عذاب-القبر-لتارك-الصلاة

الصلاة

الصّلاة عمود الدّين، وهي ذات شأنٍ عظيم عند الله، لهذا فُرضت من فوق سبع سماواتٍ، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدّا رسول الله، وهي الحدّ الفاصل بين الإسلام والكُفر، والحد الفارق بين الإيمان والشرك، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة "، فالصلاة هي النجاة من النار، ولا يجوز التهاون فيها أبدًا، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- : "ولا تتركوا الصلاة عمدًا، فمن تركَها عمدًا متعمدًا فقد خرج من الملّة"، وفي هذا المقال سيتم التحدّث عن عذاب القبر لتارك الصلاة. ^[١]

فضل الصلاة

للصلاة فضلٌ عظيم، والحفاظ على الصلوات الخمس في أوقاتها يُعدّ سكينةً للنفس وراحة من كلّ هم وطهارة للروح، وحلقة وصلٍ بين الله والعبد، فالوقوف بين يديّ الله تعالى لأداء الصلاة يُعدّ من أعظم الأعمال وأقربها إلى الله تعالى، لهذا يجب الحفاظ عليها وحثّ الأهل والأبناء عليى إقامتها، إذْ يقولُ الله -سبحانه وتعالى- في محكم التنزيل: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى"^[٢]، ومن فضلها ما يأتي: ^[٣]

• منزلتها عظيمة، وتفوّقُها على العبادات عائدٌ إلى أنّها عماد الدّين، إذ لا يقوم دين العبد إلّا بها، ويقولُ -صلّى الله عليه وسلم-: "رأسُ الأمر الإسلام وعمودُه الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" ^[٤].
• أولُ ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن كانت صالحة صلُحت أعمال العبد، وإن فسدت فسدت كل أعماله، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله وإنْ فسدت فسدَ سائر عمله" ^[٥]).
• وصّى بها النبيّ -عليه السلام-، إذ إنها آخر ما أوْصى به قبل انتقاله للرفيق الأعلى حيث قال -عليه السلام-: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم" ^[٦]).
• تنهى عن الفحشاء وعن المنكر، خصوصًا إذا أُقيمتْ بخشوعٍ تامّ، إذْ يقولُ الله -سبحانه وتعالى-: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ" ^[٧].

حكم تارك الصلاة

يتناقلُ الناس بعض الأحاديث المنسوبة للرسول -عليه الصلاة والسلام- حول عذاب القبر وعقوبة تارك الصلاة في الدنيا وعقوبته في القبر وعقوبته يوم القيامة، بالإضافة إلى الحديث عن عذاب القبر بالتفصيل لتارك الصلاة وكيفيته، والأصل أنّ معظم هذه الأحاديث مكذوبة ومنسوبة للرسولِ -عليه الصلاة والسلام- زورًا، إذ إنّ ما وردَ عن عقوبة ترك الصلاة جاء في القرآن الكريم، حيثُ تتحدّثُ آيات القرآن الكريم عن عِظم منزلة الصلاة والوعيد في حقّ تاركها، ويقول الله تعالى: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" ^[٨]، وقوله تعالى أيضًا: "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ" ^[٩]، ومن هذا يتضّح أنّ ترك الصلاة ضلال وكفر، وتركها سبب للخلود في نار جهنّم، وحُكم من تركها وهو مُنكرٌ لوجوبها كافر بالإجماع، أما حكم من تركها تهاونًا فيجب عليه حُكم المرتد عن الإسلام، ومن تركها تكاسلًا فهو من المنافقين، ويقول الله -سبحانه وتعالى-: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا"^[١٠]. ^[١١]

عذاب القبر لتارك الصلاة

عذاب القبر لتارك الصلاة من المسائل التي يخوض بها معظم الناس، وكما تقدّم ذكرُه فإنّ تارك الصلاة من باب الجحود لوجوبها يُعدّ كافرًا، ومن مات على ذلك فهو كافر وخارج من الملّة بإجماع جمهور العلماء، ومن المعروف أن الكافر يُعذّب في قبره، أمّا إن كان تاركّا للصلاة بسبب التكاسل فهو ليس بكافر، وذلك بإجماع أهل العلم باستثناء الحنابلة، أما ترك الصلاة وعدم أدائها وتضييعها فهو أحد أسباب عذاب القبر، والالتزام بها والحفاظ عليها من طرق النجاة من عذاب القبر، وكما ورد في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الكافر يضغط عليه القبر فتختلف أضلاعه، ويُرى مقعده من جهنّم ليلًا ونهارًا، وهذه هي عقوبة تارك الصلاة في القبر، وصوره من صور عذاب القبر لتارك الصلاة أما المُصلّي فإن صلاته تُدافع عنه وتكون عند رأسه، أمّا ما ذُكر عن عذاب القبر لتارك الصلاة بشكلٍ تفصيليّ في أحاديث موضوعة فلا أساس له من الصحة،^[١٢]، فشأن الصلاة عظيمٌ جدًا، وتركها ذنبٌ عظيم ويُعدّ من أكبر الكبائر، كما أنّ الإثم المترتب على تركها أعظم من إثم الزنا وقتل النفس، وأكبر من إثم شرب الخمر والربا والسرقة، وهذا بإجماع جمهور العلماء؛ وذلك لأنّ تركها يُعدّ تهاونًا في حق الله تعالى، وهي أوّل ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، والقبر هو أولى منازل الآخرة. ^[١٣]، ومن عقوبات ترك الصلاة أنّ نفس الإنسان تفسد وتتعرض للإهمال، لأنّ ترك الصلاة من المعاصي، والمعصية تترك أثرها السيء على صاحبها فتنقطع النعم عنه ويسقط جاه العاصي وتسقط كرامته ومنزلته عندَ الله، وتسقط هيبته في قلوب العباد، ومن أهمّ العقوبات التي تلحق بتارك الصلاة أيضًا: سوء الخاتمة، والمعيشة الصعبة المليئة بالضنك، والجدير بالذكر أن بعض العلماء كفّروا تارك الصلاة وجعلوا دمه مستباحًا، وهذا في مذهب الإمام أحمد، أما بعض العلماء فقالوا إنّ تارك الصلاة يُقتل من باب إقامة الحد عليه وليس من باب التكفير، أما الإمام الشافعي والإمام مالك فكان قولهم بحبس من لا يُصلّي حتى يُصلّي، أما الإمام حنيفة فكان رأيه أن يُستتاب تارك الصلاة، فإن لم يتب يُقام عليه حدّ الردّة، وذلك لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد" ^[١٤][١٥]

يوجد حديث للرسول -عليه الصلاة والسلام- حول عذاب القبر وكيف أنّ العبادات تُدافع عن المؤمن عندما يُوضع في قبره، ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمنًا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة ما قبلي مدخل، ثم يؤتي من قبل رجليه فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس ما قبلي مدخل، فيقال له اجلس فيجلس وقد مثلت له الشمس وقد أدنيت للغروب فيقال له أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه، وماذا تشهد به عليه، فيقول: دعوني حتى أصلي فيقولون إنك ستفعل أخبرني عما نسألك عنه أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه وماذا تشهد عليه، قال: فيقول: محمد أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله، فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال له: هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسروراً، ثم يفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها لو عصيته فيزداد غبطة وسرورًا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا وينور له فيه ويعاد الجسد لما بدأ منه فتجعل نسمته في النسم الطيب وهي طير يعلق في شجر الجنة، قال فذلك قوله تعالى: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" إلى آخر الآية، قال: وإن الكافر إذا أتي من قبل رأسه لم يوجد شيء ثم أتي عن يمينه فلا يوجد شيء ثم أتي عن شماله فلا يوجد شيء ثم أتي من قبل رجليه فلا يوجد شيء، فيقال له: اجلس فيجلس خائفًا مرعوبًا، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه وماذا تشهد به عليه، فيقول أي رجل، فيقال الذي كان فيكم فلا يهتدي لاسمه حتى يقال له محمد فيقول ما أدري سمعت الناس قالوا قولًا فقلت كما قال الناس، فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له: هذا مقعدك من النار وما أعد الله لك فيها فيزداد حسرة وثبورًا، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له: ذلك مقعدك من الجنة وما أعد الله لك فيه لو أطعته فيزداد حسرة وثبوراً ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه فتلك المعيشة الضنكة التي قال الله فإن له معيشة ضنكًا ونحشرة يوم القيامة أعمى" ^[١٦]. يُوضّح هذا الحديث الشريف عذاب القبر ونعيمة بصورة عامة دون أن يُخصص عذاب القبر لتارك الصلاة، لأنّ عذاب القبر لتارك الصلاة بشكلٍ تفصيلي لا يعلمه إلّا الله تعالى، وكما ذُكر سابقًا فإنّ الأحاديث المتواردة عن عذاب القبر لتارك الصلاة معظمها أحاديث موضوعة، ويجب التأكد من صحتها قبل تداولها. ^[١٢]

فيديو عن تعويد النفس على الصلاة

المراجع[+]

1. ↑ الصلاة .. الصلاة, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.
2. ↑ {طه: آية 132}
3. ↑ فضل الصلاة, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.
4. ↑ سنن الترمذي ح (2616) وابن ماجه ح (3973) وصحّحه الألباني
5. ↑ المعجم الأوسط ح (1859
6. ↑ مسند الإمام أحمد ح (26526
7. ↑ {العنكبوت: آية 45}
8. ↑ {مريم: آية 59}
9. ↑ {الماعون: الآيات 4،5}
10. ↑ {النساء: آية 142}
11. ↑ الحكم على حديث: (من ترك الصلاة عوقب بخمس عشرة عقوبة..), ، "www.binbaz.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.
12. ^ ^{أ ب} عذاب تارك الصلاة في القبر, ، "www.fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.
13. ↑ أهمية الصلاة وخطورة تركها, ، "www.fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.
14. ↑ رواه الترمذي وصححه
15. ↑ عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة, ، "www.fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.
16. ↑ حسّنه الشيخ الألباني
17. ↑ تعويد النفس على الصلاة, ، "www.youtube.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 30-7-2018، بتصرّف.