قصة-جحا
قصة جحا
كان جحا رجلًا ذكيًّا، وله الكثير من المواقف التي تدلّ على حنكتِه وذكائه، على الرّغم من أنّه كان يتصرف بشكلٍ مثيرٍ للسخرية في بعض الأحيان، لهذا السبب ليس من الغريب أبدًا أن تكون قصة جحا من القصص التي يرويها كثيرون ويعدّونها مليئة بالعبر والمواعظ، ومن بين القصص الكثيرة التي رُوِيَت عن جحا، قصة جحا مع خروف جارته العجوز، إذ كان لجحا جارة عجوز فقيرة لا تملك ثمن طعامها، وكانت تملك خروفًا هزيلًا لا يُساوي شيئًا، لكنها لشدّة حاجتها أرادت بيع هذا الخروف، فعرضته على جحا ليشتريه بثمنٍ قليل، لكنْ جحا رفض شراء الخروف، وأعادت عليه هذا العرض عدّة مرّات، حتى خطرت لجحا فكرة عظيمة، تستطيع العجوز من خلالها أن تبيع الخروف بثمنٍ كبير ويُصبح لديها الكثير من النقود.
قال جحا لجارته: ما رأيكِ لو بعتُ لك الخروف بمئة دينار؟، فقالت له العجوز: إنّ هذا الخروف لا يُساوي أكثر من ثلاثين دينارًا، فكيف يمكن أن أقنع أحدًا بشرائه بهذا السعر الكبير؟، فطلب منها جحا أن تُرافقه في صباح اليوم التالي إلى السوق لبيع الخروف، وهذا ما حصل فعلًا، وأخبر جارته العجوز أن ترفض بيع الخروف بأقل من مئة دينار مهما ساومها هو أو غيره، وقال لها: سأساومك أمام الناس على شراء الخروف، وإياكِ ثم إياكٍ أن ترضخي لمساوماتي إلا إذا ارتفع سعره إلى مئة دينار، فتعجبت العجوز من قول جحا، وقالت له: مئة دينار دفعة واحدة!، إنه مبلغٌ ضخم سأعطيك نصفه إن بعته بهذا السعر، ففرح جحا فرحًا كبيرًا.
أثناء عرض العجوز لخروفها في السوق، بدأت بتنفيذ اتفاقها مع جحا، لكنّ أحدًا لم يأتِ لشرائه، وبعد قليل توجّهَ جحا للعجوز، وبدأ بسؤالها عن الخروف، وبدأ بقياس طوله وعرضه ووزنه، ويسألها باهتمام أمام الناس: أهذا الجدي للبيع؟، فأجابت العجوز: نعم للبيع، فأخذَ جحا يتفحّص بالخروف جيّدًا ويساومها على ثمنه ويزيد في السعر حتى يلفت أنظار الناس إليه، حتى تدفق التجار من كلّ اتجاه، واستغربوا من اهتمام جحا بالخروف، واعتقدوا في قرارة أنفسهم أنّ وراء هذا الجدي أمرٌ عظيم، وبدأوا يساومون العجوز على سعره حتّى وصل سعره إلى أكثر من مئة دينار، وهكذا باعت العجوز الجدي الهزيل بأغلى سعر.
تظاهر جحا بالأسَف أمام التاجر الذي اشترى الخروف، فسأله التاجر الذي اشتراه: ما الفائدة التي كنت ترجوها من شراء هذا الخروف، فأحابه جحا: كنت أريد أن أصنع من جلده رقعة للطبل لأجل عرس ابنتي!، ثم ابتسم في وجه الرجل وانصرف، وفي هذه اللحظة عرف التاجر الذي اشترى الخروف أنه قد وقع في الخديعة التي حاكها جحا مع العجوز، وأصبحت قصة جحا هذه مضربًا فيمن ينغرّ بالمظاهر الخدّاعة والكلمات الرنانة، وفي قصة جحا أيضًا عبرة كبيرة، وهي أن على المرء ألّا يثق بكل ما يراه ويسمعه، بل عليه أن يتحرّى قبل أن يُقدم على أيّ خطوة، كي لا يقع فريسة الخداع كما حصل في قصة جحا وخروف العجوز.