سؤال وجواب

فضل-شهر-شعبان


الأشهر الهجرية

الأشهر الهجرية أو العربية اثنا عشر شهرًا وجاء في قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}،[١] ولكل شهر اسم مُعين وبعضها ذو فضلٍ عظيم عند الله تعالى، كما منها الأشهُر الحُرم ولها خصائص وفضل بسبب بعض الأحكام فيها، والشهور الهجرية في الإسلام هي، مُحرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، بالإضافة إلى جُمادى الأولى، جُمادى الاَخرة، رجب، شعبان، ورمضان، وأخيرًا شوال،ذو القعدة، وذو الحِجة، وهذا المقال يُسلط الضوء على فضل شهر شعبان، وفضل ليلة النصف من شعبان، بالإضافة لحكم الصيام فيه وكيفية الاستفاده منه في التربية.[٢]

فضل شهر شعبان

فضل شهر شعبان يتمحور بعدة أمور منها، أنه يسبق شهر رمضان المُبارك؛ ولذلك يشرع فيه ما يشرع بشهر الخير من تلاوة القراَن الكريم، والصيام، ويُعد ذلك تحضيرًا لدخول رمضان بشكل جيد من ناحية العبادات لله تعالى، وقال أهل العلم أن شهر شعبان يُعد شهر القراءة وكان بعضهُم يتفرغ في هذا الشهر العظيم لقراءة الكتاب الكريم، ومن فضل شهر شعبان طاعة الله تعالى في وقت الغفلة حيث أن هذا الشهر يأتي بعد رجب وهو من الأشهُر الحُرم وقبل رمضان شهر الصيام ولذلك فمُعظم الناس تغفل عن العبادات فيه، والتعبد لله تعالى في شهر شعبان مُستحب.ينبغي على المُسلم أن يستشمر فضل شهر شعبان بالتقرب من الله تعالى لاسيما وأن شهر الذي فيه فرض الصيام يلتصق بشعبان.[٣]

كما على المُسلم توعية أفراد الأُسرة بالشكل الصحيح وعدم التغافل في هذا الشهر بملاهي الحياة التي لا تنتهي، والعبادات في شهر شعبان فيها اقتداء بسنّة النبي الكريم، وروي عن أُم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر قولها: "لَمْ يَكُنِ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ"،[٤] ومن فضل شهر شعبان تذكيره للناس بُقرب رمضان وفي ذلك تنبيه للنساء بقضاء ما عليهن من فترة الحيض قبل دخول شهر الصيام، وفي ذلك اقتداء بأُمهات المؤمنين لأنهنّ كُنّ يؤجلنَّ القضاء لشهر شعبان للحصول على أجر الطاعة فيه، بالإضافة للصيام بأيام كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصومها ويحث على الصيام فيها، وشعبان فرصة ذهبية لأئمة المساجد لمُراجعة القراَن الكريم لتسهل تلاوته في صلاة التروايح في شهر رمضان المُبارك.[٥]

حكم إكثار الصيام في شعبان

يُعد الصيام من فضل شهر شعبان ولذلك ينبغي معرفة حكم إكثار الصيام فيه، في هذا السياق قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "ذلك شهرٌ يَغفَلُ الناسُ عنه بين رجبٍ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالَمينَ، فأُحِبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأنا صائمٌ"،[٦] وصيام شهر شعبان يترتب عليه بعض التفصيلات منها، الإعتياد على الصيام قبل شهر رمضان المُبارك أو من كان عليه نذر صيام الشهر الذي يسبق رمضان، أو قضاء من رمضان السابق، الحالات المذكورة لا حرج فيها من الصيام في شعبان سواء أوله أو اَخره ورُبما أوسطه.[٧]

أما من لم يكن مُعتاد على الصيام أو ليس ضمن الحالات التي تم ذكرها، فعليه الصيام من أول شعبان ولغاية نِصفه فقط وفي ذلك كلام للنبي الكريم: "إذا انتصف شعبانُ، فلا تصوموا حتى يكونُ رمضانُ"،[٨] والحكمة من كلام النبي بالنهي عن الصيام بعد مُنتصف شهر شعبان لأن البعض إذا صام النصف الأخير من شعبان والصقه بصيام رمضان المفروض من الله تعالى على المؤمنين، قد يتحول الأمر داخل نفسه إلى سُنة أو واجب وهذا قد يؤدي إلى التحريف في الدين الإسلامي، ومن المعروف أن الغلو في الدين مذموم.[٧]

شعبان شهر التربية

الحديث عن فضل شهر شعبان ومكانته بين الأشهر الهجرية يؤدي للتعريج على أن هذا الشهر يُعد شهرًا للتربية، هذا الشهر ميزهُ النبي الكريم بكثرة الصيام والسبب أن شعبان شهر تُرفع فيه الأعمال، ومن أراد أن يسير على خطى الحبيب عليه أن يستحي من نظر الله تعالى إليه، وذلك بأن يُتقن الصلاة، وأن يُعطي لله من وقته، والحياء من الأعمال التي لا تخدم الدين الإسلامي، وكذلك الحياء بتضييع الجُهد والطاقة والقوة في أمور بعيدة عن خدمة الإسلام، وينبغي على المُسلم أن يُغير من سلوكه بالقرب من الله تعالى في شعبان بالصلاة والصيام والذِكر وقيام الليل والنوافل وقراءة القراَن الكريم والعمل فيه، وقيل أن شهر رجب يُسمى شهر الزرع ويأتي بعده شعبان والذي يُطلق عليه شهر السقي ويليه رمضان والذي يُعد شهر الحصاد، ومن يزرع ويسقي تكون نتيجته الحصاد.[٩]

وعلى المُسلم أن يعتبر شهر شعبان تأهيل لرمضان وذلك بطرقه لأبواب الجنة التي تُفتح في رمضان، وأبواب الجنة تُفتح بالاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله تعالى، وكذلك بالتضرع إلى الخالق والطاعات والدعاء، والتربية في شعبان تكُمن في قراءة الكتب الإسلامية والاستماع لدروس الوعّاظ والحضور لمجالس العلم، وعلى رب الأُسرة تهيئة أُسرته في شعبان من خلال وضع برنامج يليق بشهر رمضان المُبارك، ويُعد شهر شعبان صفحة بيضاء جديدة على المُسلم أن يفتحها مع الله تعالى ويقوم بتعبئتها بما يُرضي الخالق من جهاد النفس وسلامة الصدور والقلوب ومُحاسبة الذات بشكل يومي.[٩]

فضل ليلة النصف من شعبان

فضل شهر شعبان لا يقتصر على ما تمّ ذِكرهُ سابقًا فحسب وإنما في هذا الشهر ليلة عظيمة وهي ليلة منتصف الشهر حيث فيها يطّلع الله تعالى إلى خلقه ويغفر لهم جميعًا عدا المُشرك حتى يوحد الله -جل جلاله-، والمُشاحن أي المُخاصم حتى ينهي الخصومه مع من تخاصم معه، وجاء في قول النبي الكريم: "إنَّ اللهَ تعالى لَيطَّلِعُ في ليلةِ النصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلْقِه ، إلا لمشركٍ أو مشاحنٍ"،[١٠] وهذه الليلة العظيمة تُعد فرصة ذهبية لمن أراد مغفرة الخالق ولمن أراد الدخول للجنة التي أعدها الله تعالى لعباده، والمغفرة تكون لمن يجتهد بالتوبة ويتجنب المعاصي، وهذا اليوم لا يوجد فيه سند عن النبي الكريم عن صيامه أو قيامه ولا عن الصحابة -رضوان الله عليهم-.[١١]

المراجع[+]

  1. سورة التوبة، آية: 36.
  2. "معاني الأشهر الهجرية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019. بتصرّف.
  3. "فضائل شهر شعبان"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019. بتصرّف.
  4. رواه عائشة بنت أبي بكر، في صحيح البخاري، عن البخاري، الصفحة أو الرقم: 1970، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  5. "فضائل شهر شعبان"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019. بتصرّف.
  6. رواه أسامة بن زيد، في الحديث لابن عبدالوهاب، عن محمد ابن عبد الوهاب، الصفحة أو الرقم: 2/488، خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد.
  7. ^ أ ب "إكثار الصيام في شهر شعبان سنة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2019. بتصرّف.
  8. رواه أبو هريرة، في الجامع الصغير، عن السيوطي، الصفحة أو الرقم: 492، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  9. ^ أ ب "وقفات تربوية مع شهر شعبان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  10. رواه أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس، في صحيح الجامع، عن الألباني، الصفحة أو الرقم: 1819، خلاصة حكم المحدث : حسن.
  11. "فضل ليلة النصف من شعبان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.