سؤال وجواب

سبب-نزول-سورة-الحديد


سورة الحديد

إنَّ سورة الحديد واحدةٌ من السور المدنية التي أُنزلِتْ على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وَحيًا من عند الله، بواسطة جبريل -عليه السّلام-، وتقول الروايات إنّها نزلتْ بعد سورة الزلزلة، ويبلغ عدد آياتِها تسعًا وعشرين آية، وترتيبها السابعة والخمسون، فهي في الجزء السابع والعشرين والحزب الرابع والخمسين من ترتيب المصحف الشريف، ولأنها سورة مدنية فقد تناولتْ -ككثير من السور المدنية- مسائل التشريع، وتناولت أيضًا مسائل العقيدة والأخلاق والتربية، وسيسلّط هذا المقال الضوء على هذه السورة من جوانب عدّة، كسبب التسمية وسبب النزول.

سبب تسمية سورة الحديد

إنَّ أسباب تسمية السور القرآنية تختلف وتتعدَّد، وقد تتفق بعض السور في سبب التسمية وتختلف في التسمية، فبعض سور كتاب الله سُمِّيت تيمُّنًا بقصة عُرضت في آياتِها كسورة الكهف أو البقرة، وكثير من السور سُمِّيت بأسماء كلمات بارزة في مطالعها أو في إحدى آياتِها وهذا حاضر في سورة البينة وسورة الواقعة والقارعة وغيرها من السور القرآنية التي سُمِّيت بأسماء وردتْ في آياتِها، وأمّا فيما يخصّ سورة الحديد فقد سُمِّيت بهذا الاسم لأنَّها تناولتْ موضوع الحديد في إحدى سورها، وهو موضوع بارز في هذه السورة من سور القرآن الكريم تحديدًا، حيث قال تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّناتِ وَأَنْـزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" [١]، والله أعلم. [٢].

سبب نزول سورة الحديد

تختلفُ أسباب النزول باختلاف الحادثة التي اقتضت نزول الآية القرآنية، فكلُّ سورة في كتاب الله تختصُّ بأسباب نزول دون غيرها، وأمّا فيما يخصُّ سورة الحديد فقد وردت رواية في سبب نزول أحد آياتِ هذه السورة، وهي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: "بينا النّبيّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- جالسٌ وعندَه أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ وعليهِ عباءةٌ قد جلَّلَها على صدرِه بِجِلال، إذ نزلَ عليهِ جبريلُ -عليه السَّلام- فأقرأَه من اللَّه السَّلام وقالَ: يا رسولَ اللَّهِ ما لي أرى أبا بَكرٍ عليهِ عباءةٌ قد جلَّلَها على صدرِه بجِلال، فقال: يا جبريلُ أنفقَ مالَه عليَّ قبلَ الفتحِ، قال: فأقرِئهُ من اللَّه السَّلام وقُلْ لهُ يقولُ لَكَ ربُّكَ أراضٍ أنتَ عنِّي في فقرِك هذا أم ساخِطٌ؟، فالتفتَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- إلى أبي بَكرٍ فقالَ: يا أبا بَكرٍ هذا جبريلُ يقرئُك السَّلام من اللَّه ويقولُ أراضٍ أنتَ عنِّي في فقرِك هذا أم ساخطٌ؟، فبَكى أبو بَكرٍ وقالَ: أعلى ربِّي أغضبُ، أنا عن ربِّي راضٍ أنا عن ربِّي راضٍ"، [٣] فنزلَ قولُهُ تعالى: "وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" [٤]، والله تعالى أعلم. [٥]

فضل سورة الحديد

إنَّ قراءة القرآن الكريم عبادة من أفضل العبادات التي تُقرّب العبد إلى ربّه، فالقرآن كلّهُ خير وبركة وفضل، وقد وردت روايات وأحاديث كثيرة تخصُّ بعض سور القرآن الكريم بالفضل دوَن غيرها، كتلك الأحاديث التي وردت في فضل المعوذات وسورة البقرة وسورة الكهف وغيرها، وأمّا فيما يخصُّ سورة الحديد تحديدًا بالفضل دون غيرها من سور الكتاب الحكيم، فلم يَرِدْ في السنة النبوية الصحيحة ما يدلّ على فضل هذه السورة تحديدًا، غير أنّها تندرج تحت فضل القرآن الكريم كلِّهِ، وفضل تلاوتِهِ والتفكّر في آياتِهِ، فقد ورد في فضل كتاب الله عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: " إنَّ اللهَ يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا ويضعُ به آخرِينَ" [٦]، وقد وردَ عن أبي ذرِّ -رضي الله عنه- أنّه قال: "يا رسول الله أوصني، قال: عليك بتقوَى اللهِ فإنَّه رأسُ الأمرِ كلِّه، قال: يا رسولَ اللهِ زِدني، قال: عليك بتلاوةِ القرآنِ فإنَّه نورٌ لك في الأرضِ وذُخرٌ لك في السَّماءِ" [٧]، والله تعالى أعلم. [٨]

المراجع[+]

  1. {الحديد: الآية 25}
  2. وقفات مع سورة الحديد (1), ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 09-10-2018، بتصرّف
  3. الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: أبو نعيم، المصدر: حلية الأولياء، الصفحة أو الرقم: 7/115، خلاصة حكم المحدث: غريب من حديث الثوري
  4. {الحديد: الآية 10}
  5. أسباب النزول: سورة الحديد, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 09-10-2018، بتصرّف
  6. الراوي: عمر بن الخطاب، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 817، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  7. الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/298، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
  8. فضل تلاوة القرآن, ، "www.saaid.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 09-10-2018، بتصرّف