خاطرة-عن-الحياة
خاطرة عن الحياة
الحياة بكلِّ ما فيها من مظاهر وغموض وأشخاص وكائنات، ما هي إلّا رحلة قصيرة لا بدّ أن تنتهيَ يومًا بالموت، لكن رغم هذا لا بدّ من فهم الحياة بفلسفتها الخاصة؛ فمن يقصُرُ عن يفهمها لا يمكن أن يعيَ مقدار جمالها، والمتفكّر في معاني الحياة، يُدرك أنّها معقدة وبسيطة في آنٍ معًا، ومن أراد أن يجتاز مشواره فيها بنجاح، لا بدّ من أن يعي الطريقة الملائمة للعيش، فهي تُعطي الدروس للأحياء وتمنحهم الكثير من الفرص لاجتياز اختباراتها الصعبة، والأهمّ من كلّ شيء هو الالتزام بمبادئها الصحيحة، فالحياة صديقة المتفائلين وعدوّة المتشائمين، لهذا يقضي البعض حياته بلا فائدة، ويموت دون أن يُحقق شيئًا فيها، بينما يعيشها البعض الآخر بكامل جمالها وإنجازاتها، فيبقى اسمه مخلدًا في سجل من عاشوا فيها.
تتغير النظرة إلى الحياة بين الكبير والصغير وبين الرجل والمرأة وبين الطفل والعجوز، لكن مهما كانت هذه النظرة مختلفة، يجب القفز عن ذكرياتها الحزينة، والاهتمام بكل ما يجلب الفرح فيها، فالحياة رواية فيها الأبطال وفيها الأشخاص المهمشين، فالأبطال فيها هم الذين عرفوا كيف يعيشونها بمهارة، أما المهمشين فهم الذين توقفوا عند أول عثرة فيها، ولم يحاولوا البحث عن الخلل، لأن الحياة لا تُقدّم الفرص على طبقٍ من ذهب، بل تُكافئ المجتهد، وتُعلي من شأن من يتعب على نفسه، وتتخلى عن الكُسالى الذين لا يُكلفون نفسهم عناء البحث عن الفرص فيها، ولا يُحاولون تعلّم أي مهارة منها.
الحياة مليئة بالحكم، ومن يلتقط الحكمة ويعمل فيها فقد كسبَ معركتَه معها، وهي بحرٌ عميقٌ جدًا متلاطم الأمواج، لا يعترف بمن لا يُتقن فن العوم، ولا يأبه بمن لا يتعلمون مهارة الصيد، وعلى الرغم من الهدوء الظاهر في وجه الحياة أحيانًا، إلّا أنها تُكشّر عن أنيابها في أوقاتٍ كثيرة، والإنسان الواعي يستطيع العمل لحياته الدنيا ليكسب العيش فيها، وفي نفس الوقت يعمل لحياته الآخرة لأنها الحياة الأبقى، ومن يفعل الخير فيها فقد قدّم الخير لحياته الباقية، ومهما اختلفت طريقة العيش فيها، فالحياة لا تنتظر أحدًا، ولا تعد للخلف أبدًا، بل تمضي بكلّ ما فيها من متغيرات، ولا تتوقف للراحة، ولا تُحبُّ من يركن إليها دون عمل، كما أنها لا تتمسّك بمن لا يعرفون قيمتها، لهذا توقف قليلًا وفكر في حياتك برهة، وامنح نفسك دافعًا كبيرًا لتعيشها بقدرة ونجاح، ولا تكن شخصًا هامشيًّا فيها، فحياة كلّ شخص هي مسؤوليتُه وحده.