سؤال وجواب

فضل-سورة-الحديد


سورة الحديد

تعدُّ سورة الحديد من السور المدنية، حيثُ نزلت على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، وهي في الجزءِ 27 وفي الحزبِ 54، رقمُها من حيثُ الترتيب في المصحف العثمانيِّ 57، عددُ آياتِها 29 آية، سمِّيت بسورةِ الحديد لأنَّ الله تعالى ذكرَ الحديد فيها بقولهِ تعالى: "وأنزَلنا الحَديدَ فيهِ بأسٌ شديدٌ ومنافعُ للنَّاسِ" [١]، وفي هذا المقالِ سنبيِّنُ فضل سورة الحديد وبعضَ ما تضمَّنته من عبر وأحكام.

مضامين سورة الحديد

تبدأ السورةُ بتسبيحِ الله والثَّناء عليه -سبحانه وتعالى- كغيرها من السور المسبِّحات، مُبيِّنةً ومؤكدةً أنَّ جميعَ الخلائقِ في الأرض ِ وفي السماوات تسبِّحُ الله تعالى وتمجِّدُه بصيغةٍ الفعل الماضي "سبَّح" والتي توحِي بعظَمةِ الله تعالى؛ قال تعالى: "سبَّحَ للَّهِ ما في السَّماوَاتِ والأرضِ وهُوَ العزِيزُ الحَكيمُ" [٢]. ثمَّ تتابع في تنزيهِ الخالق -سبحانه وتعالى- وتذكر صفاتِ الألوهيَّة والكمالِ مشيرةً إلى عظمةِ ملكِ الله تعالى وقدرةِ الله تعالى المطلقةِ في هذا الكون؛ قال تعالى: "هوَ الَّذي خلَقَ السَّمَاواتِ والأَرضَ في ستَّةِ أيَّامٍ ثمَّ اسْتوَى علَى العَرْشِ يَعْلمُ مَا يَلجُ في الأرْضِ ومَا يَخرُجُ منْهَا ومَا ينزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ومَا يعْرُجُ فيهَا وهُوَ مَعكُمْ أَينَ مَا كُنتمْ واللَّهُ بمَا تَعْملُونَ بَصيرٌ" [٣].

تتوجَّه السورة بعد ذلكَ بنداءٍ عامٍّ مطالِبةً الجميعَ بالإيمانِ بالله تعالى، كما تأمرُهم بالإنفاقِ في سبيله اللهِ وتعاتبُهم على عدمِ الإنفاقِ وتذكِّرُهم بالأجرِ الكبيرِ للمؤمنينَ الذين ينفقونَ في سبيلِ اللهِ تعالى، قال تعالى: "إنَّ المُصَّدِّقينَ والمُصَّدِّقاتِ وأقْرَضُوا اللَّهَ قَرضًا حسَنًا يُضاعَفُ لهُمْ ولَهُمْ أجْرٌ كرِيمٌ" [٤]، وتابعت بذمِّ الدنيا وبيان خسَّتها وحقارتها والإشادةِ بالآخرةِ ونعيمِها ثمَّ تحدَّثت عن إرسال الله تعالى للرسلِ والرسالاتِ، وفي الخاتمة حضَّت المؤمنين على تقوى الله -عزَّ وجل-، قال تعالى: "يا أيُّهَا الَّذينَ آمنُوا اتَّقوا اللَّهَ وآمِنُوا برَسُولهِ يُؤتكُمْ كِفلَيْنِ من رَّحْمتِهِ ويَجْعَل لَّكمْ نورًا تَمشُونَ بهِ وَيَغفِرْ لكُمْ واللَّهُ غفُورٌ رَّحيمٌ" [٥][٦].

فضل سورة الحديد

سورة الحديد من السورِ "المسبِّحات السبع" وهي: الإسراء والحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى، لأنَّها بدأَتْ بالفعلِ الماضي "سبَّحَ" ثناءً وتمجيدًا لله -سبحانه وتعالى-، ولم ترِد في فضل سورة الحديد أحاديث خاصَّة بالسورة إنَّما وردَ حديث "المسبِّحات السبع" الذي رواه العرباضُ بن سارية: "أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يقرأُ المسبِّحات قبلَ أنْ يَرقدَ، وقالَ: إنَّ فيهِنَّ آيَةً أفضلَ منْ ألفِ آية"،[٧]. وأيضًا فضل سورة الحديد كغيرها من سورِ القرآن الكريم، ففي قراءتِها كما في قراءةِ القرآن كلِّه للمسلمِ فيها أجرٌ كبير وفضلٌ عظيم؛ كما ورد في الحديث الذي قالَ فيه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ". [٨][٩]

الإعجاز في آية وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد

إنَّ هذه الآيةَ معجزةٌ عظيمةٌ بحدِّ ذاتها في القرآن الكريم؛ فقد قال تعالى: "لقَدْ أَرسَلنَا رسُلَنَا بالبَيِّنَاتِ وأنزَلْنَا معَهُمُ الكِتَابَ والمِيزَانَ ليَقُومَ النّاسُ بِالقسطِ وأنزلنَا الحدِيدَ فيهِ بَأسٌ شدِيدٌ ومنَافِعُ للنَّاسِ وليَعلَمَ اللَّهُ من يَنصرُهُ ورُسلَهُ بالغَيبِ إنَّ اللَّهَ قوِيٌّ عزِيزٌ" [١]، ففي هذه الآيةُ يؤكدُ الله تعالى أنَّه أنزل الحديدَ على هذهِ الأرض إنزالًا من السماءِ وهذه المعلومَةُ لم يصِل إليها العلمُ البشريُّ الحديثُ إلا في منتصفِ القرن الميلادي العشرين تقريبًا. فقد أكَّدت الدراسات الحديثةُ أنَّ الحديدَ الموجودَ في المجموعة الشمسية والموجودَ على هذه الأرض قد أُنزِل إليها من السماء بعدَ أن انفجرَت النجومُ المُستعرةُ وانتشرتْ مكوناتُها على صفحةِ الكون ونزلتْ إلى الأرضِ على شكلِ وابِل من النيازكِ الحديديَّة [١٠].

المراجع[+]

  1. ^ أ ب {الحديد: الآية 25}
  2. {الحديد: الآية 1}
  3. {الحديد: الآية 4}
  4. {الحديد: الآية 18}
  5. {الحديد: الآية 28}
  6. سورة الحديد, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 21-10-2018، بتصرف
  7. الراوي: العرباض بن سارية، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 5057، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة: كل ما سكت عنه فهو صالح
  8. الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
  9. فضائل بعض السور, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 21-10-2018، بتصرف
  10. وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 21-10-2018، بتصرف