من-هم-الأرحام
الرحم في الإسلام
الرحم لغةً هو مكان تكوين الولد، واصطلاحًا قرابةٌ تجمع أبناء لأب واحد، بمعنى أقارب يجمعهم نسب واحد وبينهم رحِم؛ أي: قرابة قريبة، ويجتمعون في نسب واحد،[١] ومن هنا جاء فضل صلة الرحم، وجُعِلَ قطع الرحم من الكبائر؛ فصلة الرحم تدفع الإنسان إلى التفكير بمجتمعه، وبذلك يصبح المجتمع الإسلامي متماسكًا متعاضدًا لا يُفكّر فيه المرء بأنانيّة وبفرديّة، بل على العكس تمامًا فالإسلام قوته في اجتماع أبنائه، وكانت صفة صلة الرحم أوّل صفة تقولها السيدة خديجة -رضي الله عنها- لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- يوم هبط عليه الوحي، فقالت: "كَلّا أبْشِرْ، فَواللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، واللَّهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ"،[٢] وسيتوقف المقال مع تعيين الأرحام وعاقبة قطع الرحم.[٣]
من هم الأرحام
إنّ الأرحام في الإسلام هم الأقرباء الواجب صلتهم وهم الأقرباء من جهة الأب والأم فقط، وليس أقارب الزوج أو الزوجة من الرحم الواجب صلتهم، فلا يجب على المرأة صلة أقارب زوجها، وكذلك ليس على الزوج صلة أقارب زوجته، والأرحام الأقرب هم الآباء والأمّهات والأجداد والأولاد وأولاد الأولاد، ثمّ يأتي الإخوة وأبناؤهم، والأعمام والعمّات وأبناؤهم، والأخوال والخالات وأبناؤهم،[٤] ومنهم رحم مَحرَمٌ؛ أي حرام نكاحهم، وهم المحارم، كالأب والأخ والعم والخال والجد والابن للفتاة، والأم والأخت والعمة والخالة والجدّة والابنة للذكر، وغيرهم ممّا حرّم الله تعالى نكاحهم، والقسم الآخر هو الرحم غير المحرم، وهم الذين يجوز نكاحهم، كأبناء الأعمام وبناتهم، وأبناء العمّات وبناتهم، وأبناء الأخوال وبناتهم، وهكذا، والله أعلم.[١]
عاقبة قطيعة الأرحام
جاء في صحيح مسلم أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ منهمْ قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فَذاكِ لَكِ"، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: "اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فأصَمَّهُمْ وأَعْمَى أبْصارَهُمْ، أفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أمْ علَى قُلُوبٍ أقْفالُها}"،[٥] فالقاطع هو من يقطع أرحامه، وقطع الأرحام كبيرة من الكبائر يُحرم صاحبها من الجنّة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ"،[٦][٧] وكذلك قاطع الرحم يحبط عمله ولا يقبل منه؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أعمالَ بني آدمَ تُعرضُ كلَّ خميسٍ ليلةَ الجمعةِ فلا يُقبَلُ عملُ قاطعِ رحِمٍ"،[٨] ولصلة الأرحام أو الرحم في الإسلام فوائد عظيمة أجلّ من أن تُحصى، يُذكر منها الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"،[٩] والله أعلم.[١٠]
المراجع[+]
- ^ أ ب "المَبحَثُ الأوَّلُ: تَعريفُ الرَّحِمِ"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 160، حديث صحيح.
- ↑ "صلة الرحم"، www.dar-alifta.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "من هم الأرحام الواجب صلتهم؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2554، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 2556، حديث صحيح.
- ↑ "الرحم معلقة بالعرش"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3/311، حديث رواته ثقات.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5986، حديث صحيح.
- ↑ "صلة الرحم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020. بتصرّف.