من-هم-أبناء-نوح-عليه-السلام

أولو العزم من الرسل

ذكر الله -تعالى- في كتابه العزيز مجموعةً من الرسل والأنبياء، وخصَّصَ منهم رسلًا أطلق عليهم اسم أولو العزم من الرسل، حيث قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}،^[١] وقد اتفق العلماء أنَّ أولو العزم الخمسة هم: محمد صلى الله عليه وسلم، ونوح وإبراهيم، وموسى، وعيسى ابن مريم عليهم السلام، وقد تم ذكرهم جملةً في الآية الكريمة، حيث قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}،^[٢] وقد تمَّ تسميتهم بذلك الاسم؛ لِما كانوا عليه من الهمَّة العالية في الدعوة إلى الله تعالى، والصبر والثبات في مواجهة الباطل، وفي إحقاقهم للحقّ، ومن بينهم النبي نوح عليه السلام، فمن هو ذلك النبي؟ ومن هم أبناؤه؟ وما قصتهم؟^[٣]

نوح عليه السلام وقومه

أرسل الله -عزّ وجلّ- الرسل مبشرين ومنذرين إلى أقوامهم، وكلََّفهم بالدعوة إليه، وإلى طريق الحقّ، وقد اصطفى الله -عزّ وجلّ- نوحًا عليه السلام؛ ليكونَ من بين تلك الرسل، حيث قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}،^[٤] وقد لبث نوحٌ -عليه السلام- في قومه ألفَ سنةٍ إلّا خمسين عامًا، يدعوهم إلى الله وحده، وينهاهم عن عبادةِ الأصنام، ولكنهم طغوا، وتجبروا في الأرض، وآذوهُ، واتهموه بالكذب، وبالرغم من ذلك الأذى، استمر نوح -عليه السلام- بالدعوة والتلطُّف بهم؛ فدعاهم ليلًا ونهارًا، وسرًا وجهرًا، ولكن لم يُؤمن مع نوح إلّا قلةٌ من قومه.^[٥]

وبالرغم من ذلك استمر نوح -عليه السلام- بالدعوة، ولكن عندما يأسَ منهم، وهددوه بالقتل وآذوه ومن معه من المؤمنين، توجه بالدعاء إلى ربه؛ ليُهلكهم، ودليل ذلك قول الله -تعالى- في القرآن الكريم، على لسان النبي نوح عليه السلام: {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}،^[٦] فاستجاب الله -عزّ وجلّ- لنبيه، وأمره بصُنع سفينة، وأن يحمل فيها الذين آمنوا معه، ومن كلّ الأحياء والحيوانات زوجين اثنين؛ حتى يستمر نسلُهم، فبدأ نوح -عليه السلام- ببناء السفينة حتى أتمها، فجاء أمر الله -تعالى- وفار التنور؛ فأغرق الله -تعالى- كلّ الأرض بالماء، ولم ينجُ منها إلّا من كانوا على تلك السفينة، وبعد ذلك أمر الله -تعالى- الأرض بأن تبتلع الماء، وأمر السماءَ بأن تتوقف عن المطر، حتى استوت السفينة على سطح الأرض.^[٥]

من هم أبناء نوح عليه السلام

أنعمَ الله -عزّ وجلّ- على نبيه نوح -عليه السلام- بإنجاب البنين وهم أربعةُ أولاد ولكن كما سبق الذِكر أن ليس جميع من هم أبناء نوح عليه السلام قد آمنوا به، فقد آمن به ثلاثة من أبناء نوح عليه السلام، وكفر به واحد، بالإضافة إلى أن زوجة نوح عليه السلام لم تُؤمن به، وتأتي التقسيمة بجواب سؤال من هم أبناء نوح عليه السلام كالآتي:^[٧][٨]

• أبناء نوح المؤمنين: وقد اشتَهر عند أهل التاريخ أنهم ثلاثة وهم سام وحام ويافث ويأتي ترتيبهم بهذا الشكل وكلُّ من هم على سطح الأرض من بني أدم يُنسبون إلى هؤلاء الثلاث فيُذكر أنه عندما نزل نوح عليه السلام من السفينة ومعه ثمانون إنسانًا فبنوا مساكن ثم أصابهم وباء فماتَ الثمانون غير نوح وأبنائه الذين من هم أبناء نوح عليه السلام الثلاثة المؤمنون فقط وكما جاء في الحديث: "ولدُ نوحٍ ثلاثةٌ: سامُ، وحامُ، ويافثُ".^[٩]
• ابن نوح الكافر: وهو الذي أغرقه الطُوفان وقد اختُلف في اسمه فمنهم من قال اسمه كنعان ومنهم من قال اسمه يام، وسيأتي ذكر قصته.

قصة ابن نوح عليه السلام والطوفان

فكما تم ذكره بجواب من هم أبناء نوح عليه السلام، فقد تبيَّن بأن هناك ابنًا للنبي نوح لم يستطع النجاة، فعندما جاء الأمر ببناء السفينة، قد سخر قوم نوح -عليه السلام- من بناء نوح -عليه السلام- للسفينة، وقد كان رد نوح -عليه السلام- في كلّ مرة كما قال الله في كتابه العزيز: {قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ}،^[١٠] فعندما جاء الأمر وفار التنور، وارتفعت السفينة فوق الأمواج؛ رأى النبي نوح -عليه السلام- ابنه، فخاف عليه من الغرق، ودعاه للركوب معه في السفينة، ولكنه رفض ذلك، وقال: سوف ألجأ إلى ذلك الجبل الشاهق؛ ليمنعني من الغرق، ظنَّاً منه بأن الماء لن يصلَ إلى أعالي الجبال، ولكن شاء قدرُ الله -تعالى- ونفذ وعده بإغراق كلّ من في الأرض إلّا أصحاب السفينة.^[١١] حزن النبي نوح -عليه السلام- على ابنه، وأشفق عليه، فدعا ربّه وقال: يا ربّ لقد وعدتني بأن تنجي أهلي جميعهم إلّا امرأتي، وإن ابني من أهلي، ولكن جاء الرد العظيم من الله -تعالى- بأن ذلك ليس من أهلك الذي وعدتك بنجاتهم؛ لأنّه كان كافرًا، فعندما علم نوح -عليه السلام- ذلك استسلم لأمرِ الله عزَّ وجلَّ، وتوجه للاستغفار على سؤاله ذلك.^[١١]

العبر المستفادة من قصة نوح عليه السلام

يتخذ من القصة العظيمة للنبي نوح -عليه السلام- العديد من الدروس والعِبر المُستفادة، والتي لا يُمكن حصرها في عدة سطور، وفيما يأتي بيان بعضها:^[١٢]

• اتفاق دعوة الرسل: إنّ جميع الرسل من نوح عليه السلام، إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم، متفقون على رسالة واحدة؛ وهي التوحيد الخالص لله -تعالى- فإنّ أول ما يقوله الرُّسل لأقوامهم هو: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ}.^[١٣]
• أدب الدعوة إلى الله تعالى: فقد دعا النبي نوح -عليه السلام- قومه ليلًا ونهارًا، وسرًا وجهرًا، وبكلّ وقتٍ؛ كي يُرَغِّبَهُم بعبادة الله، كما أنّ رغَّبهم بطرق عديدة، منها: الثواب، والتمتيع بالمال، والبنين، والرزق الوافر، كما وخاطبهم بالكلام الرقيق واللين.
• الصبر في الدعوة إلى الله: فقد ظلَّ النبي نوحٌ -عليه السلام- يدعو قومه ألف سنة إلّا خمسين عامًا بلا كللٍ.
• وعد الله واقع لا محالة: فقد توعَّد الله -تعالى- المؤمنين بالنجاة في الدنيا والأخرة، كما وتكون العقوبات الدنيوية العامة للكافرين، وإنّ ذلك يكون غير عقوبته يوم القيامة أمام الله عزَّ وجلّ.

المراجع[+]

1. ↑ سورة الأحقاف، آية: 35.
2. ↑ سورة الأحزاب، آية: 7.
3. ↑ "أولوا العزم من الرسل، وسبب تسميتهم بذلك"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-26-2019. بتصرّف.
4. ↑ سورة الأعراف، آية: 59.
5. ^ ^{أ ب} "نوح عليه السلام"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 11-26-2019. بتصرّف.
6. ↑ سورة نوح، آية: 26.
7. ↑ "نوح عليه السلام والطوفان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-26-2019. بتصرّف.
8. ↑ "أبناء نوح عليه السلام"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-04-2019. بتصرّف.
9. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 9616، خلاصة الحكم على الحديث: صحيح.
10. ↑ سورة هود، آية: 38.
11. ^ ^{أ ب} "قصة سيدنا نوح عليه السلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-26-2019. بتصرّف.
12. ↑ "فوائد من قصة نوح عليه السلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-26-2019.
13. ↑ سورة الأعراف، آية: 85.