أساطير-جان-دو-لافونتين
الأدب الفرنسي
يعدُّ الأدب الفرنسي من أثرى الآداب العالمية وأغناها بالكتّاب المبدعين الذين مثّلوا الأدب الفرنسي أمام العالم خير تمثيل، وهو من أغنى آداب العالم بالنتاج الأدبي الفكري العظيم الذي كتبه الشعراء والروائيون والأدباء الفرنسيون بشكل عام، ويمكن تعريف الأدب الفرنسي على أنّه كلُّ نتاج أدبي كُتبَ باللغة الفرنسية في العالم كلِّهِ، ولا يشترط في هذا تحديد المكان، ويعتبر الكتاب الفرنسيون مصدرَ إلهام لكثير من الكتاب الأوروبيين والكتاب اللاتينيين، ويرجع هذا للاهتمام الكبير الذي يعطيه الفرنسيون للأدب بشكل عام من حيث اللغة والأسلوب والعقلانية في الكتابة وهي سمة بارزة لديهم، وهذا المقال مخصص للحديث عن الأديب الفرنسي لافونتين من جوانب عدة.
نبذة عن لافونتين
هو جان دي لافونتين، واحد من أشهر كتاب القصة الخرافية في العالم، وُلِدَ جان عام 1621م، وأصبح رائدًا في مجال القصة الخرافية أو الحكاية الخرافية التي تُسرد أحداثها على ألسنة الحيوانات بشكل عام، وهو واحد من أهم الأدباء في تاريخ الأدب الفرنسي، وقد وُلِدَ الأديب الفرنسي لافونتين في شاتو تيري في منطقة شامباين في الشمال الشرقي من فرنسا، وهو ابن تشارل دي لافونتين، وقد تعلّم في المدرسة الثانوية الفرنسية في مدينة ريمز في شمال شرق فرنسا، واهتم لاحقًا بالقانون، فدرسَهُ حتّى أصبح محاميًّا.
وعند الحديث عن لافونتين، فإنّه من الجدير بالذكر قول الروائي الفرنسي الشهير غوستاف فلوبير عنه: "إنَّ لافونتين هو الأديب الفرنسي الوحيد الذي فهم تراكيب وألفاظ اللغة الفرنسية واستطاع أن يجعلها رهن إشارته قبل عصر فيكتور هوجو"، وقد اهتمت الحكومة الفرنسية بالأديب الفرنسي اهتمامًا كبيرًا، حيث أصدرت مجموعة طوابع بريدية محتفيةً بشخصية لافونتين، وأصدرت فيلمًا عن حياتِهِ، وقد توفي عام 1695م تاركًا نتاجًا قصصيًّا هائلًا، لم يزلْ محطَّ اهتمام الدارسين للأدب الفرنسي وللحكاية الخرافية في العالم كلّه [١].
أساطير لافونتين
إنَّ الحكاية أو الأسطورة بشكل عام هي إعادة سرد قصّة حدثت في الزمن الماضي، ويعرفها العلماء أنها ما يفرضُهُ راوي الحكاية من أحداث وقعت في الماضي على الزمن الحاضر، وتختلف أنواعها بحسب صحّة حدوثها، فهناك حكايات خرافية وهي حكايات مؤلّفة وغير صحيحة، ويمكن أن تُسمّى الأساطير، وهناك حكايات صحيحة حدثتْ في زمن محدد، ويتم تداولها كحكاية شعبية في الزمن الحاضر.
وفيما يتعلّق بأساطير لافونتين فهي القصص والحكايات الخرافية التي كتبها الأديب الفرنسي جان دي لافونتين، وهي أساطير كُتبتْ بين عامي 1668 و 1678 م وهي عبارة عن 234 قصة أو حكاية أسطورية مسرود أو محكية بألسنة الحيوانات، تشبه في ذلك قصص كليلة ودمنة المكتوبة باللغة الفارسية والتي ترجمها ابن المقفع للغة العربية، وقد استلهم الكاتب الفرنسي لافونتين قصصه وحكاياتِهِ من مصادر ثقافية عديدة في العالم، وأهمها الثقافة الكلاسيكية اليونانية واللاتينية، واستعان بقصص وردت في كتاب كليلة ودمنة، وحكايات العبد اليوناني الذي اشتهر بحكاياته الخرافية وهو إيسوب، وإيسوب هو عبد يوناني عاش في اليونان بين عامي 620 و 560 قبل الميلاد، وقد انتشرت حكاياته في كلِّ أنحاء العالم، ومن أشهر أساطير إيسوب هي:
"حكاية الثعلب والعنب، وحكاية السلحفاة والأرنب البريّ، وحكابة الغراب والثعلب"، وهذه الحكايات تحمل أهدافًا أخلاقية يضعها القاصّ بين سطور حكاياته ليستطيع أن يوصل للسامع حكمة أخلاقية قيّمة، ويقول لافونتين واصفًا الأثر التعليمي لحكاياته: "أنا استخدِم الحيوانات لتعليم البشر" [١].
وجدير بالذكر في هذا الحديث هو أنَّ الأديب الفرنسي لافونتين أخذ من الحضارة العربية ومن القصص والأمثال العربية إلى جانب ما أخذه من إيسوب اليوناني، ويتضّح هذا من خلال عدد من القصص التي أوردها لافونتين في أساطيره، والتي ظهر وجودها في الأدب العربي القديم، كقصة السلحفاة والأرنب على سبيل المثال، وهي قصة وردتْ أحداثها مسرودة بأبيات شعرية قديمة يقول شاعرها: [٢]
حكاية ترجمتُها بالعربي في سُلحفا تسابقَت معْ أرنبِ
وحدَّدا حدًّا على سفْح الجبلْ وجعَلا جُعْلًا لأوَّلٍ وصَلْ
فاستغرق الأرنبُ نومًا واتَّكل على قُوى سرعتِه فما اتَّصل
والسلحفاة داومَت في الجدِّ فوصلتْ إلى أُصولِ الحَدِّ
ومذ صَحا الأرنبُ جاء يسعى رأى هناكَ السلحفاة تَرعى
قال لك الجُعل وكلُّ الأَجرِ كم غافل عن رحمة لا يَدري!
سعيتِ يا أُختاه في أعظَم كَدْ وهكذا في السعي مَن جَدَّ وجَدْ
وهذه أحد الأمثلة التي تدلُّ على فضل الأدب العربي على كثير من أدباء الغرب الذي استلهموا أدبهم من الأدباء العرب القدماء.المراجع[+]
- ^ أ ب جان دي لافونتين, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-11-2018، بتصرّف
- ↑ خرافات لافونتين في الأدب العربي, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-11-2018، بتصرّف