تعريف-الشعر-السياسي
محتويات
الأغراض الشعرية
تتنوّع الأغراض الشعريّة حسب رؤية الشاعر وهدفه من القصيدة؛ فالشعراء على اختلاف أزمانهم وعصورِهم كانوا ولا زالوا ينظمون الشعر في موضوعات متعدّدة، فلم تكن القصائد الشعرية مقتصرة على موضوع واحد، فالشاعر لديه غاية يسعى إلى تحقيقها من قصيدته، فقد يكتب الشعر في المديح، أو الغزل، أو الهجاء أو فالعصر الإسلامي، والأموي، والعباسي، وغيرها كلها عصور أدبية سميت باسم المرحلة السياسية التي كانت تحكم في ذلك الوقت، ويمكن تعريف الشعر السياسي بأنه شعر يعبر عن الأحداث السياسية في عصر من العصور أو هو شعر يتصل بمدح أحد الحكام، أو رثائهم، أو هجائهم، وظهر هذا الأمر جليًّا في العصور الماضية؛ إذ كان الشعر هو السبيل الوحيد للدفاع عن أمير معين، أو قبيلة معينة، فقد كان الشعر يخلد الانتصارات، ويتحدث عنها، ويبالغ في تصويرها، ومن الأمثلة على ذلك: المتنبي وسيف الدولة الحمداني بالإضافة إلى أبي تمام والخليفة المعتصم، ولم يكن الشعر القديم هو الذي يهتمّ بالحديث عن الأحوال السياسيّة فقط، إنمّا كان الشعر في جماعة الإحياء الذين تأثروا بالشعر العربي في العصور القديمة، فحاكوا النماذج الشعرية القديمة من حيث الشكل، والألفاظ، والبناء الفني في الشعر، ولكن الشاعر كان له أثر واضح في الشعر السياسي؛ وذلك لعملِه في الجيش المصري، واشتراكه في حروب خاضها الجيش المصري إلى جانب العثمانيين في البلقان، وجزيرة كريت، وقد كان لهذه المرحلة أثر في شعره؛ إذ وصف في شعره هذه المعارك التي خاضها، ومدح بعض القادة العثمانيين. وقد نفي البارودي إلى جزيرة سرنديب، وكان لهذا أثر في شعره.[٦]
أحمد شوقي
أثّر أحمد شوقي في النهضة الأدبية والسياسية والاجتماعية، و المسرحية، ويتضح هذا في معظم قصائده التي قالها، واستفاد شوقي من الثقافتين العربية و الغربية، وتميّز أسلوبه بقدرته على التصوير، بالإضافة إلى أن أفكاره مستوحاة من الواقع والأحداث السياسية والاجتماعية. ويقوم بتقليد الشعراء القدامى من العرب في قصائده الشعرية -وهذا من خصائص مدرسة الإحياء- ويتميز أسلوبه كذلك بخيال خصب، وروعة الابتكار، و عمق في المشاعر. وقد نظم الشعر العربي بكل أنواعه وأغراضه، من مديح، ورثاء، وغزل، ووصف وحكمة، وغيرها.[٧]
حافظ إبراهيم
هو شاعر مصري من روّاد الشعر العربي الحديث، ويعد من أبرز أعلام مدرسة الإحياء في نهاية القرن العشرين، وقد ذاع صيته بوصفه شاعرًا يكتب شعرًا يعبر فيه عن الناس، ولقب بشاعر الشعب، ومع حادثة دنشواي عام 1906م، صار حافظ المتحدث الرسمي باسم شعب مصر معبرًا عن آلامه وتطلعاته، ويُعد أحد أشهر أعلام الشعر في تاريخه، وقد عين حافظ في دار الكتب حتى صار مديرًا لها. توفي حافظ عام 1932م، وجمع شعره بعد رحيله في "ديوان حافظ ".[٨]
شواهد من الشعر السياسي
إنّ الشعراء في العصر الحديث عبروا عما يدور حولهم من قضايا سياسية، فكتبوا أبياتًا وقصائد متعددة تسلط الضوء على واقعهم الذي يعيشونه، وكان للبعد السياسي حضورًا عند الشعراء في شعرهم، ومن أهم هذه النماذج التي تبرز تعريف الشعر السياسي وخصائصه:
- محمود سامي البارودي: ومن الأبيات التي قالها في وصف الحرب:[٩]
ولمّا تداعى القومُ واشتبك القَنا
- ودارت كما تهوى على قطبها الحربُ
وزيّن للناس الفرار من الردى
- وماجت صدور الخيل والتهب الضربُ
ودارت بنا الأرض الفضاء كأننا
- سقينا بكأس لا يفيق لها شَربُ
صبرتُ لها حتى تجلت سماؤها
- وإني صبور إن ألمّ بيَ الخطبُ
- وإني صبور إن ألمّ بيَ الخطبُ
- أحمد شوقي: ومن أشهر قصائده قصيدة دمشق التي تحدّث فيها عن نكبة دمشق على يد الفرنسيين، ويبرز فيها تعريف الشعر السياسي وخصائصه ومنها:[١٠]
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ
- وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي
- جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ
تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها
- تخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ
وَقيلَ مَعالِمُ التاريخِ دُكَّتْ
- وَقيلَ أَصابَها تَلَفٌ وَحَرقُ
وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا
- قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ
رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنسا
- أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ
إِذا ما جاءَهُ طُلّابُ حَقٍّ
- يَقولُ عِصابَةٌ خَرَجوا وَشَقّوا
دَمُ الثُوّارِ تَعرِفُهُ فَرَنسا
- وَتَعلَمُ أَنَّهُ نورٌ وَحَقُّ
- حافظ إبراهيم: ومن القصائد المهمة في الشعر السياسي القصيدة التي قالها في حادثة دنشواي، وهي من القصائد التي يتضح فيها تعريف الشعر السياسي وخصائصه أيضًا:[١١]
أَيُّها القائِمونَ بِالأَمرِ فينا
- هَل نَسَيتُم وَلاءَنا وَالوِدادا
خَفِّضوا جَيشَكُم وَناموا هَنيئًا
- وَاِبتَغوا صَيدَكُم وَجوبوا البِلادا
وَإِذا أَعوَزَتكُمُ ذاتُ طَوقٍ
- بَينَ تِلكَ الرُبا فَصيدوا العِبادا
إِنَّما نَحنُ وَالحَمامُ سَواءٌ
- لَم تُغادِر أَطواقُنا الأَجيادا
أُمَّةُ النيلِ أَكبَرَت أَن تُعادي
- مَن رَماها وَأَشفَقَت أَن تُعادى
لَيسَ فيها إِلّا كَلامٌ وَإِلّا
- حَسرَةٌ بَعدَ حَسرَةٍ تَتَهادى
أيُّها المُدَّعي العُمومِيّ مَهلًا
- بَعضَ هَذا فَقَد بَلَغتَ المُرادا
- جميل صدقي الزهاوي: ومن قصائده السياسية قصيدة يصف بها حال الأستانة وما فيها من فساد، وطغيان، وظلم، ومنها:[١٢]
نبا الدهر بالإخوان حَتّى تمزَّعوا
- وَحَتّى خلت منهم ديار وأربعُ
وَنابهمُ خطبٌ فشتَّت شملَهم
- وكان بهم شمل المكارم يجمع
رجال لهم أعلى من النجم همة
- وأمضى من السيف الجراز وأقطع
هنالك ناسٌ خالفوا سننَ الهُدى
- فمُدَّت لهم في البغي بوعٌ وأَذرع
أتوا بشناعات فعيبوا فَحاولوا
- عدولًا فَجاءوا بِالَّذي هو أَشنع
تَباهوا بما حازوه من رتبٍ حظوا
- بها ووساماتٍ عَلى الصدر تلمع
- معروف الرصافي: يقول في قصيدة له يشجع فيها الدفاع عن وطنه:[١٣]
لقد سمعوا من الوطن الأنينا
- فضجوا بالبكاء له حنينا
وأنبأه بصارمه اليقينا
- جميعًا للدفاع مسلَّحينا
وثاروا من مرابضهم أسودًا
- بصوت الاتحاد مُزمجِرينا
شبابٌ كالصوارم في مَضاءٍ
- يُروْنَ، وكالشموس مُنوِّرينا
لقد جمعوا الجموع فمن نصارى
- ومن هود هناك ومسلمينا
وشاهت أوجه المتمردينا
- وما هم فيه متحدين دينا
المراجع[+]
- ↑ "مفهوم الغرض الشعري"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2019. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف في النقد الأدبي (الطبعة السابعة)، القاهرة: دار المعارف، صفحة 194- 196. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم خليل (2007)، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث (الطبعة الثانية)، عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 45- 46. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف في النقد الأدبي (الطبعة السابعة)، القاهرة: دار المعارف، صفحة 196. بتصرّف.
- ^ أ ب إبراهيم خليل (2007)، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث (الطبعة الثانية)، عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 218. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم خليل (2007)، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث (الطبعة الثانية)، عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 60. بتصرّف.
- ↑ "من هو أحمد شوقي - Ahmad Shawqi؟"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "معلومات عن حافظ ابراهيم"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ↑ محمود سامي البارودي (2019)، ديوان محمود سامي البارودي، عمّان: وزارة الثقافة، صفحة 54.
- ↑ "دمشق"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019.
- ↑ "أيها القائمون بالأمر فينا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019.
- ↑ إبراهيم خليل (2007)، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث (الطبعة الثانية)، عمّان: دار المسيرة للنشر والطباعة والتوزيع، صفحة 92.
- ↑ "لقد سمعوا من الوطن الأنينا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019.