سؤال وجواب

خصائص-النثر-الجاهلي


الأدب في العصر الجاهلي

ورّثت الحقبة الجاهليّة للعرب أدبًا ناضجًا في لغته وشعره ونثره، وقد اتّسع هذا الأدب اتساعًا كبيرًا في العصر الجاهلي؛ ليشملَ صنوفًا متنوّعةً من المعرفةِ وألوانها؛ من لغةٍ وشعرٍ وبلاغةٍ ونثر، ولكن قلّما انصرف العرب في الجاهلية إلى إتقان الفنون عامّة والخوضِ في ميادينها؛ ذلك لأنّهم قد وجّهوا همهم إلى فنون القول للتعبير عن مشاعرهم، غير أنّ هذا الأدب الجاهلي أيضًا قد غابت بداياته في مجاهل التاريخ، فلم يصل منه إلّا أواخره؛ بسبب ضياع أكثر الشعر والنثر لعدم حفظه، ولأنّ بعضه زال مع الرواة الكثيرين الذين ماتوا في الحروب، أمّا النثر فقد وصل للعرب بعضًا منه، وفي هذا المقال سيتمّ الحديث عن خصائص النثر الجاهلي.[١]

النثر الجاهلي

النثر هو أحد قسمَيْ الكلام، فالكلام إمّا أن يكون في قالب الشعر المنظوم، وإمّا أن يكون في قالب الكلام المنثور، أمّا النثر فهو الصورة الثانية التي يهتم بها التعبير الأدبي، وهو من ألوان الكلام التي لا تتقيد بالوزن والقافية، إلّا أنّها تعتمد على فنون البلاغة من واستعارة[٢]، ومن يرجع إلى العصر الجاهلي يجد اهتمام العرب في الشعر الجاهلي بالشعر أكثر من اهتمامهم بالنثر، مع أنّ الكتابة كانت معروفة لديهم، إلّا أنّ ما وصل للناس من نثرهم قليل، لأنّ حفظ النثر أصعب من حفظ الشعر، فاقتصرت الكتابة على جوانب تختصّ بحياتهم التجارية والاجتماعية والسياسية، كالوصايا والرسائل والخطابة والعقود وكتابة الديون،[٣] وأصبح النثر لديهم يلعب دورًا مُهمًّا في حياة العرب الجاهلية، إذ كانوا مشغوفين بمواضيع التاريخ، بالإضافة إلى القصص عن فرسانهم وملوكهم وأهمّ وقائعهم، وقد دارت بينهم أخبار الأمم المجاورة الممتزجة قصصهم بالخُرافات والأساطير.[٤]

خصائص النثر الجاهلي

لقد احتوى النثر الجاهلي في مضمونه قضايا عديدةً تهمُّ الفرد والجماعة في العديد من المُجتمعات القبلية في العصر الجاهلي، فكان النثر بشتى ضُروبه مُتمّمًا للشعر الجاهلي في تصويره جوانب من الحياة العربيّة تصويرًا قريبًا من الواقع، ويمكن تلخيص خصائص النثر الجاهلي بما يأتي:[٥]

  • تصوير النثر الجاهلي تصويرًا يقترب من الواقع والحقيقة.
  • يغلب على هذا النثر العناية والتجويد والبعد عن الضعف.
  • التنغيم الموسيقي بين الجمل، وكان ذلك من أهمّ خصائص النثر الجاهلي..
  • من خصائص النثر الجاهلي أنّه يغلب عليه السهولة والوضوح في الألفاظ والتراكيب.
  • رقي الأفكار والمعاني.
  • جزالة الألفاظ وخشونتها، وصحة التراكيب.
  • الاهتمام والقصص فالرسائل، وجميع هذه الفنون كانت تزخر بخصائص النثر الجاهلي، وفي ما يلي سيتمّ الحديث بشيء من التفصيل عن هذه الفنون النثريّة:[٣]

    • الخطابة: لم يكن حظّ الخطابة في الجاهلية كحظّها في عصر صدر الإسلام، ولكنّها وُجدت فيه على قدر مُعيّن، حيث ازدهرت الخطابة في العصر الجاهلي في زمنٍ مُتأخّرٍ؛ وذلك لأنَّ والتاريخ، وقد نتج عن العصر الجاهلي ذخيرة قصصيّة غزيرة، تمثّلت في مضمونها جوانب من المجتمع العربي، وقد بقي العرب يتداولونها من خلال الرواية الشفهيّة حتى بدأ التدوين، ووصل للعرب ما وجدناه في كُتب الأدب والتاريخ.
    • الرسائل: وهي آخر أشكال النثر الجاهلي وفنونه، حيث تُعدُّ من أقل الفنون شيوعًا، وقد استخدمها العرب في الجاهلية في أمورهم التجارية والسياسية والقبليّة، وما وصل من الرسائل قليلٌ جدًّا، ومن تلك الرسائل ما يكون في القبائل من عهود ومحالفات ووثائق.

    نموذج من النثر الجاهلي

    بعد أن تمّ الحديث حول خصائص النثر الجاهلي وأبرز أشكاله، لا بدّ من الوقوف على ذكر نماذج من النثر الجاهلي، وفي ما يلي خطبة هاشم بن عبد مناف يحثّ من خلالها قريشًا على إكرام زوّار بيت الله الحرام، حيث كان هاشم بن عبد مناف يقوم أول نهار اليوم الأوّل من شهر ذي الحجّة فيخطب في قريش قائلًا:[٢]

    "يا معشرَ قريشٍ، أنتم سادةُ العَرَبِ، أَحْسَنُها وُجُوهًا، وَأَعْظَمُها أحلامًا، وأَوْسَطُها أنسابًا، وأَقْرَبُها أرحامًا، يا معشرَ قريشٍ، أنتم جِيرانُ بيتِ اللهِ، أكرمَكم بِوِلايَتِهِ، وَخَصَّكم بِجِوَارِه دونِ بني إسماعيلَ، وحَفِظَ منكم أحسنَ ما حَفِظَ جارٌ مِن جارِهِ، فَأَكْرِمُوا ضَيْفَهُ، وُزُوَّارَ بَيْتِهِ؛ فإِنَّهم يأتونَكم شُعْثًا غُبْرًا مِن كلِّ بَلَدٍ، فَوَرَبِّ هذه البُنِيَّةِ لو كان لي مالٌ يَحْمِلُ ذلك لَكَفَيْتُكُمُوه، ألا وإِنِّي مُخْرِجٌ مِن طَيِّبِ مالي وحلالِه ما لم يُقْطَعْ فيه رَحِمٌ، ولم يُؤْخَذْ بِظُلْمٍ، ولم يَدْخُلْ فيه حَرَامٌ، فَوَاضِعُهُ فَمَنْ شاءَ منكم أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذلك فَعَلَ، وأَسْأَلُكم بِحُرْمَةِ هذا البيتِ أَلاَّ يُخْرِجَ رجلٌ منكم مِن مالِه لِكِرَامَةِ زُوَارِ بيتِ اللهِ ومَعُونَتِهم إِلاَّ طَيِّبًا لم يُؤْخَذْ ظُلْمًا، ولم يُقْطَعْ فيه رَحِمٌ، ولم يُغْتَصَبْ".

    المراجع[+]

    1. "مقدمة عن الأدب الجاهلي"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2019. بتصرّف.
    2. ^ أ ب "النثر في العصر الجاهلي"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
    3. ^ أ ب "الأدب العربي في العصر الجاهلي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 23-11-2019. بتصرّف.
    4. "النثر الفني"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
    5. "الأدب العربي في العصر الجاهلي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.