ما-هي-الأيديولوجيا
محتويات
الاتجاهات الفكرية
تتعدّد الاتجاهات الفكرية في المجتمع، ويكون تعدد الاتجاهات الفكرية نابع من التغيرات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية التي تحدث في المجتمع، فالاتجاهات الفكرية فيه هي التي تشكل الأيديولوجيا أو مجموعة الأيديولوجيات المتنوعة التي تؤثر في تشكيله بشكل أو بآخر، ولكن الأيديولوجيا قد لا تكون محصورة في مجتمع واحد، بل تتخطى في الغالب الحدود الوطنية للدول، وتنتشر من دولة إلى أخرى، وهذا الانتشار يجعل هذه الدولة تتكيّف لتلائم ثقافة المجتمع، وقيمه التاريخية، وقد تكون الاتجاهات الفكرية التي تشكل الأيديولوجيا سببًا في سيطرة الدول على بعضها أو على الأفراد فيها. وستقف هذه المقالة على سؤال: ما هي الأيديولوجيا.[١]
ما هي الأيديولوجيا
تعد لفظة الأيديولوجيا من الألفاظ التي تحتاج إلى توضيح، وقد اختلف الدّارسون، والنقاد، والباحثون حول مفهوم الأيديولوجيا حسب السياق الذي تستعمل فيه؛ نظرًا لارتباطها بالعلوم المختلفة، وقد عرفت الأيديولوجيا لغويًّا بأنها علم الأفكاروهي كلمة دخيلة على اللغة العربية، وعرّبها عبد الله العروي بـ "أدلوجة" لتكون على الوزن الصرفي "أفعولة". والأيديولوجيا تعني مجموعة من القيم، والأخلاق، والأهداف التي ينوى تحقيقها من الفرد أو الجماعة على المدى القريب والبعيد.[٢]
وتختلف الأيديولوجيا من عصر إلى عصر؛ فالأيديولوجيا في العصور القديمة، تختلف عن العصر الحديث، ولذلك فإن تعريف الأيديولوجيا في عصر من العصور هي "الأفق الذهني الذي كا يحد فكر إنسان ذلك العصر. ويمتلك كل فرد من الأفراد أيديولوجيا خاصة به، متأثرة بثقافته، ومجتمعه، وغيرها".[٣]
وتعد الأيديولوجيا من مكونات الثقافة في كل مجتمع، لكنها لا تستغرق الثقافة كلها، ومن هنا يأتي ارتباطها في المجتمع بأكمله، وهذا ما ذهب إليه "ماركس" عندما عرّف الأيديولوجيا بأنها: " النتاج الفكري للطبقة الاجتماعية المسيطرة، فالأيديولوجيا يمكن أن تشير إلى الفلسفة الاجتماعية الموجهة لجماعة معينة الموجهة لجماعة معينة داخل المجتمع أو لطبقة أو حزب سياسي..." وغيرها.[٤]
ويظهر ممّا سبق أن الأيديولوجيا تعد لفظة إشكالية، وهذا يجعل لها تعريفات، ومفاهيم متعددة منها: أن الأيديولوجيا تعد قناعًا، وتشكل وعيًا زائفًا ؛ فهي "مجموعة القيم والأفكار التي تتبناها جماعة ما، فتؤثر في فكرها وتجعلها ترى الأشياء تبعًا لمنطقها هي لا منطق الأشياء؛ فهي معرفة وهميّة، غرضها إنجاز فعل اجتماعي يحقق مصلحة تلك الأفكار والقيم."، وقد تشكل مفهومًا آخر إذا ربطت بالرؤية الكونية فتكون "أقرب إلى الفلسفة من حيث كونها تتخذ أحكامًا مطلقة شاملة تعالج الفرد والكون والمجتمع."[٥]
علاقة الأيديولوجيا بالعلوم المختلفة
ترتبط الأيديولوجيا بعلاقات متعددة ومتشابكة مع العلوم المختلفة، وتتصل بها اتصالًا وثيقًا حسب طبيعة هذا العلم، ومن أبرز هذه العلوم: علم الفلسفة، وعلم السياسة، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، وغيرها، وفيما يأتي توضيح للعلاقة التي تجمع بين الأيديولوجيا وهذه العلوم المختلفة:[٦]
- علم الفلسفة: إن مفهوم الأيديولوجيا يتضمن في داخله فلسفة، كونه متصلًا بالفكر، فالأيديولوجيا تتضمن بُعدًا فلسفيًّا، فالعلاقة بينهما متشابكة، فكل منهما يتضمن الآخر فيه.
- علم السياسة:ويتأثر علم السياسة بالأيديولوجيا؛ فهي العامل المؤثر في النظام والسلطة، فلكل سلطة أيديولوجيا معينة، تحاول أن تفرضها على الناس، وتؤثر فيهم، وفي أفكارهم، وقد يؤدي الخلاف الأيديولوجي إلى خلاف سياسي يصل إلى حد الصراع بين الأفرد والجماعات المختلفة. بل إن علم السياسة علم قائم على الأيديولوجيا التي تتغير بتغير الزمان والمكان، والظروف المحيطة.
- علم الاجتماع: تتأثر الأيديولوجيا بالمجتمع، وتؤثر فيه، ويمكن أن تكون الأيديولوجيا سببًا في التحام فئة من الناس مع بعضهم فيه، وذلك لتشابه الأيديولوجيا التي ينطلقون منها، ويمكن أن تكون الأيديولوجيا سببًا في الاختلاف مما يؤدي إلى وجود صراع طبقي، كما رأى ماركس. ولكل مجتمع من المجتمعات ثقافة خاصة به، تؤثر في الأيديولوجيا التي تتكون فيه، وعند أفرادها.
- علم النفس: تؤدي الأيديولوجيا في علم النفس وظيفة معاكسة لما تؤديه في علم الاجتماع؛ إذ تحاول أن تخلق انسجامًا وشعورًا بالانتماء للأفراد والجماعات الذين ينتمون إلى الأيديولوجيا نفسها.
علاقة الأيديولوجيا بالأدب
لا يوجد نص أدبي بريء تمامًا من الأيديولوجيا؛ إذ لا بُدّ أن يحمل النص الأدبي على اختلاف نوعه سواء أكان قصة قصيرة، أم مقالة، أم رواية؛ لأن الأدب صورة من صور الفكر الذي يعبر فيه الأديب عن رؤيته، وعلاقاته المتعددة مع الإنسان، والمجتمع، وتظهر الأيديولوجيا في الأدب بصورة متشابكة ومعقدة؛ لأن معرفة الأيديولوجيا فيه يتطلب فهم العلاقات بين العناصر المتعددة في النص، ويعد الحوار من العناصرالمهمة في الرواية، أو المسرحية، أو القصة القصيرة؛ لأنه يمكن القارئ من سماع صوت الشخصيات وهي تتحدث، وتبرز طبيعة الصراع بين الشخصيات في النص.[٧]
وتعد كتابة الأدب نوعًا من التفاعل بين الأديب والمجتمع الذي يحيط به، فيلقي الضوء على قضايا المجتمع، ويتفاعل معه تفاعلًا عميقًا، محاولًا النفاذ إلى جوهر الأمور، وبناءً على ذلك تختلف نظرة الأديب إلى الواقع؛ فإما أن تكون نظرته سلبية تطمس ما في الواقع من صراع وتناقض، أو تكون إيجابية تعبر عن حركة الواقع والصراع فيه، والسعي إلى التأثير فيه من خلال الأدب، فالأديب يساعد القارئ في اكتشاف بعض أمور الحياة بصورة بعيدة عن المباشرة والتقريرية.[٨]
أنواع الأيديولوجيا
تتعدد أنواع الأيديولوجيا وتختلف باختلاف بعض الأمور المحيطة بها مثل: الأفراد، الجماعات، المجتمع، الزمان، المكان، الثقافة، وغيرها، ولذلك فإن الحديث عن أنواع الأيديولوجيا يرتبط بطبيعة علاقاتها المتشابكة مع العلوم المختلفة، ومع الظروف والعوامل المحيطة بها، ومن أهم أنواعها ما يأتي:[٩]
- الأيديولوجيا العلمية.
- الأيديولوجيا الفكرية.
- الأيديولوجيا الطبيعية.
- الأيديولوجيا الدينية.
المراجع[+]
- ↑ "الأيديولوجية والتقاليد التاريخية ووظائف الأنساق العقدية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد الله العروي (1980)، مفهوم الأيديولوجيا - الأدلوجة (الطبعة الأولى)، المغرب و بيروت: المركز الثقافي العربي ودار الفارابي، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ عبد الله العروي (1980)، مفهوم الأيديولوجيا- الأدلوجة (الطبعة الأولى)، المغرب وبيروت: المركز الثقافي العربي ودار الفارابي، صفحة 9- 10.
- ↑ عبد الرحمن خليفة وفضل الله إسماعيل (2001)، في الأيديولوجيا والحضارة والعولمة (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة بستان المعرفة، صفحة 32. بتصرّف.
- ↑ "هذا هو ما يعنيه مفهوم «الأيديولوجيا»"، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2019.
- ↑ حنين إبراهيم معالي (2020)، الرواية بين الأيديولوجيا والفن: (الرواية الأردنية أنموذجًا) (الطبعة الأولى)، عمّان: الآن ناشرون وموزعون، صفحة 35-38. بتصرّف.
- ↑ حنين معالي (2020)، الرواية بين الأيديولوجيا والفن: (الرواية الأردنية أنموذجًا) (الطبعة الأولى)، عمّان: الآن ناشرون وموزعون، صفحة 58، 59، 63. بتصرّف.
- ↑ فاروق العمراني (1995)، النقد والأيديولوجيا: بحث في تأثير الواقعية الإشتراكية في النقد العربي الحديث من خلال أعمال محمد مندور ومحمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس وحسين مروة، تونس: د.ن، صفحة 71، 197، 64.. بتصرّف.
- ↑ "أيديولوجيا"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2019. بتصرّف.