شروط-الطلاق-في-الإسلام

محتويات
الطلاق في الإسلام
الطلاق في اللغة من الإطلاق؛ أي الترك والإرسال، أمّا تعريفه في الشرع فهو حلّ عقد الزواج كلّه أو بعضه، والطلاق جائز بنص القرآن الكريم، وبالأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وبإجماع علماء المسلمين، ولكنّه من الأمور المكروهة إن كان لغير حاجة مُلحّة، فهو أمر يخصّ أهم أركان المجتمع وهي الأسرة، وعدم الاكتراث له أو تنظيمه قد يؤدي لخلل كبير في نظام المجتمع الإسلاميّ، وله آثار سلبيّة على الزوج والزوجة والأبناء، ولكنّ جاءت مشروعيته في حال انعدام المودة والرحمة بين الزوجين، ففي هذه الحالة يكون الطلاق رحمةً بهما، وسيتحدث هذا المقال عن شروط الطلاق في الإسلام.[١]
أنواع الطلاق باعتبار حكمه
قبل الحديث عن شروط الطلاق في الإسلام، لا بدّ من الحديث عن أنواع الطلاق، وقد قسم علماء الفقه الإسلاميّ الطلاق من حيث حكمه الشرعيّ إلى طلاق جائز وموافق للتشريع الإسلاميّ، وطلاق محظور ومخالف للتشريع، وفيما يأتي شرح مفصّل لكلٍّ منهما:[٢]
- الطلاق الجائز: وهو الطلاق الموافق لأحكام الشريعة الإسلاميّ، ويطلق عليه أيضًا اسم "الطلاق السُّنّي"، وفيه يطلق الرجل زوجته طلقةً واحدة، على أن تكون زوجته حامل، أو في طهر لم يحدث الجماع بينهما فيه.
- الطلاق المحظور: وهو الطلاق الذي يخالف أحكام الشريعة الإسلاميّة، ويُطلق عليه اسم "الطلاق البدعي"، وهذ الطلاق له قسمان:
- الطلاق البدعي وفقًا للوقت: الذي حدث فيه؛ طلاق الرجل لزوجه ولم يتبين حملها، أو ممن تلزمهن العدة بالحيض، أو أن تكون زوجته حائض، أو أن يكون لطلاق في وقت طهر جامعها فيه، أمّا إذا عُلم الحمل فالطلاق جائز، ولو كان في طهر جامعها فيه، ويجوز الطلاق أيضًا لمن لا تلزمهن العدة، كالزوجة غير المدخول بها، فإن كان طلاقها في حيض فهو سنة، وإن كانت ممن لا يحضن كالصغيرة أو الكبيرة في السِن، فلا مانع شرعي من طلاقها.
- الطلاق البدعي وفقًا لعدده: كأن يُطلق الزوج زوجه أكثر من طلقة واحدة، فيقول لها: "أنتِ طالق طلقتين"، أو يقول مثلًا: "أنت طالق ثلاثًا"، فهذا لا يجوز ولا يقع الطلاق هنا إلا مرة واحدة وهذه هي السُنّة، وذلك باختلاف أهل العلم.
أنواع الطلاق باعتبار ألفاظه
قبل الحديث عن شروط الطلاق في الإسلام لا بدّ من الحديث عن أنواع الطلاق من حيث ألفاظه، ويقسم الفقهاء الطلاق باعتبار ألفاظه إلى طلاق صريح وهو ما لا يُفهم من لفظه سوى الطلاق، وله عدة صيغ لفظيّة، كأن يقول الرجل لزوجه: "أنتِ مُطلقة" أو "أنتِ طالق" أو "طلقتُكِ"، وفي هذه الحال فالطلاق واقع لا محالة، إن كان للزوج نية فيه أو لم تكن، والنوع الثاني هو طلاق الكناية وهو ما يمكن أن يكون مراد الزوج منه الطلاق أو غيره، كأن يقول الرجل لزوجه: "أنتِ بريّة أو خليّة أو حبلك على غاربك أو أمرك بيدك أو ألحقي بأهلك وغير ذلك، والحكم هنا لنية الزوج، فإن كان نيته في اللفظ هو الطلاق فيقع، أما إن كان عكس ذلك فلا يقع الطلاق.[٢]
أنواع الطلاق باعتبار الآثار المترتبة عليه
وقبل الحديث عن شروط الطلاق في الإسلام يجب معرفة أنواع الطلاق من حيث الآثار التي تترتب عليه، والطلاق في هذا الباب قسمان إمّا أن يكون طلاقًا رجعيًا؛ أي عندما يطلق الزوج زوجته الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية فله أن يُراجعها ولكنّ قبل انتهاء مدة عدتها، وإمّا أن يكون الطلاق بائنًا وللبينونة قسمان أيضًا وهما:[٢]
- الطلاق البائن بينونة كبرى: وهو الطلاق الذي يُطلق الرجل فيه زوجه الطلقة الثالثة، فعندها لن تحلّ له إلا بزوجها بغيره زواجًا صحيحًا، ثم يفارقها زوجها.
- الطلاق البائن بينونة صغرى: وهو الطلاق الذي يُطلق فيه الرجل زوجه الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية، وتقضي مدة عدتها، أو أن يطلق الرجل زوجه بعوض أي "الخلع"، أو أن يطلق الرجل زوجه قبل الدخول بها، وفي الحالات السابقة جميعها يجوز للزوج مراجعة زوجه ولكن بعقد زواج جديد ومهر جديد.
أنواع الطلاق من حيث أنّه معلقًا أو منجزًا
وقبل الشروع في الحديث عن شروط الطلاق في الإسلام من الجدير بالذكر شرح نوعي الطلاق المعلق والمنجز، والطلاق هنا قسمان أولهما الطلاق المنجز أو الناجز، كأن يقول الرجل لزوجه "أنتِ طالق"، أو أحد ألفاظ الكناية وفي نيته طلاق زوجه، ولكن بدون تعليقه الطلاق على شرط ما، وثاني القسمين هو الطلاق المعلق على شرط، ولهذا الطلاق أقسامٌ ثلاثة وهي كالآتي:[٢]
- أن يكون الشرط الذي عُلّق به الطلاق شرطًا محضًا، ففي هذه الحال الطلاق واقع لا محالة، كأن يقول الرجل لامرأته: "إذا غربت الشمس فأنتِ طالق" فمجرد غروب الشمس طلقتْ منه زوجه، فقد علق الطلاق على شرط محض.
- أن يكون اليمين محضًا ففي هذه الحال لا يقه الطلاق به، ويمكن للزوج أن يُكفِّر عن يمينه، كأن يقول الرجل لامرأته: "إن كلمتُ زيدًا فزوجتي طالق"، وكان قصده من هذا اليمين هو الامتناع عن كلام زيد، وهنا اليمن محضًا، فليس هناك صلة بين تطليقه لزوجه وكلامه مع زيد.
- أن يحتمل الطلاق الشرط المحض أو اليمين المحض، وهنا الحكم لنية معلِّق هذا الطلاق، كأن يقول لامرأته: "إن خرجت من البيت فأنتِ طالق"، فقوله ذلك يحتمل أن يكون معلقًا بشرط وهو خروج زوجه من البيت، فإن خرجت وقع عليها الطلاق ونفسه طابت منها، فهو يريد الطلاق، أو أن لا يكون في نيته الطلاق بل هو يريد زوجته ولا يريد طلاقها وإن خرجت، ولكن كان يريد من لفظه أن يمنعها من الخروج، فعلّق الطلاق على خروجها من باب التهديد، فخروجها من البيت في هذه الحال لا يُطلقها من زوجها، فمراده هنا اليمين، والله تعالى أعلم.
شروط الطلاق في الإسلام
تختلف شروط الطلاق في الإسلام فمنها الشروط التي تتعلق بالزوج المُطلِّق حتّى يقع طلاقه، ومنها ما يخصّ الزوجة المُطلَّقة ليقع عليها الطلاق، ومن شروط الطلاق في الإسلام ما يتعلق بصيغة الطلاق، وفيما يأتي شرحٌ لهذه الشروط بشيء من التفصيل:[٣]
الشروط المتعلقة بالمُطلِّق حتّى يقع طلاقه
من شروط الطلاق في الإسلام وهي أن يكون الزوج الذي يجمع بينه وبين المُطلقة عقد نكاح صحيح، كما يُشترط فيه البلوغ، فقد أجمع أكثر أهل العلم الشرعيّ أنّ طلاق الصغير سواءً كان مميزًا أو غير ذلك فلا يقع، ولكنّ أصحاب المذهب الحنبلي قالوا بأنّ طلاق الصبي العاقل يقع، أمّا إن كان غير عاقل فطلاقه لا يقع، كما يشترط في المطلّق أن يكون عاقلًا لذلك فلا يقع طلاق المعتوه أو المجنون، وهناك خلاف في أمر طلاق السكران، والشرط الأخير هو الاختيار والقصد؛ أي أن يقصد المُطلق اللفظ الموجب للطلاق من دون إي إجبار على ذلك، وقد تم اجماع العلماء على وقوع طلاق الهازل أي المازح، واختلفوا في وقوع طلاق الزوج إذا كان غاضبًا أو مريضًا أو مُكرهًا.
الشروط المتعلقة بالمُطلّقة
واستكمالًا في شروط الطلاق في الإسلام لا بدّ من ذكر الشروط التي تتعلق بالزوجة المُطلقة، وأولها قيام الزواج حكمًا أو حقيقةً، وكذلك يجب أن يُعين المُطلق زوجه بالإشارة أو النيّة أو الصفة، وفي اتفاق العلماء يجب تعيين المُطلقة.
الشروط المتعلقة بصيغة الطلاق
ومن شروط الطلاق في الإسلام الشروط التي تختص بصيغة الطلاق أي اللفظ الذي عبّر عن الطلاق، ويمكن أن يكون الطلاق بالكتابة أو الإشارة ولكن للكتابة أو الإشارة أو اللفظ شروط يجب أن توجد فيها حتّى يقع الطلاق، ومن شروط الطلاق في الإسلام المتعلقة باللفظ هي الظن أو القطع بحصول هذا اللفظ مع فهم المعنى، أي يجب وقوع اللفظ مع فهم من يتلفظ به لمعناه، فلو أنّ أحدهم لقن أجنبيًا لفظ الطلاق وهو غير مدرك لمعناه فالطلاق هنا لا يقع، كما يشترط مع اللفظ النيّة، وذلك خاصة مع ألفاظ الكناية في الطلاق، وأمّا الطلاق الصريح فليس من الشروط أن ترافقه النيّة حتّى يقع، وهناء استثناء عند أصحاب المذهب المالكي في حالة الكتابة لبعض الألفاظ، حيث قالوا بوقوعها ولو لم توجد النية كما الطلاق الصريح، وهذه الكنايات هي ما ظهر منها كقول الرجل المطلّق لزوجه: "سرحّتُكِ"، فهي بحكم "طلقّتُكِ"، والله أعلم.
أحكام عدة المطلقة
بعد التفصيل في شرح شروط الطلاق في الإسلام، فمن الجيد ذكر الأحكام المتعلقة بعدة المُطلقة، فعدة المُطلقة تبدأ في وقت وقوع الطلاق عليها، وليس بعد أن تحكم لها المحكمة به، وعلى الزوجة المطلقة أن تجلس في بيتها مع زوجها بعد وقوع الطلاق وألا تخرج ولا تُخطب لغيره، وذلك حتّى انقضاء مدة عدتها، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}،[٤]وإن كانت المطلقّة حاملًا فعدة المطلقة الحامل تنقضي عندما تضع حملها، وذلك لقوله تعالى في سورة البقرة: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}،[٦]وإن كانت المُطلقة ممن لا يحضن من النساء لصغرها أو لكبر سنّها فمدة عدتها ثلاثة أشهر، لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}،[٧]وعلى من تقضي مدة العدة الرجعيّة أن لا تخرج من بيتها لأي سبب كعمل أو غيره إلا لضرورة وذلك لأنها مكتفيّة بالنفقة التي ينفقها زوجها عليها، والله تعالى أعلم.[٨]
حقوق المرأة المطلقة
بعد الشرح المفصّل في شروط الطلاق في الإسلام، من الجدير بالذكر حقوق المرأة المطلقة في الشريعة الإسلاميّة السمحة، فلا يجب لأحد أن يبخس المطلقة أيًا من حقوقها، وجاء تفصيل هذه الحقوق في القرآن الكريم والسنة النبويةّ، وإن كانت المطلقة رجعيّة، والتي يستطيع زوجها مراجعتها دون الحاجة لعقد جديد فلها من الحقوق ما يأتي:[٩]
النفقة
ومن النفقة أيضًا السكن من مال زوجها، وقال الله تعالى في ذلك: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}،[١٠]أمّا المطلقة البائن، فلا نفقة لها على المطلق لانفصام عقد الزواج بينمها، أمّا إذا كانت حاملًا فعلى زوجها نفقتها حتّى تضع مولودها.
حقّ المتعة
وهي المال الذي يقوم الزوج بدفعه للمرأة التي طلقها قبل أن يدخل بها، وذلك لجبر خاطرها، وهذا من محاسن هذا الدين الحنيف، وذلك لقوله تعالى: {لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}،[١١]ومن المستحب أداء حق المتعة لغير ذلك من المطلقات لأن قوله تعالى جاء عامًا: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}.[١٢]
حق الصداق
هو المهر الذي تمّ تسميته في عقد الزواج، وذلك في حال الطلاق بعد الدخول بها فهنا يجب للزوجة كامل المهر، ومحرّم على زوجها أخذ أيّ شيء منه إلا في حال رضاها، وقد جاء ذلك في قوله تعالى في سورة النساء: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}،[١٣]وإن تمّ طلاقها قبل الدخول بها وبعد تسمية مهرها فلها حقّ في نصف المهر الذي سُمّي في العقد، وذلك في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}،[١٤]وفي حال طلاقها قبل تسمية المهر ولكن بعد الدخول بها فلها مهر المثل؛ أي مثيلاتها من النساء، وذلك في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}.[١٥]
حق الإرث
فمن حقوق المطلقة طلاقًا رجعيًا حق في الميراث إذا مات زوجها وهي في عدتها، وتأخذ نصيبها الذي فرضة الله عزّ وجل لها، كباقي زوجاته في حال تعدد الزوجات، ومن غير الجائز الانقاص منه، أو مساومتها عليه إلا إذا كانت راضية، وما شاع في بعض المجتمعات من حرمانهم للزوجة من حقها الشرعيّ في الميراث تنفيذًا لرغبة زوجها هو أمر محرم ومخالف للشريعة الإسلاميّة، وفيه تعدّ واضح على أمر الله.
حق المطلقة في حضانة أطفالها
من حقوق المرأة المطلقة أن تأخذ حضانة أطفالها، ولها نفقتهم ونفقتها معهم حتى إتمامهم للعامين، وليس من حق الزوج أن ينتزع من أم حضانة أطفالها، وذلك في قوله تعالى في سورة البقرة: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ}،[١٦]وهذا الحق هو من أكثر الحقوق التي تُظلم به الزوجة المطلقة من قبل زوجها، وللأم المطلقة حق حضانة أطفالها حتى يبلغوا السبع سنين ما لم تتزوج.
متى يجوز للمرأة طلب الطلاق
بعد ذكر شروط الطلاق في الإسلام، لا بدّ من الإجابة على سؤال مهم جدًا، ويكثر سؤاله وهو متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها، فالطلاق أمر خطير قد يعود بآثار سلبيّة وكبيرة على الأسرة وعلى المجتمع كله، في حالة عدم تنظيمه والتحكم به، وفيما يأتي الحالات التي يمكن للمرأة طلب الطلاق بها، ولا حرج عليها في ذلك:[١٧]
- يمكن للمرأة طلب الطلاق من زوجها في حالها كرهها له أو لخلق من أخلاقه حيث لا تستطيع الحياة معه، ولو كان رجلًا صالحًا، فلا حرج عليها طلب الطلاق منها، فإن طلقها فإحسانًا منه، وإن أراد العوض منها فيكون خلعًا.
- كما يحق للزوجة طلب الطلاق من زوجها في حال كرهها لدينه، وأن يكون في بقائها معه ضرر على دينه، كأن يكون الزوج فاسقًا يتعاطى مسكرًا أو لا يؤدي الفرائض، ومعروف بفعل الفاحشة، أو أن يأمرها بفعل المنكرات وما إلى ذلك من الكبائر، وهي تسعى إلى إصلاحه، وفي حال عدم إصلاحه تستطيع طلب الطلاق منه، حفظًا لدينها، وإن رفض طلاقها رفعت أمرها للحاكم أو القاضي ليفسخها منه.
- أن تكون في زواجها ومن هذه الزوج ضرر في جسدها ونفسها، كأن يظلمها بالاعتداء عليها بالضرب أو الشتم أو السبّ، ويؤذي نفسها بتعنيفها وإهانة كرامتها، ومعاملتها كما تعامل العبيد، فإن استمر على سلوكه ذلك برغم نصحها له فلا حرج عليها من طلب الطلاق منه للتخلص من شروره.
حكم الطلاق عند الغضب
بعد شرح شروط الطلاق في الإسلام يمكن التعريج على أمر مهم جدًا، وهو حكم وقوع طلاق الغاضب، فإن كان هذا الطلاق قد وقع في حالة غضب شديد مغيّب للشعور، وأنّ هذا الغضب كان بسبب كلامٍ سيئ صدرَ من زوجته، وهي معترفةٌ بأنّها أثارت غضب زوجها لهذه الدرجة فهذا الطلاق لا يقع، وذلك بناءً على أدلةٍ شرعيّة دلت على الطلاق في حالة الغضب الشديد والخروج عن الشعور لا يقع، ومن هذه الأدلة حديث عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال: "لا طلاقَ ولا عِتَاقَ في إغْلاقٍ"،[١٨]وفي تفسير أهل العلم أن الإغلاق هو الغضب والإكراه، وقد قسّم العلماء الغضب بأن يكون الغضب مع فقدان الزوج لشعوره فهذا طلاقه لا يقع، أمّا الغضب مع عدم فقدان الشعور بل يكون في الزوج الغاضب شيء من العقل ولكنّه غضب لدرجة لجأ فيها للطلاق، وهذا أيضًا طلاقه غير واقع، وأمّا من كان غضبه عاديًا وليس غضبًا شديدًا فهذه طلاقه يقع عند جمهور أهل العلم، والله أعلم.[١٩]المراجع[+]
- ↑ "الطلاق فى الإسلام "، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "أنواع الطلاق"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "شروط صحة الطلاق من حيث المطلِق والمطلقة والصيغة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق ، آية: 1.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 4.
- ↑ سورة البقرة، آية: 228.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 4.
- ↑ "من أحكام عدة المطلقة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "حقوق المرأة المطلقة في الشريعة الإسلامية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 6.
- ↑ سورة البقرة، آية: 236.
- ↑ سورة البقرة، آية: 241.
- ↑ سورة النساء، آية: 20-21.
- ↑ سورة البقرة، آية: 237.
- ↑ سورة النساء، آية: 24.
- ↑ سورة البقرة، آية: 233.
- ↑ "الطلاق في الإسلام"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/398، صحيح أو حسن.
- ↑ "حكم الطلاق حال الغضب"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.