ما-هي-فدية-الصيام
الصيام
قبل الإجابة على سؤال ما هي فدية الصيام تجدر الإشارة إلى معنى الصيام وأقسامه، حيث يُعرّف لغةً بالإمساك، كما جاء في قول الله تعالى أخبرًا عن مريم: {إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا}،[١] والمقصود أنها نذرت الامتناع عن الكلام مع البشر، وأما اصطلاحًا فيُعرّف على أنه الإمساك عن سائر المفطرات كالأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبدًا لله تعالى،[٢]ومن الجدير بالذكر أن الصيام ينقسم إلى عدة أنواع، فمنه ما هو واجب كصوم رمضان، وصوم الكفارات والنذر، ومنه ما هو مسنون كصيام اليوم التاسع، والعاشر من شهر محرم، ومنه ما هو مُستحب كصوم الأيام البيض من كل شهر، وخلال المقال ستتم الإجابة على سؤال ما هي فدية الصيام.[٣]
ما هي فدية الصيام
قد يتساءل البعض ما هي فدية الصيام، وللإجابة على هذا السؤال ينبغي الإشارة إلى معنى الفدية لغة واصطلاحًا، حيث تُعرّف الفدية لغةً على أنها ما يُقدم من مال لتخليص الأسير أو غيره، وأما اصطلاحًا فتُعرّف الفدية على أنها ما يقدمه العبد لربه -عز وجل- مقابل تقصيره في عبادة معينة، وقد تكون مالًا، أو هديًا، أو طعامًا، أو صيامًا،[٤] وفدية الصيام هي ما يقدمه العاجز عن صوم رمضان لعذر شرعي كالمرض المزمن إفطار المريض ليحمي نفسه، أو كبر السن، فلا يجب عليه الصوم، وإنما تجب عليه الفدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم لم يصمه، مصداقًا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}،[٥] ورى البخاري بسند صحيح عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال مُفسرًا للآية الكريمة: "ليسَتْ بمَنْسُوخَةٍ هو الشَّيْخُ الكَبِيرُ، والمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعانِ أنْ يَصُوما، فيُطْعِمانِ مَكانَ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينًا".[٦][٧]
اتفق جمهور الفقهاء وعلى رأسهم الإمام الشافعي على مشروعية الفدية في الصيام عند اليأس من إمكانية قضاء الأيام التي أفطرها بسبب الشيخوخة، أو مرض لا يتوقع شفائه، واستدلوا بالآية القرآنية الكريمة في سورة البقرة، والتي سبق ذكرها، وذهب ابن قدامة في المغني إلى أن فدية الصيام للشيخ الكبير والعجوز، أو المريض الذي لا يُرجى شفائه وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وفي حال العجز عن الإطعام، فلا شيء عليهما، إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وقد ذهب أهل العلم إلى عدم مشروعية الفدية في حال الإصابة بمرض طارئ يرجى شفائه، بل يجب الانتظار إلى حين الشفاء من المرض وقضاء الصيام، وحتى تكون الإجابة على سؤال ما هي فدية الصيام كافية وافية تجدر الإشارة إلى صفة الإطعام المذكور في آية الفدية، حيث ذهب أهل العلم إلى جواز إعداد طعام ودعوة المساكين إليه، أو إعطاء كل مسكين نصف صاع من الطعام كالأرز، ونحوه، وهو ما يساوي كليو غرام ونصف كليو غرام من طعام أهل البلد كالتمر، أو الأرز، أو غيرها، ويجوز أن تدفع الفدية لمسكين واحد، أو عدة مساكين، وفي أول الشهر، أو نصفه، أو آخره، وهكذا تمت الإجابة على سؤال ما هي فدية الصيام.[٧]
كفارة الإفطار في رمضان
من الأمور التي ينبغي الإشارة إليها عند الإجابة على سؤال ما هي فدية الصيام كفارة الإفطار في رمضان، وذلك لأن الكثير من الناس قد يلتبس عليهم الفرق بين الفدية والكفارة في الصوم، وقد سبق الحديث عن الفدية بالتفصيل، وأما الكفارة فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها خاصة بمن أفطر في نهار رمضان متعمدًا بالجماع، وذهب بعض أهل العلم أنها تشمل من كل تعمد انتهك حرمة رمضان، والإفطار فيه سواءً كان ذلك بالجماع، أو الأكل، أو الشرب، والجدير بالذكر أن كفارة الصوم هي إعتاق رقبة مؤمنة، وفي حال عدم الاستطاعة، فصيام شهرين متتابعين، وفي حال عدم الاستطاعة، إطعام ستين مسكين، مصداقًا لما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: هَلَكْتُ، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وَما أَهْلَكَكَ؟ قالَ: وَقَعْتُ علَى امْرَأَتي في رَمَضَانَ، قالَ: هلْ تَجِدُ ما تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قالَ: لَا، قالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قالَ: لَا، قالَ: فَهلْ تَجِدُ ما تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قالَ: لَا، قالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ، فَقالَ: تَصَدَّقْ بهذا".[٨][٩]
مبطلات الصيام
بعد الإجابة على سؤال ما هي فدية الصيام، تجدر الإشارة إلى مبطلات الصيام، وهي الأكل والشرب عمدًا لقول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}،[١٠] أو ما بمعنى الأكل والشرب كالإبر المغذية التي تُغني عن الأكل والشرب، ومن مُبطلات الصيام أيضًا: القيء العمد والجماع وإنزال المني بشهوة، بالإضافة إلى مرور المرأة بفترة الحيض والنفاس، وأخيرًا عند خروج الدم أثناء القيام بالحجامة.[١١]
فضل الصيام
خص الله تعالى عبادة الصوم بالعديد من الفضائل، منها أنّه أحد أبواب الخير، وسبب لمغفرة الذنوب وتكفير الخطايا ونيل الأجر العظيم، فالصيام يُنجّي صاحبه من عذاب النار، ومن ذلك ما جاء في السنة النبوية الشريفة أنّ صيام يوم في سبيل الله سبب لمباعدة الله تعالى وجه الصائم عن النار سبعين خريفًا، وقد أعدّ الله تعالى للصائمين بابًا في الجنة يدخلون منه يُعرف بباب الريّان، هذا بالإضافة إلى أنّ الصيام لا يعدله ولا يُماثله أي شكل من أشكال العبادات الأخرى.[١٢]المراجع[+]
- ↑ سورة مريم، آية: 26.
- ↑ "مفهوم الصيام: لغة وشرعاً"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "أقسام الصيام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى فدية في معجم المعاني الجامع "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 183،184.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عطاء بن أبي رباح، الصفحة أو الرقم: 4505 ، صحيح.
- ^ أ ب "مقدار الفدية التي في آية الصيام"، Www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2019.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1111 ، صحيح.
- ↑ "الفرق بين الفدية والكفارة"، Www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 187.
- ↑ "من مفسدات الصيام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "فضائل الصيام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2019. بتصرّف.