سيكولوجية-المراهقة-ومشكلاتها
محتويات
المراهقة
تُعرف المراهقة أنّها مرحلة انتقاليّة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرّجولة أو الأنوثة، فهي مسافة زمنية بين فترتَيٍ 12 و17 سنة، وتتميز هذه المرحلة بثلاثة أبعاد: بُعد بيولوجي أيْ البلوغ، وبُعد اجتماعيّ وبُعد نفسيّ، وتبدأ هذه المرحلة في بداية ظهور مظاهر البلوغ وتكون بدايتها غير واضحة تمامًا، ولكن تنتهي في وصول المراهق للنضج التامّ، ويعد مفهوم المراهقة مصطلحًا حديثًا ظهر نتاج الثورة الصناعية والعلمية والتقنية في القرن التاسع عشر ميلادي، وأول من تحدث عن سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها هو العالم الأمريكي ستانلي هول.[١]
النمو الجسمي في مرحلة المراهقة
تظهر في بداية فترة المراهقة تغيّرات نَمائيّة سريعة في حجم الجسم ومفاجِئة بالنسبة للمراهق نفسه، بالإضافة إلى التغيرات في نسب الجسم، ويحدث أيضًا تغيرات في إفرازات الغدد التانسلية، وقد فسرت الدراسات أن التغيرات الجسمية في مرحلة المراهقة تعود إلى حركة الهرمونات، إذ إنّ بعض هذه الهرمونات تفرز لأول مرة في هذه المرحلة وبعضها الآخر يزداد نسبة إفرازه في هذه المرحلة، ويظهر التغير على الأبعاد الخارجية من خلال التغير في الطول والوزن والعرض والتغيرات في ملامح الوجه أما التغير الداخلي الفسيولوجي فيكون في نمو الغدد الجنسية، ولهذا بسبب التغيرات الفسيولوجية تظهر مظاهر خاصة في سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها.[٢]
ومن التغيرات الجسمية المميزة للمراهقة هي بَدء ظهور الشعر في أجزاء مختلفة من الجسم، فينمو الشعر حول الأعضاء التناسلية وتحت الإبطين عند الفتى والفتاة، وكما ينمو شعر الذقن والشارب عند الفتى، أما التغيرات الجنسية فتظهر في نضج الأعضاء التناسلية عند الذكر والأنثى، فهذه الأعضاء لا تكون تقوم بوظيفتها في مرحلة الطفولة وتبدأ عملها في مرحلة المراهقة فيبدأ الجهاز التناسلي عند الفتاة بالقيام بوظيفته وهو حدوث الحيض، والاحتلام أي ظهور المني عند النوم عند الفتى، وتظهر هذه العلامات في الغالب بين سن الثانية عشرة والخامسة عشر للبنات، والثالثة عشر والسادسة عشر للبنين.[٣]
سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها
المراهقة مرحلة انتقالية من شأنها إحداث الاضطراب والغموض، ومن الواضح أن المراهق في أول سنوات المراهقة يكون مشغولًا بالتخلص من قيود الطفولة وتصوراتها، ولكنه يقع في الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية والأكاديمية، ومن أجل فهم سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها هذه بعض المشكلات التي في الأغلب يتعرض لها المراهق:[٤]
تطرف المراهق ومشاكسته
يشتهر المراهقون في الميل إلى الغلوّ أو المجادلة حول الأشياء الصغيرة، أو معارضة الأم والأب في أمر واضح، ويحدث هذا بسبب أن لدى المراهق شحنات عاطفية قوية، وفي الوقت نفسه لم يكتشف القدرة على محاكمة الأمور والتفكير في العواقب، فَضَآلة الخبرة تجعل منهم أشخاصًا ثوريّين، وإن الفراغ الذين يعيشونه في حياتهم وقلة المسؤوليات يجعلهم يركزون على الأشياء التي يتعاطفون معها، ويميل المراهق للمجادلة ليثبت لنفسه ولغيره أنه أصبح إنسانًا مستقلًا.[٤]
التأخر الدراسي
يقصد بالتأخر الدراسي هبوط مستوى الطالب في التحصيل العلمي، وفي الدرجات التي ينالها في الاختبارات قد تكون في جميع المواد وقد يكون في مواد محددة، ولا شك أنها من أخطر المشكلات التي تواجهها الأسر في هذه الأيام، فإن قدرة المراهقين والشباب على بناء أسر في المستقبل مرتبط بتفوقهم في دراستهم الثانوية، وتكون أهم الأسباب ذات الطابع السيكولوجي التي تؤثر على تحصيل المراهقين الآتي:[٤]
- انخفاض الثقة بالنفس: تنخفض الثقة بالنفس حيث يشعر المراهق أن الأعباء الملقاة عليه أكبر بكثير من طاقته وقدراته، كما أنه يشعر أنه لا يستحق التفوق بسبب ظروفه وأحواله.
- الشعور بالقلق الزائد عن الحد: بسبب تهيبه من تحمل المسؤولية، فيؤثر هذا القلق على قدرته على التركيز في المواد الدراسية والامتحانات.
- الخجل: يعاني المراهق من الخجل من الكلام والوقوف أمام الطلاب ومحاورة المعلمين، وهذا يجعل مشاركته ضعيفة ويؤثر بشكل سلبي على الفائدة التي يمكن الحصول عليها.
- انعدام الدافعية: انعدام الرغبة الكافية في المواد التي يدرسها الطالب، أو نفوره من الدراسة بسبب تصرفات بعض معلميه معه أو نظرته للمادة الدراسية وصعوبتها.
- الافتقار للدعم النفسي: فإن الأهل يمكن أن يصنعوا الرغبة في الدراسة عند الأبناء ويمكن أن يهدموها؛ بسبب إهمالهم وعدم معرفتهم بسيكولوجية المراهقة ومشكلاتها.
تدني الشعور بالمسؤولية
لدى الكبار شعور متزايد بأن أبناءهم لديهم شعور بالمسؤولية أقل بكثير مما لديهم تجاه الكثير من الأمور، فقد يخرج المراهق من غرفته ويترك الإنارة تعمل أو يذهب للخارج ويترك غرفته أشبه بساحة حرب، ويهمل واجباته المدرسية وواجبته المنزلية، ولا يلقي بالًا لعواقب الأمور التي يهملها، ومن أسباب ذلك أن المراهق في هذه المرحلة يكون تفكيره مشوش بين الكثير من الأشياء التي تم ذكرها سابقًا، ويهتم المراهق في منظره الخارجي كثيرًا ويعدّ أكبر مسؤولياته هو أن يبدو بشكل جيد، ولكنه لا يفلح كثيرًا في ذلك بسبب أن في هذه المرحلة تتغير الهرمونات ويزداد النمو ويجعل من جسده غير متناسق على نحو كامل.[٤]
غفلة المراهقات
لو نظر الفرد إلى أغلب أخطائه سيجدها ناجمة عن الجهل والغفلة، وهذا الأمر بالضبط هو سبب تورط الفتيات والشباب في الكثير من المشكلات، ومن الأسباب التي تجعل الكثير من الفتيات يقعن في شباك الكثير من الفتيان وذلك عبر النقاط الآتية:[٤]
- تنضج عاطفة الحب لدى الإناث قبل نضجها عند الذكور، وتكون أخصب وأقوى، وتكون معالم الأنوثة قد ظهرت عليها، ولذلك فإن وعي الفتيات حول الجنس الآخر يتفتح في وقت مبكر نسبيًا، وبسبب هذا الأمر وعدم معرفة الأهل بحقيقة المرحلة التي تمر بها يتم تزويج الفتاة في سن مبكرة، ظنًا منهم أنها قد كبرت.
- تتميز الفتاة بدرجة عالية من الصدق والإخلاص، ويكون لدى الفتيات ميل شديد للتضحية فكم من فتاة استمرت في علاقتها مع شاب على الرغم من أنها اكتشفت أنه شخص سيئ، وأنه على علاقة مع فتيات أخريات، واستمرت بسبب أنه أقسم لها الأيمان أنه لا يستطيع الحياة من غيرها، وتصدقه بسبب عاطفتها الكبيرة.
- لا تكون لدى أغلب الفتيات في مرحلة المراهقة خبرة حسنة في الحياة، ودائرة إطلاعهن محدودة بحدود الأسرة وعدد قليل من الصديقات في هذه المرحلة، فغلبة عاطفتها مع قلة خبرتها في الحياة تجعلها عرضة الحب العذري،وفي الحديث عن سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها، فإن التربية الجنسية إحدى أهم النقاط التي يجب الحديث عنها وتكون بالمقام الأول في دور الوالدين يختلف دور الوالدين في مرحلة المراهقة عن دورهم في مراحل آخرى، فعليهم التقرب من المراهق وإشعاره بالتقدير وإقامة علاقة صداقة بدل من السلطة والتحكم وعلى الأم بشكل خاص التقرب من البنت وأن تكون أمين سرّها وتبوح لها بكل ما يجيش صدرها وعلى الأم أيضًا القيام بتوجيه الفتاة وتحضيرها نفسيًا لكل التطورات الجسمية التي ستحدث عند النضوج الجنسي، وعلى الأهل أيضًا تدعيم القيم الأخلاقية والدينية والمعايير الاجتماعية، ومراقبة سلوك أبنائهم ولكن مع احترام كيانهم.[٥]
ولا يجب إهمال دور المدرسة في التربية الجنسية ففي المدرسة يتم شرح بشكل دقيق حول تركيب الأعضاء التناسلية ووظائفها بشكل علمي مع الإرشادات التربوية، ولدى المدرسة دور مهم في إكساب الطالب القيم الأخلاقية، وأيضَا لها دور في إشغال أوقات الفراغ للطالب للاستفادة منه بأمور حسنة بدلًا من التفكير بالأمور الجنسية.[٥]
علاج مشكلات مرحلة المراهقة
إن الطريقة التي يتّبعها الأهل مع المراهقين تبين مدى فهمهم لسيكولوجية المراهقة ومشكلاتها، وتؤثر إما سلبًا أو إيجابًا في سلوك المراهق، ويمكن علاج مشكلات المراهقين من خلال فهم سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها، واتباع النصائح الآتية:[٦]
- تقبّل آراء الآخرين: يعاني المراهقون من عدم تقبل آراء الآخرين والجدال مع الجميع، وعلى الأهل أن يعلّموا أبناءهم كيفية تقبل الآخرين من خلال زرع تلك البذرة منذ الصغر وفهم حقيقة أن كثير من الأمور قابلة للاختلاف ولا بأس أن يختلف الناس ولكن لا يجب أن يسفّه بعضهم بعض.
- توفير بيئة جيدة للدراسة: وهذا يعني أن يكون جو الأسرة مليء بالمحبة والتفهم التي تجعل من جو البيت هادئ ومريح ويمكن الدراسة فيه بأريحية، فعندما يتفهم الأهل طبيعة سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها.
- تنمية الشعور بالمسؤولية: يمكن تحميل المراهق بعض من المسؤوليات لكن يجب على الأهل إدراك أن هناك احتمالًا كبيرًا للخطأ، فيجب عليهم تقبل ذلك وتوضيح العمل الصحيح للمراهق وكيف يتلافى الخطأ في المستقبل، وهذا يزرع فيه الثقة بالنفس التي تجعله يتحمل المسؤولية.
- زيادة الوعي: على الأهل زيادة وعي أبنائهم بمخاطر ما يقومون به من خلال الحوار السليم، وتحذيرهم من عمليات الاستغلال، وزيادة وعي المراهقين في سيكولوجية المراهقة ومشكلاتها.
المراجع[+]
- ↑ د. جميل حمداوي، المراهقة خصائصها ومشاكلها وحلولها، صفحة 6،7. بتصرّف.
- ↑ د. أحمد الزعبي (2010)، سيكولوجية المراهقة (الطبعة الأولى)، عمان-الأردن: دار الزهران، صفحة 43،42. بتصرّف.
- ↑ د. إبراهيم محمود (1981)، المراهقة خصائصها ومشكلاتها، مصر: دار المعارف، صفحة 25. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج أ.د عبد الكريم بكار (2010)، المراهق (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: دار السلام، صفحة 115،116،117،121،122،126،127،128. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الحاج علي، التربية الجنسية، صفحة 41،42،43،44. بتصرّف.
- ↑ أ.د عبد الكريم بكار (2010)، المراهق (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: دار السلام، صفحة 119،125،134. بتصرّف.