حكم-الصيام-للعاجز
محتويات
الصيام
الصيام عبادةٌ عظيمة، وهو الركنُ الرابع من أركانِ الإسلام، وقد ثبتتْ مشروعيّة الصيام بالكتاب والسّنة والإجماع، إذ إنّ الله تعالى جعل الصيام في شهر رمضان المبارك فرضَ عين على كل مسلمٍ بالغ عاقل راشد مقيم قادر على الصيام، وجعل للصيام فضائل كثيرة، فهو من أعظم القربات إلى الله تعالى، حيث تتحقّقُ فيه التقوى والبركة، ويتعلّم المسلم منه الصبر والفضيلة، ويُكفّر به الله الذنوب والخطايا ويُضاعف به الحسنات، وقد خصّص الله -سبحانه وتعالى- للجنة بابٌ لا يدخلُ منه إلا الصائمون، وهو باب الريّان، وللصيام أحكامٌ عدة تتعلّق بكثيرٍ من الحالات، وفي هذا المقال سيتم توضيح حكم الصيام للعاجز.
أحكام الصيام
الصيامُ في اللغة: الإمساك، أمّا الصيام في الاصطلاح الشرعي: فهو الإمساك عن شهوات الفرج والبطن من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، وللصيام ركنان هما: الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، وهو ما يُحقّق معنى الصيام، والركن الثاني: النيّة، ونيّة الصيام تكون في القلب دون التلفظ بها، وللصيام أحكام كثيرة تتعلّق بمن يرخص لهم الفطر وطريقة القضاء والكفّارة وغيرها، ويختلف حكم الصيام باختلاف الوقت والظروف، إذ إنّ حكم الصيام في رمضان فرض، وحكم الصيام في الأول من شوال وأيّام التشريق حرام، وحكم الصيام في يوم الشك حرام، وحكم الصيام في الأيام البيض والنوافل مُستحبّ، ومن أهم أحكام الصيام ما يأتي: [١].
- يُرخّص الفطر لبعض الأشخاص ممن يملكون عذرًا شرعيًّا: وهم: كبار السن من الرجال والنساء الذين لا يستطيعون الصيام بسبب الهرم، والمريض صاحب العلّة التي لا يُرجى شفاؤها، والمرأة الحامل أو المرضع، وهؤلاء يدفعون الفدية وهي: إطعام مسكين عن كلّ يوم، ولا يجبُ عليهم القضاء، وذلك لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إنّ الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم". [٢].
- يُرخص الفطر للمسافر المريض مرضًا مؤقتًا والمرأة الحائض والمرأة النفساء: وهؤلاء عليهم القضاء، حتى وإن حاضت المرأة قبل أذان المغرب بدقائق، وجب عليه الإفطار والقضاء فيما بعد.
- يُباح للصائم الإصباح وهو على جُنُب: وذلك لقول الله تعالى: "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ"[٣].
- يُباح المضمضة والاستنشاق: بشرط عدم المبالغة، كما يُباح الاستحمام بالماء والانغماس به.
- يُباح للصائم الكُحل واستخدام بخاخ علاج الربو: كما تُباح القطرة في العين حتى وإن ظهر طعمها في الحلق.
- تُباح القُبلة والمباشرة بين الأزواج لمن يملك نفسه: ويُباح التطيّب والتعطّر وتذوّق الطعام للصائم، بشرط ألّا يدخل الجوف، أمّا الحجامة فيوجد عليها خلاف، لهذا من الأفضل تركها من باب الاحتياط.
- يبطُل بمفطرات الصيام وهي: الأكل أو الشرب عمدًا، أما من يأكل أو من يشرب ناسيًا فإنّ حكم الصيام صحيح ولا يبطل وليس عليه كفارة أو قضاء، كما يبطل الصيام بالجماع والقيء المتعمّد والحُقن المغذيّة، ويبطل بالحيض والنفاس بالنسبة للمرأة، علمًا أنّ من يبطل صيامه بالجماع فعليه فدية كبرى وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يجد فإطعام ستّين مسكينًا.
حكمة مشروعية الصيام
شرع الله -سبحانه وتعالى- الصيامَ لحكمة، فللصيام فوائدٌ وأسرار صحية ونفسيّة واجتماعيّة، فمن ناحيةٍ طبيّة يُعالجُ الأمراض الآتية: يُفيد في علاج اضطرابات الأمعاء المزمنة الناتجة عن تخمّر المواد النشوية والزلالية، ويُفيد في التخلّص من الوزن الزائد الناشئ عن كثرة تناول الطعام وقلّة الحركة، ويُفيد في حالات ارتفاع ضغط الدم وسكري البول، ويُفيدُ في حالات التهاب الكلى الحادّ والمزمن الذي يُصاحبُه تورّم وارتشاح، ويُفيد في حالات أمراض القلب التي يُصاحبها التهاب وتورّم في المفاصل، ومن فوائد الصيام الأخرى أنّه يُهيّء الأمّة لكلّ برٍ وخير، كما يورث خشية الله ويزيد من استشعار المسلم مراقبة الله تعالى له، كما يوقظ ضميره، ويقوّي إرادته ويُعوّد النفس على الصبر والاحتمال، ويُساعد صاحبه على ترك العادات السيئة مثل: التدخين، ويُعين المسلم على هجر السيّئات والمعاصي، ففي حديثِ الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "الصيام جُنَّة"، والصيام يُعطي النفس دروسًا في الفضائل، ويُعطي معنىً واضحًا للمساواة بين الغني والفقير في الحرمان من التمتع بالشهوات وتناول الطعام، وهذا يرفع من نفس الفقير، ويُحفّز على الرحمة والعطف في قلب الغني، كما أنّ للصيام جكمةً في أخلاق المسلم والمجتمع، وأثرًا طيّبًا يمتدّ إلى مدى بعيد.[٤]
حكم الصيام للعاجز
يتساءل كثيرونَ عن حكم الصيام للعاجز عجزًا كليًّا مستمرًّا، إما لمرضٍ لا يُرجى شفاؤه، أي مرض مستحكم مستفحل، وإمّا لكبر السن والهرم، أي لمن تقدّم به العمر وأصابه الوهن والضعف يومًا بعدَ يوم، ولأنّ دين الإسلام مبنيٌّ على اليُسر والسهولة في جميع تشريعاته، فقد يسّر الله على عباده، ففي القرآن الكريم في معرض آيات الصيام، يقول الله -جلّ وعلا-: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"[٥]، وفي مقدّمة هذه الآيات بيّن الله -سبحانه وتعالى- من انطبق عليه هذا الوصف، وهو المريض الذي لا يُرجى شفاؤه، والكبير الطاعن في السن، وقد قال الله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"[٦]، أي على الذين يتسبب لهم الصيام بمشقة وضرر كبيرين ولا يستطيعون إتمامه، فهؤلاء يدفعون فدية، وهو إطعام مسكين عن كل يوم إفطار، وذلك كما هو واضحٌ في الآية، وبهذا يتبيّن أن حكم الصيام للعاجز يتطابق مع ما ورد في الآية الكريمة، حيث يجوز له الإفطار. [٧]
فيديو عن حكم الصيام للعاجز
في هذا الفيديو يُقدّم فضيلة الدكتور بلال إبداح، دكتور الشريعة والعقيدة الإسلاميّة شرحًا فيه حكم الصيام للعاجز. [٧]
المراجع[+]
- ↑ الصوم.. حكم، وأحكام، وآداب, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 1-8-2018، بتصرّف
- ↑ أخرجه أهل السنن إلا أبا داود
- ↑ {البقرة: آية 187}
- ↑ الصيام حكمه وأحكامه, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 1-8-2018، بتصرّف.
- ↑ {سورة البقرة: 185}
- ↑ {البقرة: آية 184}
- ^ أ ب حكم الصيام للعاجز, ، "www.youtube.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 1-8-2018، بتصرّف.