعدّها نوعًا من أنواع مصادر الشريعة الإسلامية، بل إنّ أحكام الشريعة مبينةٌ على الوحي الصادق الذي نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومصادر التشريع هي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة فقط.
- يجب على المسلمين الحذر من تأويل الرؤيا عند المشعوذين والدّجالين، فإنّ الرؤيا إن صدقت لا يجب تأويلها إلّا عند أهل الاختصاص من علماء المسلمين.
- يُستحبّ ممن رأى رؤيا صالحةً صادقةً ألّا يقصّها إلّا على عالمٍ ناصح، إضافةً إلى من يُحب من الناس، لا أن يُبالغ في الحديث عنها في كلّ مجلس، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "الرُّؤيا على رِجْلِ طائرٍ ما لم تُعبَرْ، فإذا عُبِرَتْ وقَعَتْ، قال: وأحسَبُهُ قال: ولا يقُصُّها إلَّا على وَادٍّ، أو ذي رأيٍ".[١١]
- يجب على من رأى حُلمًا يُحزنه ويُخيفه، أو ما كان في تأويله ما يُزعجه ويضيق به صدره، ألّا يُلقي له بالًا فهو من الشيطان يُريد به تخويفه، وأن يتعوّذ بالله من شرّ الشيطان الرّجيم، وينفث على يساره ثلاثًا -والنفث هو إخراج الهواء مع قليلٍ من الريق-، ويُغيّر جنبه الذي ينام عليه، فإن تكررت هذه الأحلام المزعجة فيتوضأ ويُصلي ركعتين.
حكم الكاذب في منامه
يغفل البعض عن موضوعٍ في غاية الأهمية فيما يتعلّق بالرؤى والأحلام، ألا وهو الكذب فيما يراه المرء في منامه، لذا وبعد ما جاء ذكره في تفسير الثوم في المنام وبعض الأحكام والضوابط المتعلّقة بالرؤى والأحلام، وجب ذكر حكم الكاذب في منامه، فمن الناس من يختلق الأقاويل ويكذب فيما رآه، ومنهم من يزيد على الحلم، ومنهم من يدّعي أنّه رأى شيئًا وهو لم يره حقًا، وذلك بقصد لفت انتباه الناس أو إصلاح ذات البين، أو حتى بقصد تخويف أحدهم وترهيبه، ولكنّ هذا الأمر يُعدّ من كبائر الذنوب، لأنّ الكذب بحدّ ذاته ذنبٌ عظيم، أمّا في الرؤى والأحلام فإنّ الذنب يكون أشدّ وأعظم، لما جاء عن الرسول الكريم أنّه عدّ الرؤيا جزءًا من النبوّة، وقد حذّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أمر الكذب في المنام وتوعّد للكاذب بشديد العقاب، فقد جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ الرسول الكريم قال: "ومَن تحَلَّمَ كاذِبًا؛ دُفِعَ إليه شَعيرةٌ، وعُذِّبَ حتى يَعقِدَ بَينَ طَرَفَيْها، وليس بعاقِدٍ"،[١٢]وذلك كنايةً عن شدّة عذاب هذا الكاذب، والله تعالى أعلم.[١٣]المراجع[+]
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 7017، صحيح.
- ↑ "الرؤى والأحلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "آداب الرؤى وتفسير الأحلام"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 103.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 3204، صحيح.
- ↑ سورة النور، آية: 55.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 7168، إسناده قوي.
- ↑ "حكم تعبير الرؤى"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "كتاب: تعطير الأنام في تعبير المنام - الثوم"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "الرؤى والأحلام .. وقفات وأحكام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود ، في سنن أبي داود، عن أبو رزين العقيلي لقيط بن عامر ، الصفحة أو الرقم: 5020 ، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 10549 ، إسناده صحيح على شرط البخاري.
- ↑ "ادعت كذبا أنها رأت رؤيا لتمنع أخاها عن فعل شيء"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.