من-هو-عمرو-بن-كلثوم
محتويات
شعراء المعلقات
الشّعر الجاهليّ، إذ تحمل في طيّاتها خصائص الشّعر الجاهليّ، وشعراء المعلّقات هم: امرؤ القيس، ومطلع معلقته: قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ، وطرفة بن العبد: لخولة أطلال ببرقة ثهمد، والحارث بن حلّزة: آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ، وزهير بن أبي سلمى: أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ، وعمرو بن كلثوم: أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا، وعنترة بن شدّاد: هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ، ولبيد بن ربيعة: عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا، والأعشى: وَدِعْ هُريرةَ إنَّ الرَّكبَ مُرتِحلُ، وعُبيدُ بنُ الأبرصِ: أقفرَ منّا أهلُهُ ملحوب، كليب، وأمّها بنت بعج بن عتبة بن سعد بن زهير، فهو من شعراء الطّبقة الأولى، كان مولده في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة، وقد تجوّل فيها وفي العراق ونجد والشّام، وكان رجلًا عزيز النّفس، وهو من الرّجال الشّجعان، فقد ساد قومه بني تغلب وهو فتًى، وعاش طويلًا، وهو الذي قتل الملك عمرو بن هند عندما أراد الاستعلاء عليه.[٢]
حياة عمرو بن كلثوم
ولد الشّاعر الجاهليّ عمرو بن كلثوم، ونشأ في قبيلة تغلب، في بيت سيادة وعزّ، ولقي ما لقي من العناية وحسن التّربية، التي تليق بأبناء الملوك من أمثاله، وقد نُسجت في حمله وولادته قصص كلّها منامات ورؤى، لتظهر نجابته وشجاعته ونبوغه، ومع ما تنطوي عليه قصصُ الرّؤى عن عمرو من مبالغاتٍ، تبقى لها الدّلالة، بأنّ عمرو ولد وسادَ قومَهُ وهو ابنُ خمسَ عشرةَ سنة، وقاد الجيوش مظفّرًا، وأكثر ما كانت فتن قبيلته تغلب، مع أبناء عمومتهم بني بكر بن وائل بسبب حرب البسوس، وكان آخر صلح بينما على يد ملك الحيرة عمرو بن هند، وسيأتي الحديث عن قتله لعمرو بن هند لاحقًا، وقد تزوّج، وأنجب ثلاثة أولاد وبنتًا، الأسود وعبد الله وعبّاد والنّوّار، وقد أكثر من قوله الشّعر ولكن معلّقته، كانت أفضل وأجمل وأعظم ما قاله من الشّعر، حيث ذاع صيتها في أرجاء العرب، وعمّر طويلًا ومات وعمره مئة وخمسون سنة.[٣]
قصة معلقة عمرو بن كلثوم
تعود قصّة معلّقة الشّاعر عمرو بن كلثوم لما فعله معه عمرو بن هند ملك الحيرة، حيث كان يكنّ الكراهيّة لعمرو بن كلثوم، لما سمعه عنه من تباه وكبر وعزّة نفس، فقال لحضوره يومًا: هل هناك من هو أعزّ وأشجع منّي؟ فأجابه الحضور والخوف يملأ قلوبهم: لا أيّها الملك العظيم! ثمّ سألهم: هل تعرفون من يأنف أن تخدم أمّه أمّي؟ فأجابه أحد الحضور بشجاعة وإقدام بعد أن أمّن من يصدقه: نعم يا أيّها الملك! إنّه عمرو بن كلثوم! فتغير وجه عمرو بن هند، وازداد حقده وكراهيته لعمرو بن كلثوم، ثمّ كانت مجريات القصّة.[٤]
أرسل عمرو بن هند في دعوة عمرو بن كلثوم وأمّه إلى وليمة في مضاربه، وأخبر أمّه هند أن تصرف خدمها، وتستخدم أمّ عمرو بن كلثوم، وعندما وصلا ومن يرافقهما من الفرسان والخدم والحشم، استقبلهم أحسن استقبال، وأواهم وأحسن وفادتهم، وأجلس كلًّا في مجلسه المناسب، وعند تحضير الطّعام، طلبت هند من أمّ عمرو بن كلثوم أن تناولها حاجتها، وكانت أم عمرو بن كلثوم سيّدة في قومها، لديها من يقضيها حاجتها من الخدم والحشم، فهي بنت المهلهل، وعمّها كليب، وبعلها كلثوم ملك أفرس العرب، فصرخت بأعلى صوتها: وا ذلّاه! فثار عمرو بن كلثوم، وثارت حفيظته، وانقضّ على أحد سيوف عمرو بن هند ووثب عليه وقتله به، وسلبه ما عنده وعاد إلى قبيلته منتصرًا.[٤]
وبعد قتل مرو بن كلثوم لعمرو بن هند ينشد معلّقته التي وقف فيها في سوق عكاظ وفي سوق مكّة، والتي قيل: أنّها بلغت ألف بيت، ولكن ضاع أكثرها، ووصل منها القليل، وقد ردّدت على كلّ لسان لانبهار العرب بها، واعتبرها النّقّاد من أفضل ما قالته العرب، ومطلعها:[٤]أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ، فَاصبَحِينَا
- وَلاَ تُبْقِي خُمُورَ الْأَنْدَرِينَا
مُشَعْشَعَةً، كَأَنَّ الحُصَّ فِيهَا
- إِذَا مَا الْمَاءُ خَالطَهَا سَخِينَا
قصائد عمرو بن كلثوم
الشّاعر الجاهليّ عمرو بن كلثوم التّغلبيّ -أبو الأسود- شاعر مجيد، من فحول الشّعراء العرب، ومن أصحاب المعلقات، وإن لم يكن في المقدّمة، ولم يكن مُكثرًا من قول الشّعر، وقد تمّ جمع شعره قديمًا، إلّا أنّه لم يصل جميعه، ولم يشتهر عمرو بن كلثوم في شعره اشتهاره في معلقته التي قامت له مقام الشّعر الكثير، وذلك لجمال لفظها، وانسجام عباراتها، وقوّة معانيها، وممّا جاء فيها:
- قال عمرو بن كلثوم:[٥]
بِأَنا المُطعِمونَ إِذا قَدَرنا
- وَأَنّا المُهلِكونَ إِذا اِبتُلينا
وَأَنّا المانِعونَ لِما أَرَدنا
- وَأَنّا النازِلونَ بِحَيثُ شينا
وَأَنّا التارِكونَ إِذا سَخِطنا
- وَأَنّا الآخِذونَ إَذا رَضينا
وَنَشرَبُ إِنْ وَرَدنا الماءَ صَفوًا
- وَيَشرَبُ غَيرُنا كَدَراً وَطينا
- ويقول عمرو بن كلثوم في قصيدة أخرى:[٦]
إنّ للّهِ علينَا نِعَمَا
- ولأيدينا على النّاسِ نِعم
فَلَنَا الفضلُ عليهم بالذي
- صنَعَ اللهُ فمَنْ شاءَ رَغَم
دُوننا في النّاسِ مسعًى واسعٌ
- لا يُدانِينا وفي النّاسِ كَرَم
فَفَضَلْناهُم بِعِزٍّ باذِخٍ
- ثابتِ الأصلِ عزيزِ المدّعَم
- ومن قصائد عمرو بن كلثوم:[٧]
لَقَد عَلِمَت عُليا رَبيعَةَ أَنَّنا
- ذُراها وَأَنّا حينَ تُنسَبُ جيدُها
وَما اِنفَكَّ مِنّا مُنذُ كُنّا عِمارَةً
- إِذا الحَربُ شالَت لاقِحاً مَن يَقودُها
إِن تَسأَلي تُنبَي بِأَنّا خِيارُه
- وَأَنّا الذُرى مِنها وَأَنّا وَقودُها
- وقال عمرو بن كلثوم في إحدى قصائده:[٨]
رَدَدتُ عَلى عَمرِو بنِ قَيسٍ قِلادَةً
- ثَمانينَ سوداً مِن ذُرى جَبَلِ الهَضب
فَلَو أَنَّ أُمّي لَم تَلِدني لَحَلَّقَت
- بِها المُغرِبُ العَنقَاءُ عِندَ أَخي كَلبِ
أَبَيتُ لَهُ مِن أَن يَكونَ اِختِيارُهُ
- عَطاءَ المَوالي مِن أَفيلٍ وَمِن سَقبٍ
وَلَم تَرَ عَيني مِثلَ مُرَّةَ فارِس
- غَداةَ دَعا السَفّاحُ يالَ بَني الشَجبِ
المراجع[+]
- ↑ "المعلقات"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "نسب عمر بن كلثوم وخبره"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019. بتصرّف.
- ↑ تحقيق أيمن زيدان (1413هـ 1992م)، ديوان عمرو بن كلثوم (الطبعة الأولى)، المملكة العربيّة السّعوديّة: النّادي الشّبابي بجدّة، صفحة 173-175. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "عمرو بن كلثوم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "ألا هبي بصحنك فاصبحين"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019.
- ↑ تحقيق أيمن ميدان (1413هـ 1992م)، ديوان عمرو بن كلثوم التّغلبي (الطبعة الأولى)، المملكة العربيّة السّعودية: النادي الأدبي الثّقافي بجدّة، صفحة 215.
- ↑ "لقد علمت عليا ربيعة أننا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019.
- ↑ "رددت على عمرو بن قيس قلادةً"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019.