قصة-الفصول-الأربعة
قصة الفصول الأربعة
في يومٍ من الأيام اجتمعتِ الفصول الأربعة معًا بحضور الشمس والقمر، وأخذ كلُّ فصلٍ يتحدث عن مزاياه وكيف أن الجميع يُحبّونه، وكان النقاش بين الفصول الأربعة ساخنًا، خصوصًا أن كل فصلٍ من هذه الفصول يملك خصائص رائعة لا توجد في غيره من الفصول، لذلك كان كلّ فصلٍ على حق، وعلى الرغم من هذا احتدم النقاش بين الشتاء والربيع والصيف والخريف، وكلّ فصلٍ قال أنّه هو الفصل المفضل لدى الناس، فجرت مناظرة بين الفصول الأربعة، وكان الحكم في ههذه المناظرة كلٌ من الشمس والقمر.
بدأ فصل الشتاء في الحديث قائلًا: أنا فصلُ الشتاء، سيّدُ الفصول الأربعة، وفصلُ الخير والعطاء، ومن دوني تهلك الأرض عطشًا، وينتشر الجفاف، ويموت الزرع ويهلك الإنسان والحيوان، وتتراكم الغبار على الأشجار، وأنا من أمنح للأرض الخضرة، وأُلبسها الثوب الأبيض الجميل في الثلج، ولهذا تغنّى الشعراء والأدباء بجمالي، ومدحوا الأمطار والثلوج، وأسْموني فصل الخير، أعجب الجميع بما قاله فصل الشتاء عن نفسه، وحان دور فصل الربيع الذي تقدّم للحديث عن نفسه وهو يختال، متأكدًا من تفوقه على الفصول الأربعة، فقال فصل الربيع: أنا فصل الربيع، فصل الجمال والفرح، وأكثر الفصول وداعة من بين الفصول الأربعة، فأنا الذي تُزهر الأزهار بمجيئي، وأنا الذي تبدأ الأشجار بارتداء خضرتها بمجرّد قدومي، وليس غريبًا أن الجميع يعتبر الربيع درّة الفصول، لأنّه فصل زقزقة العصافير وطيران الفراشات وانتشار شذى الزهور في الحقول، فأنا فصل الحياة والدفء وشروق الشمس وسكون الريح.
بعد انتهاء فصل الشتاء وفصل الربيع من الحديث، جاء دور فصل الصيف الذي بدأ كلامه بكلّ اندفاعٍ قائلًا: أنا فصل الصيف، فصل الدفء والحياة، وفصل الفرح وقطف الثمار والحصاد، وفصل مراقبة النجوم والاستمتاع بنور الشمس لأقصى وقتٍ ممكن، وأنا فصل السهرات والحفلات، وفصل الانطلاق في الحقول والغابات للتنزّه وقطف الورد، ولا يمكن لأي أحدٍ أن يشعر بالبرد معي، وبعد انتهاء فصل الصيف من كلامه، لم يبقَ إلا فصل الخريف الذي تقدّم للحديث بكلّ ثقة قائلًا: ربّما يتغزلُ معظم الناس بالشتاء والربيع والصيف، وينسون أن أجمل الفصول الأربعة هو فصل الخريف، فأنا فصلُ راحة الأشجار والإنسان، وفيه تخلع الأرض عنها ثوبها الذي أنهكته حرارة الشمس في فصل الصيف، لتنام قليلًا وتهدأ تمهيدًا لارتدائها ثوبًا أجمل في الموسم الجديد، وانا فصلُ الجمال الأصفر الذي تنتثر فيه أوراق الشجر لتخبر أسرارها للأرض.
بعد أن استمعَ الشمس والقمر لحديث الفصول الأربعة، قالوا لهم بأنّ جميع الفصول مهمة وجميلة، وأن لكلّ فصلٍ أهمية لا يمكن إنكارها، ولكلّ فصلٍ نكهة خاصة لا يمكن التغاضي عنها، كما أن الفصول الأربعة تابعة لبعضها البعض، فلولا الشتاء لم يأتِ الربيع، ولولا الشتاء والربيع فلن يأتي الصيف، ولولا الشتاء والربيع والصيف فلن يأتي الخريف، لذلك فإنّ كل فصل هو بمثابة حياة كاملة.