من-هو-النابغة-الذبياني
محتويات
شعراء الطبقة الأولى
كثيرون من قسَّموا شعراءَ العرب إلى طبقات، وضعوا في الطبقة الأولى نخبةَ الشَّعراء الجاهليين وأصحاب المعلَّقات، ومن ثمَّ وضعوا في الثانية الشعراء الأقل فحولة بحسب تقديرهم فالأقل في الطبقات الأخرى، فأبو زيد القرشي صاحب كتاب جمهرة شعراء العرب جعل في الطبقة الأولى كلًّا من الشعراء الآتية أسماؤهم: امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني ولبيد بن ربيعة والأعشى وعمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد وعنترة بن شداد، ومثلَهُ فَعَلَ أبو عبد الله محمد بن سلام الجمحي، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على شاعر من شعراء الطبقة الأولى عند القرشي وابن سلام، وهو النابغة الذبياني، حيث سيجيب عن السؤال القائل: من هو النابغة الذبياني.
من هو النابغة الذبياني
في الإجابة عن سؤال: من هو النابغة الذبياني، يجدر أن يُذكر نسبُه، فهو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، يكنَّى بأبي أمامة، وقومه قوم مرَّة بن عوف يرجع أصلهم إلى مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة من قريش من قبائل كنانة لكنَّه جدَّه عوف بن لؤي خرج من قومه والتحق ببني ذبيان من غطفان، وقد لُقِّب زياد بن معاوية بالنَّابغة لأنَّه نبغ في الشعر، فكان شاعرًا من أبدع شعراء عصره، ويقوا بان قتيبة إنَّ النابغة سُمِّي بهذا الاسم لقوله في بيت شعر من شعره:
وحلّت في بني القينِ بنِ جسرٍ
- فقد نبغتْ لهم منَّا شؤونُ
- فقد نبغتْ لهم منَّا شؤونُ
أمَّا نشأة الشاعر فلم يعرف شيء عن بدايات حياته، فأخباره جاءت بعد أن أصبح الشاعر يتَّصل ببلاط الملوك كما عُرف عنه، أمَّا المعروف أنَه من سادات قومه، فقد كان للشعراء منزلة رفيعة في الجاهلية، كما أنَّ النابغة لعبَ دورًا مهمًّا عندما توسَّط عند الغساسنة وجعلهم يعدلون عن فكرة محاربة الغطفانيّين، ومن المعروف أنَّ النابغة كان كثير الاتصال بالحكام وخاصة بلاط الحيرة، فحسنت علاقته مع الملك المنذر بن ماء السماء، كما حسنت علاقته مع النعمان بن المنذر الذي أكرم نُزَله ووفادته في كلِّ مرَّة كان يفد عليه، حتَّى قيل إنَّ النابغة كان يأكل بأوانٍ من الذهب والفضة من كثر ما كسب من مدح الملوك، وقد توفِّي النابغة عام 605م في غالب القول، والله تعالى أعلم.[١]
علاقة النابغة بالنعمان بن المنذر
بعد ما جاء من إجابة عن سؤال: من هو النابغة الذبياني، واستكمالًا في علاقة النابغة مع الملوك، وتحديدًا مع النعمان بن المنذر، تذكر الروايات إنَّ النابغة كان يَفِدُ على النعمان بن المنذر فيحسن النعمان وفادته، فأجزل عطاياه وأكثر خيره عليه، وقرَّبه من مجسله، وقد جاء عن أبي الفرج الأصفهاني إنَّ النابغة كان يأكل في آنية من الفضة والذهب بفضل عطايا النعمان، ومن القصائد التي مدح فيها النابغة النعمان البائية الشهيرة التي يقول فيها:
فإنك شمسٌ والملوكُ كواكبٌ
- إذا طلعت لم يبدُ منهنَّ كوكبُ
- إذا طلعت لم يبدُ منهنَّ كوكبُ
ولا شكَّ أنَّ العلاقة الوطيدة بين النعمان والنابغة أدَّت في النهاية إلى كثرة الحساد والوشاة الذين استطاعوا أن يفسدوا علاقته بالنعمان بعد تعب شديد، فأهدر النعمان دمه، فهرب النابغة إلى الغساسنة وفي نفسه رغبة بالعودة إلى بلاط النعمان، ولم يعرف المؤرخون السبب الصريح الذي دفعَ النعمان إلى إهدار دم شاعره النابغة الذبياني، والله أعلم.[٢]
معلقة النابغة الذبياني
إنَّ شهرة النابغة الذبياني الكبيرة اكتسبها من معلقَّته الشهيرة التي صنَّفها أغلب النقاد من المعلقات العشر في الجاهلية، وهي قصيدة تظهر شاعريّة النابغة العالية، نظمها على البحر البسيط، وتتألف هذه القصيدة من خمسين بيتًا، ويقف في مطلعها على أطلال محبوبته ميَّة شأنها في هذا شأن جُلِّ شعراء الجاهلية، ويقول النابغة في مطلع معلَّقتهِ:
يا دارَ مَـيّةَ بالـعَلـيْاءِ فالسَّنَدِ
- أقْـوَتْ وطَـالَ عليهـا سالفُ الأَبَدِ
وقـفتُ فـيهــا أُصَيلانا أُسائِلُـها
- عَـيَّـتْ جَـوابًا وما بالـرَّبعِ مِــن أحَـدِ
إلاّ الأواريَّ لأيًـا ما أُبَـيّـنُـهَــا
- والـنُّـؤيُ كـالـحَــوْضِ بالمَظلومَةِ الجَـلَدِ
رُدَّتْ عــلـيَــهِ أقــاصـيـهِ، ولَــــبَّــــدَهُ
- ضَـرْبُ الولـيدةِ بالمِسْـحاةِ في الــثَّأَدِ
خلَّتْ سَـبـيلَ أتيٍّ كانَ يَحـبسُـهُ
- ورَفَّــعتْهُ إلى الـسَّـجْـفـينِ فـالـنَّـضَـدِ
أمـسَـتْ خَلاءً وأمسَى أهلُها احْتمَلُوا
- أخْنَى عَـلـيها الذي أخْنَى على لُبَدِ
- أخْنَى عَـلـيها الذي أخْنَى على لُبَدِ
شعر النابغة الذبياني
يفوح مسك الختام في الحديث عن أيّ شاعر عربي بأخذ نظرة على إنتاجه الشعري الذي يمثِّل شخصيته ويعكس روحه ويظهر ملامح شخصيته الحقيقيَّة، وفيما يأتي إطلالة على أفق الشاعر النابغة الذبياني المضيء بالنجوم، كلُّ نجمة قصيدة، وكلُّ قمر نصٌّ خالد:
- يقول الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني:[٣]
كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ
- وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ
تَطاوَلَ حَتّى قُلتُ لَيسَ بِمُنقَضٍ
- وَلَيسَ الَّذي يَرعى النُجومَ بِآئِبِ
وَصَدرٍ أَراحَ اللَيلُ عازِبُ هَمِّهِ
- تَضاعَفَ فيهِ الحُزنُ مِن كُلِّ جانِبِ
عَلَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ
- لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ
- لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ
- ومن شعر النابغة الذبياني قوله:[٤]
واستبْقِ ودَّكَ للصَّديقِ، ولا تكنْ
- قتبًا يعضّ بغاربٍ، ملحاحا
فالرفقُ يمنٌ، والأناةُ سعادةٌ
- فتأنَّ في رفقٍ تنالُ نجاحَا
واليأسُ ممّا فاتَ يُعقِبُ راحَةً
- ولرُبَّ مَطعَمةٍ تَعودُ ذُباحا
يعدُ ابنَ جَفنَةَ وابن هاتك عَرشهُ
- والحارثينِ بأن يزيدَ فلاحا
- والحارثينِ بأن يزيدَ فلاحا
- ويقول النابغة أيضًا:[٥]
مِنْ آلِ مَيّةَ رائحٌ، أو مُغْتَدِ
- عجلانَ، ذا زادٍ، وغيرَ مزودِ
أَفِلَ التّرَحّلُ، غير أنّ ركابنا
- لمَّا تزلْ برحالنا، وكأنْ قدِ ...
لا مرحبًا بغدٍ ولا أهلًا بهِ
- إنّ كانَ تَفريقُ الأحبّةِ في غَدِ
- إنّ كانَ تَفريقُ الأحبّةِ في غَدِ
- ويقول النابغة الذبياني:[٦]
مَنْ يطلبِ الدّهرُ تُدرِكْهُ مخالبُهُ
- والدّهرُ بالوِترِ ناجٍ، غيرُ مطلوبِ
ما من أناسٍ ذوي مجدٍ ومكرمةٍ
- إلاّ يشدّ عليهم شدةَ الذِّيْبِ
حتى يبيدَ، على عمدٍ، سراتُهمُ
- بالنَّافذاتِ منَ النُّبلِ المصاييبِ
إني وجدتُ سِهامَ الموتِ مُعرِضَةً
- بكلّ حتفٍ، من الآجالِ، مكتوبِ
المراجع[+]
- ↑ "النابغة الذبياني"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "النابغة الذبياني"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "كليني لهم يا أميمة ناصب"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.
- ↑ "واستبقِ ودكَ للصديقِ، ولا تكن"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.
- ↑ "مِن آلِ مَيّة َ رائحٌ، أو مُغْتَدِ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.
- ↑ "مَنْ يطلبِ الدّهرُ تُدرِكْهُ مخالبُهُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019.