سؤال وجواب

معلومات-عن-عروة-بن-الورد


الشعراء الصعاليك

مصطلح الصعاليك مصطلح عربيّ قديم انتشر في أيام الجاهلية، وهو اسم يُطلق على ثلَّة من الرجال العرب، ينتمي هؤلاء الرجال إلى أكثر من قبيلة واحدة، عاشوا قبل الإسلام وكانوا خارجين على سلطة القبيلة، فهم في الأصل لم يعترفوا بسلطة القبيلة فتعرَّضوا للطرد من قبائلهم، ولأنَّهم اشتركوا في المعاناة نفسها، اجتمع هؤلاء وعاشوا معًا في البادية بعيدًا عن أعين الناس، ومن الجدير بالذكر إنَّ الصعاليك كانوا شعراء مجيدين، رُويتْ عنهم قصائد من عيون الشعر العربي، ومن أشهر هؤلاء الشعراء الصعاليك: الشنفرى، تأبط شرًّا، عروة بن الورد وغيرهم، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على أحد شعراء الصعاليك وهو الشاعر عروة بن الورد.[١]

عروة بن الورد

قيل في نسب عروة إنَّه ابن الورد بن زيد، وقيل هو ابن عمرو بن زيد بن عبد الله بن ناشب بن هريم بن لديم بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد ين قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، ولقبُهُ عروة الصعاليك، يُذكر عن عروة أنَّه الصعلوك الذي جمع الصعاليك وقام بأمرهم، ويُنسب إليه تنظيم شؤون في بادئ الأمر، وهو شاعر من الشعراء الصعاليك الذين عاشوا في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وفارس من فرسان العرب المشهورين في الجاهلية، كان عروة يسرق ويطعم الفقراء، دأبه في هذا دأب الصعاليك الذين امتهنوا سرقة الأغنياء وإطعام الفقراء.[٢]

كان عروة بن الورد كريمًا شجاعًا، عُرفت عنه المروءة والفروسية، حتَّى قال عنه عبد الملك بن مروان: "من قال إن حاتمًا أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد"، وقد جاء في كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني عن عروة: "كان عروة بن الورد إذا أصابتِ النَّاس سنيّ شديدة تركوا في دارهم المريض والكبير والضعيف، وكان عروة بن الورد يجمع أشباه هؤلاء من دون الناس من عشيرته في الشدة، ثمَّ يحفر لهم الأسراب ويكنف عليهم الكنف ويكسبهم، ومن قوي منهم -إما مريض يبرأ من مرضه، أو ضعيف تثوبُ قوته- خرج به معه فأغارَ، وجعلَ لأصحابِهِ الباقين في ذلك نصيبًا، حتى إذا أخصب الناس وألبنوا وذهبت السنة ألحق كل إنسان بأهلِهِ وقسَّم له نصيبَهُ من غنيمةٍ إنْ كانوا غنموها، فربَّما أتى الإنسان منهم أهله وقد استغنى، فلذلك سُمّي عروة الصعاليك"، ولم تذكر المصادر تاريخًا صريحًا لميلاد عروة، ولكنَّ المتَّفق عليه أنَّ عروة توفي عام 607 ميلادية.[٣]

زوجة عروة بن الورد

زوجة عروة بن الورد هي سلمى الغفارية، وهي امرأة من بني كنانة، كانت تُكنَّى بأم وهب، وهي امرأة أصابها عروة حين أغار على أهلها، كانت سلمى الغفارية بكرًا فأعتقها عروة وتزوجها، وكانت راغبة به هي أيضًا، فعاش معها ما يزيد على عشر سنين، وأنجبت له ولدًا، وقد جاء ذكر سلمى امرأة عروة في شعره؛ حيث يُذْكَرُ أنَّ سلمى كانت تلوم زوجها عروة على ما يقوم به في غاراته، فإنَّه يعرِّض نفسه للخطر والموت في سبيل فقراء قومه، فيردُّ عروة بن الورد على زوجته التي لامته على أفعاله قائلًا:[٤]

أَقِلّي عَلَيَّ اللَومَ يا بِنتَ مُنذِرٍ

وَنامي وَإِن لَم تَشتَهي النَومَ فَاِسهَري

ذَريني وَنَفسي أُمَّ حَسّانَ إِنَّني

بِها قَبلَ أَن لا أَملِكَ البَيعَ مُشتَري

أَحاديثَ تَبقى وَالفَتى غَيرُ خالِدٍ

إِذا هُوَ أَمسى هامَةً فَوقَ صُيَّرِ

لقد خلَّد عروة اسم زوجته في تاريخ الأدب العربي من خلال هذه الأبيات، وهو بهذا الحوار يرد عليها ويأمرها أن تنام وتستريح فيتوقف لومها له، أو أن تبقى ساهرة معه ولكن دون أن تلومه أبدًا، ثمَّ يشرح لها أسبابه التي تدفعه للمخاطرة بعمره، وأبرز هذه الأسباب هو رغبته في تخليد اسمه على ألسنة الناس بالذكر الحسن الحميد بعد موته.[٤]

عروة بن الورد وعنترة بن شداد

كان عروة بن الورد وعنترة بن شداد من خيرة شعراء الجاهلية، عروة شاعر صعلوك وخير الشعراء الصعاليك، وعنترة صاحب معلقة من عنترة بن شداد وعروة بن الورد في حرب داحس والغبراء، الحرب الطويلة التي قامت بين قبيلتي عبس وذبيان والتي راح ضحيتها خلق كثير من العرب في الجاهلية.[٥]

قصائد عروة بن الورد

لا بدَّ في نهاية الحديث عن الشاعر الجاهلي الصعلوك عروة بن الورد، أنَّ يتم المرور على أشهر قصائد هذا الشاعر، فتجربة الشاعر الشعرية هي سيرة ذاتية لحياته ونفسيته وطبعه، ولمعرفة خفايا الشاعر لا بدَّ من الاطلاع على بعض ما ورد من تجربته الأدبية، فهي في النهاية رأس ماله الوحيد، وهي كلُّ ما بقي منه، وفيما يأتي بعض قصائد الشاعر عروة بن الورد:

  • يقول عروة في إحدى قصائده:[٦]

أَيا راكِبًا إِمّا عَرَضتَ فَبَلِّغَن

بَني ناشِبٍ عَنّي وَمَن يَتَنَشَّبُ

أَكُلُّكُمُ مُختارُ دارٍ يَحُلُّها

وَتارِكُ هُدمٍ لَيسَ عَنها مُذَنَّبُ

وَأَبلِغ بَني عَوذِ بنِ زَيدٍ رِسالَةً

بِآيَةِ ما إِن يَقصِبونِيَ يَكذِبوا

فَإِن شِئتُمُ عَنّي نَهَيتُم سَفيهَكُم

وَقالَ لَهُ ذو حِلمُكُم أَينَ تَذهَبُ
  • ويقول عروة أيضًا:[٧]

بُنيتَ عَلى خُلقِ الرِجالِ بِأَعظُمٍ

خِفافٍ تَثَنّى تَحتَهُنَّ المَفاصِلُ

وَقَلبٍ جَلا عَنهُ الشُكوكَ فَإِن تَشَأْ

يُخَبِّركَ ظَهرَ الغَيبِ ما أَنتَ فاعِلُ
  • ويقول عروة أيضًا:[٨]

إِلى حَكَمٍ تَناجَلَ مَنسِماها

حَصى المَعزاءُ مِن كَنَفَي حَقيلِ

وَلَم أَسأَلكِ شَيئًا قَبلَ هاتي

وَلَكِنّي عَلى أَثَرِ الدَليلِ

وَكانَت لا تَلومُ فَأَرَّقَتني

مَلامَتُها عَلى دَلٍّ جَميلِ

وَآسَت نَفسَها وَطَوَت حَشاها

عَلى الماءِ القَراحِ مَعَ المَليلِ
  • ومن شعر عروة أيضًا:[٩]

أَرى أُمَّ حَسّانَ الغَداةَ تَلومُني

تُخَوِّفُني الأَعداءَ وَالنَفسُ أَخوَفُ

تَقولُ سُلَيمى لَو أَقَمتَ لِسِرِّنا

وَلَم تَدرِ أَنّي لِلمُقامِ أُطَوِّفُ

لَعَلَّ الَّذي خَوَّفتِنا مِن أَمامِنا

يُصادِفُهُ في أَهلِهِ المُتَخَلِّفُ

إِذا قُلتُ قَد جاءَ الغِنى حالَ دونَهُ

أَبو صِبيَةٍ يَشكو المَفاقِرَ أَعجَفُ
  • ويقول عروة بن الورد:[١٠]

أَلَيسَ وَرائي أَن أَدِبَّ عَلى العَصا

فَيَشمَتَ أَعدائي وَيَسأَمُني أَهلي

رَهينَةُ قَعرِ البَيتِ كُلَّ عَشِيَّةٍ

يُطيفُ بِيَ الوِلدانُ أَهدُجُ كَالرَألِ

أَقيموا بَني لُبنى صُدورَ رِكابَكُم

فَكُلُّ مَنايا النَفسِ خَيرٌ مِنَ الهَزلِ

فَإِنَّكُمُ لَن تَبلِغوا كُلَّ هِمَّتي

وَلا أَرَبي حَتّى تَرَوا مَنبِتَ الأَثلِ

المراجع[+]

  1. "صعاليك"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  2. "أخبار عروة بن الورد ونسبه"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  3. "عروة بن الورد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "قصيدة عروة بن الورد "أقلي علي اللوم يا بنة منذر" قراءة في المعاني والأساليب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  5. "حرب داحس والغبراء"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  6. "أيا راكبا إما عرضت فبلغن"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019.
  7. "بنيت على خلق الرجال بأعظم"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019.
  8. "إلى حكم تناجل منسماها"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019.
  9. "أرى أم حسان الغداة تلومني"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019.
  10. "أليس ورائي أن أدب على العصا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019.