سؤال وجواب

فضل-سورة-المنافقون


سورة المنافقون

تعدُّ سورة المنافقون من السور المدنية في القرآن الكريم، فقَد نزلتْ على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وهي في الجزء الثامن والعشرين وفي الحزب السادس والخمسين، رقمُها من حيث الترتيب في المصحف الشريف 63، عددُ آياتِها 11 آية، والسورة محكمةٌ لا ناسخ ولا منسوخ فيها، وسُمِّيت بسورة المنافقين لذكرِ المنافقين في أوَّل آية منها، قال تعالى: "إذَا جاءَكَ المنَافِقُونَ قالُوا نشهَدُ إنَّكَ لرسُولُ اللَّهِ واللَّهُ يعْلَمُ إنَّكَ لرَسُولُهُ واللَّهُ يشهَدُ إنَّ المنَافقِينَ لكاذِبُونَ" [١]، وسنبيِّنُ في هذا المقال فضل سورة المنافقون وبعض ما تضمّنته من عِبر وأحكام.

مضامين سورة المنافقون

تبدأ آياتُ سورة المنافقون بالحديثِ عن المنافقينَ وأخلاقهم وتذكرُ صفاتهم السيئة من كذبٍ وخداعٍ وغرور، كما تفضحُ تآمرَهم على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وعلى جميع المسلمين، قال تعالى: "وإِذَا رأَيتَهُمْ تعجِبُكَ أجسَامُهُمْ وإِنْ يقُولُوا تسْمَعْ لقَولِهِمْ كأنَّهُمْ خشُبٌ مسنَّدَةٌ يحسَبُونَ كلَّ صيحَةٍ عليْهِمْ همُ العَدُوُّ فاحذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّه أنَّى يؤْفَكُونَ" [٢]، وتذكرُ أيضًا بعضَ مواقفهم من الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- ومن المسلمين، وتؤكد على أنَّ العزَّة الحقيقيَّة لله ولرسوله وللمؤمنين، قال تعالى: "يقُولُونَ لئِنْ رجَعْنَا إلَى المدِينَةِ ليُخرِجَنَّ الأعَزُّ منهَا الأَذَلَّ ولِلَّهِ العِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلمُؤْمِنِينَ ولكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يعلَمُونَ" [٣].

وفي النهاية تحذِّرُ المؤمنين من أن يتَّصفوا بصفات أولئك المنافقين، وتطلبُ منهم أن يلتزموا بالطاعات والإنفاق في سبيل الله، قال تعالى: "يا أيُّهَا الَّذينَ آمنُوا لا تُلهِكُمْ أموَالُكُمْ ولَا أولَادُكُمْ عنْ ذكْرِ اللَّهِ ومَنْ يفْعَلْ ذلِكَ فأُولَئِكَ همُ الخاسِرُونَ * وأنْفِقُوا منْ مَا رَزَقناكُمْ مِن قَبلِ أنْ يأْتِيَ أَحدكُمُ المَوتُ فيقُولَ ربِّ لولَا أخَّرتنِي إلَى أجلٍ قريبٍ فأصَّدَّقَ وأكُنْ منَ الصَّالحينَ" [٤][٥].

فضل سورة المنافقون

وردَ في فضل سورة المنافقون الحديث الذي رواه أبو هريرة وهو: "أنَّ مروانَ استَخلف أبا هريرةَ على المدينةِ. وخرج إلى مكةَ. فصلَّى لنا أبا هريرةَ الجمعةَ، فقرأ بعدَ سورةِ الجمعةِ في الركعةِ الآخرةِ: "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ"، قال: فأدركتُ أبا هريرةَ حين انصرف،  فقلتُ لهُ: إنَّك قرأتَ بسورتيْنِ كان عليُّ بنُ أبي طالبٍ يقرأُ بهما بالكوفةِ، فقال أبو هريرةَ: إني سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقرأُ بهما يومَ الجمعةِ. وفي روايةٍ: استخلفَ مروانُ أبا هريرةَ، بمثلِه.

غيرَ أنَّ في روايةِ حاتمٍ: فقرأ بسورةِ الجمعةِ، في السجدةِ الأولى. وفي الآخرةِ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ" [٦]، وكذلكَ وردَت عدةُ أحاديث موضوعةٍ لا أصلَ لها في فضل السورة كالحديث الذي رواه أبي بن كعب أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "منْ قرأَ سُورةَ المنافقينَ برئَ مِن النِّفاقِ" [٧]، وعلى المسلمِ أن يلتزمَ بما جاءت به السورةُ وأن يعمل بمضمونها وإلا فلا أجر ولا عبرةَ بقراءةٍ دونَ عملٍ [٨].

رأس المنافقين في المدينة

كان عبد الله بن بن أبي بن سلول رأس المنافقين في المدينة المنورة، وقد كانوا يجتمعون عنده ويتبعونه، وهو الذي قالَ بعد غزوة بني المصطلق: "لئِنْ رجَعْنَا إلَى المدِينَةِ ليخْرِجَنَّ الأعَزُّ منْهَا الأذَلَّ" [٣]، وقد نزلت سورة المنافقين في قوله هذا، وكان عبد الله بن أبي بن سلول مهيأً لزعامة الأوس والخزرج قبل قدوم النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلى المدينة وقد كان سيِّدًا عندهم. فلمَّا جاء الإسلام ودخلَ قومه به وجاء رسولُ الله رآى أنَّ رسول الله قد سلبه الحكم والملكَ، فحقدَ على الإسلام ودخل الإسلام كارهًا لأنَّ كلَّ قومه دخلوا الإسلام لكنَّه بقيَ على نفاقِه حتَّى مات.

فقد وردَ في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر: "لمَّا توُفِّي عبد اللهِ بنُ أبَيٍّ، جاءَ ابنُه عبدُ اللهِ بن عبد اللهِ إلى رسُولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فأعطاهُ قمِيصَه، وأمَرَه أنْ يُكفِّنَه فِيه، ثمَّ قَام يُصلِّي عليهِ، فَأخذ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ بثوبِه، فقالَ: تُصلِّي عَليه وَهو مُنافقٌ، وقَد نَهاك اللهُ أنْ تستَغفِرَ لهم، قال: إنَّما خيَّرني اللهُ -أو أخبَرني- فقالَ: "استَغْفرْ لهُمْ أوْ لا تستَغْفِرْ لهُمْ إنْ تستَغْفِرْ لهُمْ سبعِينَ مرَّةً فلَنْ يغْفِرَ اللَّه لهُمْ"، فقالَ: سَأَزيدُه علَى سَبعينَ. قالَ: فَصلَّى عليهِ رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- وصلَّينا مَعَه، ثمَّ أنزَل اللهُ عليه: "ولَا تصَلِّ علَى أحَدٍ منهُمْ ماتَ أبَدًا ولَا تقُمْ علَى قبْرِهِ إنَّهُمْ كفَرُوا باللَّهِ ورسُولِهِ وَماتوا وَهمْ فاسقُونَ" [٩][١٠].

المراجع[+]

  1. {المنافقون: الآية 1}
  2. {المنافقون: الآية 4}
  3. ^ أ ب {المنافقون: الآية 8}
  4. {المنافقون: الآيات 9، 10}
  5. تفسير سورة المنافقون, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 31-10-2018، بتصرف
  6. الراوي: أبو هريرة،المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 877، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  7. الراوي: أبي بن كعب، المحدث: ابن حجر العسقلاني، المصدر: الكافي الشافي، الصفحة أو الرقم: 294، خلاصة حكم المحدث: موضوع
  8. سورة المنافقون, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 31-10-2018، بتصرف
  9. الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4672، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  10. رأس المنافقين, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 31-10-2018، بتصرف