ما-هو-صلح-الحديبية

مفهوم الصلح

الصّلح هو عقد يقوم على رفع الخصام، والمنازعة، وقد جعله الله- تعالى- جائزًا و مشروعًا،^[١] وله عدّة أسماء منها العهد والسّلم، والميثاق والهدنّة، وقد أخبر الله -عزّ وجلّ- عنه في كتابه بأنّه خير، بدليل قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}،^[٢] وقد كتب عمرُ بنُ الخطابِ إلى أبي موسى الأشعريِّ يخبره: "بأنّ الصّلحُ جائزٌ بين المسلمين، إلّا صلحًا أحلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالًا"،^[٣] فهذا يدل على أنّ من شروط الصّلح ألّا يحلّ حرامًا ولا يحرّم حلالًا، فإن كان كذلك فهو يُعدّ باطلًا ومردودًا، لذلك كان الصّلح مهم في حياة المجتمع المسلم؛ لإنّه يدفع عنها الفساد، ويحمي المجتمع من التّفكّك والنّزاع، ويُعدّ لمكة المكرمة، ويرى في منامه رؤيا أثلجت صدره، وهي دخول مكة معتمرًا، وفي ما يأتي تفصيل أحداث صّلح الحديّبية:

• رؤيا الأنبياء حقّ: فقد أجمع أهل العلم على أنّ رؤيا أمّ المؤمنين أم سلمة هي رفيقة النّبي الكريم في رحلته، وكان ذلك في السّنة السادسة من الهجرة.^[٩]
• الحديبية: أحرم النّبي الكريم وأصحابه من ذي الحليّفة، حتى إذا وصلوا إلى الحديّبية -وهي قَرْيةٌ قَريبةٌ مِن مَكَّةَ، سُمِّيتْ باسمِ بِئرٍ- علمت قريش بقدومهم، فجمعت مقاتليها حتى يمنعوهم من دخول مكة، فبعث النّبي الكريم الصّحابي عثمان بن عفان يحمل معه كتاب لأشراف مكة يخبرهم أنّهم جاؤوا معتمرين ومحرمين، فأُشيع خبر قتله.^[١٠]
• بيعة الرضوان: لقد بايع النّبي -عليه السّلام- أصحابه تحت شجرة، على القتال وعدم الفرار، عندما علم بأنّ عثمان قد قُّتل، فصدقوا بالبيعة؛ فجاءهم الرّضا من الله عزّ وجلّ، لذلك سميت ببيعة الرّضوان، بدليل أنّ الله -تعالى- قال: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.^[١١]
• صلح الحديبية: قد بعثت قريشًا رجلًا اسمه عروة بن مسعود؛ ليتفاوض مع الرّسول الكريم، لكنّه رجع إلى قريش متعجبًا من حال الصّحابة في تعاملهم مع النّبي الكريم وكيف يعظموه، فقد قال: "واللهِ إنْ رأيتُ ملِكًا قَطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ مُحمَّدًا"^[١٢] ثمّ أرسلت قريشًا رجلًا آخر أسمه سهيل بن عمرو لعقد صلح الحديبية، فلما رآه النّبي الكريم قال: " قد سَهُلَ لكم مِن أمرِكم"،^[١٣] ثمّ دعا بالصّحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ ليكتب فقال: "بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قالَ سُهَيْلٌ: أمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ ما أدْرِي ما هو ولَكِنِ اكْتُبْ باسْمِكَ اللَّهُمَّ كما كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: واللَّهِ لا نَكْتُبُهَا إلَّا بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبْ باسْمِكَ اللَّهُمَّ".^[١٣]
• مشورة أمّ سلمة: استشار النّبي الكريم زوجته أمّ سلمة عندما امتنع أصحابه عن تلبية أمره بالتّحلل، فأشارتْ عليه أمُّ سلمةَ رضيَ اللهُ عنها بأنْ لا تتكلَّمْ معَ أحدٍ منهمْ كلمةً، حتى تنحَرَ بُدْنَكَ، وتدْعوَ حالِقكَ فيَحلِقَكَ، فرضِيَ النبيُّ صلى عليه وسلم،^[١٢] ثم خرج، ففعل، فقام الصحابة فتحللوا، حتى كادوا يقتلون بعضهم بعضًا من الغيظ، فهذا دليلٌ على تكريم الإسلام للمرأة وأنّها ذات فكرِ يؤخذ برأيها ومشورتها.^[٩]

بنود صلح الحديبية

أسفرت المفاوضات على صلحٍ في ظاهره الدنيّة والهوان، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله: "يا رسولَ اللهِ، ألسْتَ نبيَّ اللهِ؟ قال: بلَى، قلتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعَدُوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بلى، قال: فلِم نُعطِي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا؟"،^[١٢] لكنّ الرسول الكريم كان موقنًا بأن صلح الحديّبية يحمل كلّ معاني الفتح والنّصر للمسلمين، فمن بنوده:

• وقف الحرب بين الكفار والمسلمين مدّة عشر سنوات.
• رجوع المسلمون إلى المدينة و تأجيل العمرة عامًا كاملًا.
• من أراد أن يدخل في عهد قريش فليدخل، ومن أراد أن يدخل في عهدٍ محمّد فليدخل.
• ردّ الّنبي الكريم من يأتي إليه من قريش مسلمًا دون علم وليه، وألّا ترد قريشًا من يأتيها مرتدًا.^[١٤]

نتائج صلح الحديبية

كان صلح الحديّبية فتحًا مبينًا، يحمل كلّ مظاهر النصر، والقوة للمسلمين الّتي ظهرت واضحة المعالم لصالح الإسلام وأهله، بدليل ما أخبر عنه الله -عزّ وجلّ- في كتابه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}،^[١٥] فترتّبت النتائج لصالح المسلمين، كانت كما يأتي:

• أعطى الصّلح هدّنة لتتعرف القبائل على الإسلام.
• زادت هيبة المسلمين في قلوب الكفار والمشركون.
• استعداد النّبي -عليه السّلام- وأصحابه للجهاد في سبيل الله خارج الجزيرة العربية.
• مكّن الصّلح المسلمين من إرسال الرسائل إلى الملوك ككسرى وقيصر.
• كان صلح الحديبية مقدّمة لفتح مكة.^[١٦]

المراجع[+]

1. ↑ "الصلح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2020. بتصرّف.
2. ↑ سورة النساء، آية: 128.
3. ↑ رواه ابن تيمية، في منهاج السنة، عن جعفر بن برقان، الصفحة أو الرقم: 6/71، إسناده ثابت.
4. ↑ "أهمية الصلح في الشريعة الإسلامية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2020. بتصرّف.
5. ↑ رواه القسطلاني، في المواهب اللدنية، الصفحة أو الرقم: 1/171، من أصح ما يحتج به في تفضيل مكَّة على المدينة.
6. ↑ "الموسوعة العقائدية ، تبرك بدعي"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2020. بتصرّف.
7. ↑ "مقامات الوحي، واستحالة التباسه بغيره"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2020. بتصرّف.
8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سلمة بن الأكوع، الصفحة أو الرقم: 1807، صحيح.
9. ^ ^{أ ب} "صلح الحديبية وشروطه"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2020. بتصرّف.
10. ↑ "الموسوعة الحديثية ،شروحها، صلح الحديبية"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2020. بتصرّف.
11. ↑ سورة الفتح، آية: 18.
12. ^ ^{أ ب ت} رواه البيهقي، في دلائل النبوة، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم: 4/99، له شواهد.
13. ^ ^{أ ب} رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم: 2731، صحيح.
14. ↑ "بنود صلح الحديبية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2020. بتصرّف.
15. ↑ سورة الفتح، آية: 1.
16. ↑ "صلح الحديبية وفقه المآلات"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2020. بتصرّف.