سؤال وجواب

خصائص-الثقافة


الثقافة

تعدّ الثقافة من أكثر المصطلحات استخدامًا في الحياة العربيّة المعاصرة، لكنها من أكثر المصطلحات صعوبةً في التعريف، فالمصدر اللغوي يشير إلى حالة الفرد العلمية الرفيعة المستوى، إلا أنّها في اللغات الأوروبية تقابل حالة اجتماعية شعبية أكثر منها حالة فردية، تعني مجموعة العادات والقيم والتقاليد التي تعيش وفقها الجماعة، بغض النظر عن مدى تطور العلوم لديها أو مستوى حضارتها. كما تعرف بأنها الحذق والتمكن، وعلى من يمتلكها أن يكون متعلمًا ومتمكنًا من العلوم والفنون والآداب، فكلما زاد نشاط الفرد ومطالعته واكتسابه الخبرة في الحياة، زاد معدل الوعي الثقافي لديه، وأصبح عنصرًا بناءً في المجتمع. وأيّا كان تعريف الثقافة، فإن لها خصائص مائزة، وهذا ما ستتناوله هذه المقال: خصائص الثقافة.[١]

خصائص الثقافة

يتميّز الإنسان عن بقية المخلوقات بقدرته على صنع الثقافة والمحافظة عليها. وكل مجتمع بشري له ثقافته الخاصة به التي تميزه عن باقي المجتمعات، وقد يحدث أن يوجد تشابه قوي بين مجتمعين، إلا أنه لا يصل إلى حد التطابق. ورغم ذلك يمكن التحدث عن خصائص الثقافة عامة التي تشترك فيها جميع الثقافات، وهي:[٢]

  • الثقافة إنسانية: فمن أولى خصائص الثقافة أنها خاصة بالإنسان وحده بقية المخلوقات، والإنسان هو الحيوان الوحيد القادر على الاختراع والابتكار من أجل تلبية حاجاته المختلفة؛ وهذا لوجود جهاز عصبي متطور عنده، وقدرات عقلية متفوقة تصنع الأدوات والآلات المختلفة بالإضافة إلى وجود لغات خاصة به، وقيم تنير له الطريق.[٢]
  • الثقافة اجتماعية: ثاني خاصية من خصائص الثقافة، فهي تنشأ عن طريق الاتصال والتفاعل بين الأفراد في البيئة الاجتماعية، ويكتسب الإنسان ثقافته من مجتمعه منذ مولده عن طريق الخبرة الشخصية. وبما أن كل مجتمع يتميز بثقافة معينة محددة بزمان ومكان معين، فإن الإنسان يكتسب ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه منذ صغره، دون أن تؤثر في ذلك العوامل البيولوجية.[٢]
  • الثقافة انتقالية: ومن خصائص الثقافة أن التراث الثقافي من اختراع الإنسان، وينتقل من جيل إلى آخر، ومن فرد إلى آخر عن طريق التعليم المقصود وغير المقصود. وتعني الثقافة انتقالية أنها قابلة للانتقال، فالإنسان يستطيع أن يتخذ من إنجازات البشرية السابقة أساسًا يبنى عليه الجديد، وبذلك تتقدم الحضارة ويتراكم التراث الثقافي، ولا يجبر الفرد على البدء من جديد طريق حضارته الإنسانية.[٢]
  • الثقافة أفكار وأعمال: فالإنسان يقيم علاقات مع عوالم ثلاثة: مادية، واجتماعية، وفكرية أو رمزية. وقد تمكن من التحكم في البيئة المادية وحوّلها إلى آلات وأدوات ومدارس ... إلخ. أما الأفكار فقد اختراع الإنسان نظم اللغة والتعليم والفن. ومن خصائص الثقافة أنها تتكون من مجموعة الأعمال والأفكار المتداخلة العناصر والقطاعات.[٢]
  • الثقافة متغيرة ومتصلة: تتغير ثقافة المجتمعات من وقت إلى آخر، ولكن درجة التغير وأسلوبه ومحتواه تختلف من ثقافة إلى أخرى. فقد يسير التغير ببطء شديد نتيجة عزل المجتمع وجموده أو صغره، وقد يحدث التغير بسرعة كبيرة نتيجة الانتشار الثقافي وانفتاح المجتمع وتوافر الحوافز فيه، ومن خصائص الثقافة أنها دائمة التغير؛ لأنها نموّ مستمرّ.[٢]
  • الثقافة متنوعة المضمون: فمن خصائص الثقافة أنها تختلف في مضمونها حتى تصل أحيانًا حد التناقض، فهناك مجتمعات تتيح تعدد الزوجات، ومجتمعات تعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون. ويرجع هذا التباين في المضمون، إلى قدرة العقل البشري على اختراع الافكار والنظم المتنوعة المتعددة، ونوع الطاقة المستخدمة في المجتمع، وطبيعة البيئة الجغرافية، وحجم الجماعة الإنسانية، والقيم، ومدى الاتصال والتعاون بين الجماعات الإنسانية.[٢]
  • الثقافة متشابهة الشكل: فالإطار الشكلي أو الخارجي للنظم الثقافية المختلفة، متشابه مهما اختلف مستواها الحضاري، ففي كل ثقافة نجد القطاعات الثلاثة: المادي والاجتماعي والرمزي، وفي كل ثقافة هناك نظام عائلي أو اقتصادي مع اختلاف في المضمون.[٢]

الأنماط الثقافية

إنّ البحث عن خصائص الثقافة، يتضمن البحث عن أنماط الثقافة، فالعناصر المعيارية لأي ثقافة، تأخذ شكل نماذج تمثل أنماط السلوك الفردي التي يمارسها أعضاء المجتمع، وتعطى هذه الأنماط لسلوك الإنسان التماسك والاستمرارية والشكل المميز. وللتخطيط الثقافي مظهران متكاملان: سلوك ظاهريّ مأخوذ بدلالته المميزة وقيم نفسية مفهومة ضمنًا تؤثر في الأشكال الظاهرية الممارسة. فالزواج مثلا، قد يأخذ نمطًا إجباريًا في ثقافة ما باسم جرائم الشرف أو العرض والثأر، وقد يأخذ النمط الشائع من الإقبال على الزواج لكونه حالة اجتماعية يقبل الجميع عليها ويرغب بها، وقد يكون نمطًا اختياريًا كاختيار الزواج أو عدم اختياره بتاتًا عند بعض الأفراد في كثير من الثقافات.[١]

تطور الثقافة

من خصائص الثقافة أنها عرضة للتغييرالمتسارع المستمر، فقد تطور الاختراع الثقافى ليشمل أي ابتكار جديد مفيد لمجموعة من الناس، يعبر عنه في سلوكهم بدون أى وجود مادى له. كما تتأثر الثقافات داخليًا بكلا من القوى المؤيدة للتغيير والقوى المناهضة للتغيير، كما تتأثر تلك القوى بكلا من البناء الاجتماعي والأحداث الطبيعية، كما تشارك بدور كبير في استمرار الأفكار والممارسات الثقافية ضمن الأنظمة الحالية، التي تكون عرضة للتغيير قي حد ذاتها.[٣]

كما أن الصراعات الاجتماعية والتنمية التكنولوجية، تحدث تغييرات داخل المجتمع عن طريق تغيير الآليات الاجتماعية، وتعزيز النماذج الثقافية الجديدة، وتحفيز أو تمكين العمل الإنتاجي، وقد يصاحبها تحولات أيديولوجية، فمثلا ضمت النسوية الأمريكية بعض الممارسات الجديدة التي أحدثت تغيرًا في العلاقات بين الجنسين، وفي الأنظمة الاقتصادية والظروف البيئية على حد سواء. وقد تتأثر الثقافات من الخارج عن طريق الاحتكاك بين المجتمعات، والتي قد تنتج أو تمنع التحولات الاجتماعية والتغيرات في الممارسات الثقافية. وقد يكون للحرب أو التنافس على الموارد بالغ الأثر في التطور التكنولوجي أو التغييرات الاجتماعية.[٣]

بالإضافة إلى ذلك، قد يتم نقل الأفكار الثقافية من مجتمع إلى آخر، عن طريق التعايش أو التبادل الثقافى، فمثلا يبدو الهمبرغر مدهشًا عند تقديمه في الصين على الرغم من عاديته الولايات المتحدة. وهنا يشير "التعايش النشط" أو تبادل الأفكار إلى عنصر واحد من ثقافة معينة يدفع إلى شهرة ثقافة أخرى. من ناحية أخرى، يرجع "الاقتراض المباشر" إلى التقدم التكنولوجي من ثقافة إلى أخرى، وتقدم نظرية تبادل الابتكارات نموذجًا يعتمد على البحوث النظرية، الذي يساعد في معرفة لماذا ومتى يمكن للأفراد والثقافات اعتماد أفكار، وممارسات، ومنتجات جديدة. والتبادل الثقافى يشير إلى استبدال سمات ثقافة ما بنظيرتها من ثقافة أخرى، كما حدث لبعض سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر ولكثير من الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم خلال عملية الاستعمار من خلال تبني ثقافة المستعمر الأجنبي وتغليبها على الثقافة الأصلية.[٣]

الثقافة والحضارة والمدنية

لا توجد في الحقيقة حدود فاصلة وحاسمة بين مفهوم الثقافة ومفهومَيْ الحضارة والمدنية في اللغات الأوربية الحديثة، فكثيرا ما تستخدم كلمة حضارة بمعنى مدنية أو ثقافة وبالعكس. إن فهم الحضارة في الغرب في القرن الثامن عشر، بأنها حركة المجتمع ككل بما يشمله من آراء وأعراف الناتجة عن التفاعل بين الحرف والصناعة مع المعتقدات والآثار الجميلة والعلوم، حيث لا تمييز فيه بين المظاهر المادية والمعنوية، قد أكسب مفهوم الحضارة أبعادًا جديدة، ميزته عن المعنى الذي خصّه به ابن خلدون "العمران". ومع ذلك ما زال مصطلح الحضارة يستخدم ليعبر مرّة عن الثقافة بمعناها الأنثروبولوجي، ومرّة أخرى عن الانتماء الديني، كأن يقال الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية والحضارة البوذية.[٣]

وهذا يدلّ على تلازم مفهومَيْ الحضارة والثقافة في استيعاب الإنجازات الإنسانية الكبرى. ويؤدي بدوره إلى ضرورة التسليم بوجود علاقة وثيقة بين الثقافة والحضارة مع افتراض أسبقية الأولى زمنيًا على الأخرى؛ فكليهما منجز إنساني يتوقف على الآخر. فلا بد من ثقافة لوضع التقدم العلمي والتقني في مصلحة البشرية وخدمتها، لا أن يكون على حسابها ومعيقاً لها. ولهذا تم إدراج معظم التعاريف المعطاة لمصطلح الحضارة تحت إحدى المقولتين التاليتين: الأولى تقول بوجود ثقافات قومية متعددة وحضارة إنسانية واحدة، حيث تتنوع الثقافات وتتسع العناصر المكونة لها. ومع اتحادها واندماجها وانصهارها في القالب الواحد تصبح حضارة. والثانية تقول بوجود حضارات إنسانية عدّة، تصل عند توينبي إلى نحو عشرين حضارة إنسانية. والحضارة في هذه الحالة هي ثقافة مجتمع كبير تدوم لمدة طويلة من الزمن.[٣]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب "ثقافة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "خصائص الثقافة"، www.almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج "ثقافة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2019. بتصرّف.