سؤال وجواب

المدارس-النحوية-وعلماؤها


علم النحو

علم النحو أو علم نظام تركيب الجُمل، يُسمَّى هذا العلم في اللغة الإنجليزية "syntax"، وهو علمٌ يبحثُ في أصول تكوين الجمل وقواعد الإعراب، وغايته أن يحدِّدَ أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات والخصائص التي تكتسبها الكلمة من ذلك الموضع، سواءً كانت الخصائص نحويَّة كالابتداء والمفعوليَّة أم أحكامًا نحويَّة كالتقديم والتأخير والإعراب والبناء، وسُمِّي بعلم النحو؛ لأنَّ علي بنُ أبي طالب -رضي الله عنه- سمعَ جاريةً تُخطيءُ باللغة العربية، فدخل عليه أبو الأسود الدؤلي وهو يقرأ رقعةً، فقال له: ما هذا؟، فقال: إنِّي تأملتُ كلام العرب فوجدته قد فسد بمخالطة العجم، فأردتُ أن أصنعَ شيئًا يرجعون إليه ويعتمدون عليه، ثمَّ قال لأبي الأسود: انحُ هذا النحو، ومنها جاءت هذه التسمية، وفي هذا المقال سيتمّ الحديث حول المدارس النحوية وعلمائها. [١].

المدارس النحوية

يشيرُ مصطلح المدارس النحوية إلى اتِّجاهات مختلفة ظهرت في مجال دراسة علم النَّحو في اللغة العربية، وقد اختلفت هذه المدارس النحوية في بعض المسائل النحويَّة الفرعيَّة، وقد ارتبطَ كلٌّ منها بمدينة أو إقليم جغرافيٍّ معيَّن، كمدينة البصرة أو الكوفة أو كإقليم الأندلس أو مصر، وفي هذه الفقرة سيتمُّ الحديث عن المدارس النحوية ونشأتها وأبرز علمائها: [٢]

المدرسة البصرية

إحدى المدارس النحوية التي تأسَّست في مدينة البصرة في العراق أيامَ حكم العباسيين، وقد مثّلتْ المدرسة البصرية تطوُّرًا لعلم الخليل بن أحمد الفراهيدي والذي تابع فيه تلميذهُ سيبويه الفارسيّ الأصل ثمَّ اشترك مع نحويٍّ آخر على إحياء علم أستاذه الخليل، وبذلك تأسّست أول مدرسة نحوية وقد ترأسها سيبويه نفسه، ومن كتبه "الكتاب" وهو المصدرُ الأوَّلُ في النحوِ سابقًا وحاضرًا، ومن أصحاب هذه المدرسة الأخفش الأوسط وهو تلميذُ سيبويه ومن كتبه "المسائل الكبير"، ومنهم أيضًا المبرد والزجَّاج والسيرافي وغيرهم.

المدرسة الكوفية

نشأت هذه المدرسة النحوية وتمركزت في الكوفة في العراق وكانت في أيَّّام حكم العباسيين، وكان على رأس هذه المدرسة النحوية الكسائي والذي له شهرة واسعة في هذه المدرسة ومن كتبه: "مختصر النحو، الحدود في النحو" وغيرها، ومن أصحاب هذه المدرسة أيضًا الفرَّاء وهو تلميذ الكسائي، ومن كتبه: "الكتاب الكبير، لغات القرآن"، وأيضًا منهم ثعلب ومن كتبه "المجالس" وغيرهم.

المدرسة البغدادية

أسَّس هذه المدرسة النحوية بعضُ النحاة الذين رأوْا أنَّ النحاة في البصرة وفي الكوفة قد ابتعدوا بعلم النحو عن جوهره وغايته وأدخلوه في متاهات ليس هناك داعي لها، فقام أصحاب المدرسة البغدادية في بغداد باتِّخاذ موقفٍ وسط بين المذهبين، ولكن فيما بعد تمَّ اقتراح المذهب البصري في تفسير الظواهر النحوية التي يحتاجها الطلاب وعامة الناس، مثل: اعتبار فعل الأمر مبنيًّا وغير ذلك. ومن روَّاد هذه  المدرسة: ابن كيسان ومن كتبه "اختلاف البصريين والكوفيين"، ابن جنِّي ومن كتبه "الخصائص، سر صناعة الإعراب"، الزمخشري ومن كتبه "الكشَّاف، أساس البلاغة"، وغيرهم.

المدرسة الأندلسية

نشأت هذه المدرسة وتطوَّرت في الأندلس على أيدي كثير من العلماء الذين تعلَّموا على أيدي النحاة في البصرة والكوفة وأخذوا أيضًا من بعض النحاة في بغداد، وأضافوا إلى ذلك كثير من القواعد، فبعد دخول العرب إلى الأندلس كان المسلمون هناك بحاجة لمثل هذا العلم لنشر العربية وتعليمها لقراءة القرآن الكريم ولتعليم مَن أسلم من العجم اللغة العربية، ومن أصحاب هذه المدرسة: ابن مضَّاء ومن كتبه "المشرق في النحو"، ابن عصفور ومن كتبه: "المقرب، الممتع، مختصر المحتسب"، ابن مالك ومن كتبه: "الألفية، الكافية الشافية، التسهيل وشرحه، إيجاز التعريف"، وما زالت ألفية ابن مالك تدرس في المناهج التعليمية حتى أيامنا هذه.

المدرسة المصرية

نشأت هذه المدرسة النحوية في مصر بعد مدرستي البصرة والكوفة وقد أخذَ علماؤها عن نحاة البصرة والكوفة واجتهدوا في بعض الفروع والأمور التي لا تعدّ من أساسيَّات وركائز النحو، ومن أشهر رجالها: ابن الحاجب ومن كتبه "الكافية، الشافية"، ابن هشام ومن كتبه "مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب، أوضح المسالك، شذور الذهب، قطر الندى وبل الصدى"، السيوطي ومن كتبه "المزهر، الاقتراح في أصول النحو".

الخلافات النحوية بين البصريين والكوفيين

كان الكوفيُّون في المدرسة النحوية الكوفيَّة يخالفون البصريين في المدرسة النحوية البصرية في معظم القواعد النحوية الأساسية والفرعية، وكان أكثر ما يميُّز المدرسة الكوفية اتِّساعها في روايةِ الشعر وعبارات اللغة العربية عن جميع العرب بدوهم وحضرهم، أما في المدرسة البصرية فكانوا يتشدَّدون في فصاحة وبلاغة العربيِّ الذين سيأخذون عنه اللغة والشعر وغيرها، وكان هذا بداية الخلاف الكبير بين المدرستين والذي امتدَّ حتى شمل فيما بعد القياس وضبط القواعد الفقهية، ولكن مع الزمن فضَّل الناس المدرسة البصرية على الكوفية لسهولتها ومنطقيَّتها أكثر من المدرسة الكوفية، ومن الأمثلة على أوجه الخلاف بين المدرستين ما يلي [٣]:

  • مصطلح التقريب: وقد خصُّ الكوفيّون به اسم الإشارة "هذا"، مثلًا في قول: هذا زيدٌ قائمًا. جعلوه من أخوات كان، وما يليه اسمٌ وخبرٌ منصوب، أمَّا البصريون فيعربون قائمًا حالًا، ويجعلون ما قبلها مبتدأ وخبرًا.
  • مصطلح المكنى والكناية: يقصد الكوفيّون به الضمير، وكانوا يصطلحون على تسمية ضمير الشأن باسم مجهول مثل: إنَّه اليوم حار، وتسمية ضمير الفصل باسم "العماد" في مثل: خالد هو الشاعر.
  • مصطلح الصرف: جعله الفراء لنصب المفعول معه، ورآى البصريون أنَّه منصوب بالفعل الذي قبله بتوسُط الواو.
  • اصطلاح المفاعيل: لا يطلق الكوفيون كلمة مفعول إلا على المفعول به فقط، أمَّا ما تبقَّى من بقيَّة المفاعيل فيطلقون عليها أشباه مفاعيل، وسمّى الكوفيّون الظرف باسم الصفة والمحل، وسمُّوا البدل باسم الترجمة، وسمُّوا التمييز باسم التفسير، وسمُّوا لا نافية للجنس في: لا رجل في البيت، باسم لا التبرئة.
  • اصطلاح حرف النفي: سمّى الكوفيّون حرف النفي باسم حرف الجحد أي الإنكار، وسمُّوا المصروف والممنوع من الصرف باسم "ما يجري وما لا يجري".
  • اصطلاح لام الابتداء: سمّى الكوفيّون لام الابتداء في قول: لخليلٌ كاتب، لام القسم زاعمين أنَّ الجملة جواب قسم مقدَّر.

المراجع[+]

  1. النحو إلى أصول النحو, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 19-11-2018، بتصرف
  2. علم النحو, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 19-11-2018، بتصرف
  3. المدرسة الكوفية, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 19-11-2018، بتصرف