سؤال وجواب

حكم-العادة-السرية


الشهوة والإسلام

الشهوة هي الغريزة التي غرسها الله في النَّفس وهي نعمةٌ وضعها في عبده حتَّى يستطيع استكمال حياته على أبلغ نحو، فالأكل غريزةٌ يستمتع بها الإنسان ومثلها المال، ومثلها الشهوة الجنسية فيقول في ذلك ابن تيمية: إن الله تعالى خلق فينا الشهوات واللذات لنستعين بها على كمال المصالح، فخلق فينا شهوة الأكل واللذة فيه، فإن ذلك في نفسه نعمة وبه يحصل بقاء الجسم في الدنيا، وكذلك شهوة النكاح واللذة به هو في نفسه نعمة، وبه يحصل بقاء النسل، ولكن على المرء أن يوجِّه تلك الغريزة حتَّى لا تهوي به إلى السافلين، ولذلك سيتحدث هذا المقال عن حكم العادة السرية.[١]

الزواج

عندما زرع الله في النفس البشرية الشهوة زرع فيها احتياج أحد الجنسين إلى الآخر ليكمله جسديًّا وروحيًا فكان لا بدَّ من الله الحكيم أن يضع حلًّا لعباده يستطيعوا من خلاله ممارسة غرائزهم الطبيعيَّة بصورةٍ شرعيَّةٍ يؤجروا عليها، فأنزل الله تعالى لآدم حواء حتى تستمرَّ البشرية وتنعم الأرض بالبشر كما قدَّر الله لها منذ آلاف السنين، فالزواج هو ارتياحٌ نفسيٌّ للمرء، لتهدأ نفسه وتسكن روحه، قال تعالى في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[٢] فالزواج هو هدفُ أيّ بشريٍّ يستنُّ بسنة النبي عدا أنَّ فيه حفظ النفس من الدنايا والمحرمات، وربما يقف المرء حائرًا بسبب غلاء المهور وارتفاع المتطلبات، ولكن حسب الأب أن يختار لابنته الزوج الصالح الذي يؤنسها ويعفها عن الحرام، ولكن من لم يجد الزواج فربما يجد بعض السبل الأخرى المحرمة فيتبعها ومنها العادة السرية، وفيما يأتي سيذكر حكم العادة السرية في الإسلام.[٣]

تعريف العادة السرية

بدايةً قبل الخوض في حكم أيِّ أمرٍ لا بدَّ من معرفة ما هو هذا الأمر الذي سيطلق الحكم فيه، وهنا يدور الأمر حول حكم العادة السرية، والعادة السرية هي الاستمناء، أو العبث بالأعضاء التناسلية بشكلٍ مستمرٍّ حتَّى يصل الإنسانُ إلى النشوة الجنسية ويشعر بلذةٍ تشبه لذة الجماع، وتكمن خطورة هذه المسألة في أنَّها عمليةٌ جنسيةٌ غير متكاملةٍ أي لا تنتهي بشكلٍ طبيعيٍ ولا يصل المرء فيها إلى الاسترخاء والراحة كما في الاتصال الجنسي الطَّبيعي، وهي قد تصل بالمرء إلى عواقب وخيمةٍ مثل إدمانه عليها، ويكون المرء فيها إمَّا متخيِّلًا للمناظر الخليعة أو ناظرًا لها وما قد تجرُّ عليه هذه العادة من الخبائث والمخالفة الفطرة الإنسانية، فحكم العادة السرية ليست مسألة يجوز أم لا يجوز، بل هي مسألةٌ متجذرة فيها خلافٌ سيتم توضيحه لاحقًا.[٤]

حكم العادة السرية

المسائل الحسَّاسة في الإسلام هي دائمًا محلُّ اختلافٍ كلٌّ حسب اجتهاده، ولكن هناك أقوالٌ لبعض الصحابة الكبار دائمًا ما تجزم الأمور وتجعل إحدى الكفَّتين مائلةً على الأخرى، ومنها مسألة حكم العادة السريَّة فقد ورد عن بعض العلماء مثل عمرو بن دينار ومجاهد جواها في بعض الأوقات، وبالغ النَّاس في هذا الفهم بأنَّها محل إباحةٍ وهذا صلب الخطأ وعينه، فهي من الأفعال الدنيئة التي يعفُّ المرء عنها لما فيها من الخسَّة، وعندما أجازوها فقد قصدوا عند تعرُّض أحدهم للزنا فإنَّ هذا الفعل أهون، وأما لغير الضرورة الكبيرة فلا، وقد أعطى النبي حلًّا ليقي المرء نفسه من السوء وهو الصوم، ولو كان هذا الفعل حلالًا لأمر به، وقد سئل عبد الله بن عمر -وهو أعلى درجة من مجاهد- عن الخضخضة -يعني العادة السرية- فقال: ذلك الفاعل بنفسه، وهذه من أشدِّ الكلمات على المرء، وكما قال فيها عبد الله بن عباس: قال رجل: إني أعبث بذكري حتى أنزل؟ قال: إن نكاح الأمة خير منه، وهو خير من الزنا.[٥]

وقد وضَّح ابن باز ذلك فقال: الاستمناء باليد حرام في أصح أقوال أهل العلم، وهو قول جمهورهم؛ لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[٦] فأثنى الله على من حفظ فرجه، فلم يقض وطره إلا مع زوجته أو أمته، وحكم من قضى وطره فيما وراء ذلك أيًّا كان فهو عاد متجاوز لما أحله الله له، ويدخل في عموم ذلك الاستمناء باليد،[٥] فحكم العادة السرية مسألة خلافٍ ولكنّ عامَّة العلماء قد اجتمعوا على تحريمه فعلى المرء أن يكون واعيًا تجاه هذه الأمور فلا يكون ضحية اختلافٍ يودي به إلى المهالك، وهكذا يكون قد تبيَّن حكم العادة السرية، والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٧]

أدلة في حكم العادة السرية

عندما يبدأ المرء بالبحث عن حكم أي مسألةٍ في الشرع الإسلامي فلا بدَّ له أن يعرض الأدلة التي استند إليها عند إطلاقه لهذا الحكم، والأدلة التي تأتي على حكم العادة السرية كثيرةٌ لا حصر لها، وستعرض كي لا يكون للنَّاس حجة بعد ذلك من ابتغائهم للحرام، قال تعالى في سورة المؤمنون: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[٦] وهذه الآية تتحدث في صراحةٍ أنَّ سبيل قضاء الشهوة هو فقط مع الزوجات والإماء، لا مع استمناء أو عادات من فعل الشيطان وقوله: {فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ} أي من يبتغي بعض العادات السيئة في تفريغ شهوته فهو ظالمٌ لنفسه أورثها المهالك، وقد قال في ذلك ابن تيمية: أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء، وهو أصح القولين في مذهب أحمد؛ ولذلك يعزر من فعله، وفي القول الآخر هو مكروه غير محرم، وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت، ولا غيره، وفي هذا تنبيهٌ واضحٌ إلى حكم العادة السرية في الإسلام والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٥]

فيديو عن حكم العادة السرية

وكما أنَّ كل أمر قد لا يبلغ القلوب والأسماع من قراءته فإنَّ المسموع والمرئي يصل إلى النفوس والقلوب أكثر من القراءة فقط، وربما يكون بعض الرجال أقدر من بعضٍ على توصيل الكلام، لهذا سيدعم هذا المقال بفيديو يتحدَّث بالتفصيل عن حكم العادة السرية للدكتور بلال دباح وفيه الجواب الشافي إن شاء الله:[٨]

المراجع[+]

  1. "لهيب الشهوات"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-09-2019. بتصرّف.
  2. سورة الروم، آية: 21.
  3. "الزواج.. الأهداف والفوائد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-09-2019. بتصرّف.
  4. "العادة السرية ( أضرارها - حكمها - أسبابها - علاجها ) "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-09-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "الأدلة على تحريم العادة السرية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-09-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب سورة المؤمنون، آية: 5-6-7.
  7. "نقاش حول حكم الاستمناء"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-09-2019. بتصرّف.
  8. "ما حكم العادة السرية"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-09-2019. بتصرّف.