دعاء-سيدنا-أيوب-عليه-السلام

الدعاء
إنَّ الدعاء هو من أعظم العبادات في الإسلام، فهو وسيلة تقرّب العبد المسلم من ربِّهِ ويتضرع بها العبد إلى الله -سبحانه وتعالى- لحلِّ مسألتِهِ، وهو موقنٌ كلَّ اليقين، بأنّ الله لن يخيّبَ أملَهُ، ولنْ يردَّهُ صفر اليدين، فالله قريب سميعٌ مجيبٌ للدعواتِ، وقد قال تعالى في كتابِهِ العزيز: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" [١]، فعلى كلِّ مسلم أن يتقرّب إلى الله -عزّ وجلّ- داعيًا وراجيًا من الله الإجابة، فهو المجيبُ لدعوات المضطرين، والسامع أصواتَ الشكاة، يعلمُ السرَّ والعلن، وفي هذا المقال سيتمّ ذكر دعاء سيدنا أيوب -عليه الصّلاة والسّلام- وسيتم المرور على شروط استجابة الدعاء في الإسلام.
دعاء سيدنا أيوب
إنَّ سيدنا أيوب -عليه السلام- هو أحد أنبياء الله الصالحين، يرجع نسبه إلى إسحاق بن إبراهيم -عليهما السّلام- وقدْ بُعث بين بعثة سيدنا موسى وبعثه سيدنا يوسف -عليهما الصّلاة والسّلام-، ووردَ ذكرُ سيدنا أيوب -عليه السلام- في القرآن الكريم في سورة الأنبياء وسورة ص، وتقترن قصّته بالصبر على الابتلاء؛ فهو من الذين أغناهم الله تعالى وجعل له مالًا وبنينَ ومدَّ الله له في رزقِهِ قبل أنْ يبتليه في مالِهِ وذريِّته وجسدهِ، فصبر صبرًا كبيرًا عظيمًا، حتى أصبح مضرب الأمثال في الصبر على البلاء، وقد اشتهر دعاء سيدنا أيوب -عليه السّلام- فقد دعا ربّه وهو في قمّة بلائه قائلًا ما وردَ في الآية الكريمة، قال تعالى: "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ" [٢]، وقال تعالى في سورة ص: " وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ" [٣]، وجدير بالذكر إنَّ سؤال الله تعالى بذات دعاء سيدنا أيوب -عليه الصلاة والسلام- جائز لا ضير فيه، فمن اشتد الكرب فقال: اللهم إنّي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، ما خاب وما خسر، فالله تعالى كريم لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء [٤].
شروط استجابة الدعاء
بعد الحديث عن دعاء سيدنا أيوب -عليه السلام- فإنّه من الجدير المرورُ على شروط استجابة الدعاء في الإسلام، ولذلك فإنَّ الدعاء من أعظم العبادات في الإسلام فهو -كما وردَ سابقًا- يقرّب العبد إلى ربّهِ ليسأله بقدرته أن يحلَ مسألته وأن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولكنَّ للدعاء شروط لا تكون الاستجابة من الله العزيز الحكيم إلّا بها، وهذه الشروط هي:
- الإخلاص: فعلى المسلم أن يخلص الدعاء لله العزيز الحكيم، وأن يكون نقيَّ القلب في توجهه لله تعالى.
- الخضوع لله: لأن الدعاء هو طلب الأدنى من الأعلى، فعلى المسلم أنْ يتضرع إلى الله ويخضع له من باب طلب الأدنى من الله العلي، والإلحاح في الدعاء والطلب منه -سبحانه وتعالى-.
- تجنّب المعاصي: فإذا دعا ربّه، فعليه أن يكون سليم القلب وطاهرًا من المعاصي والآثام، وطاهرًا من المال الحرام، وهذا ما يتضح في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "أيها الناسُ! إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّبًا، وإنَّ اللهَ أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" [٥]، وقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" [٦]، ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ، أشعثَ أغبَرَ، يمدُّ يدَيه إلى السماءِ: يا ربِّ! يا ربِّ! ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِّيَ بالحرام. فأَنَّى يُستجابُ لذلك؟" [٧] [٨].
المراجع[+]
- ↑ {البقرة: الآية 186}
- ↑ {الأنبياء: الآية 83-84}
- ↑ {ص: الآية 41-42-43}
- ↑ قصة أيوب عليه السلام, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 08-11-2018، بتصرّف
- ↑ {المؤمنون: الآية 51}
- ↑ {البقرة: الآية 172}
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1015، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ أسباب إجابة الدعاء, ، "www.binbaz.org.sa"، اطُّلِع عليه بتاريخ 08-11-2018، بتصرّف
- ↑ أماكن وأوقات إجابة الدعاء, ، "www.islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 08-11-2018، بتصرّف