قصة-الأميرة-المتكبرة
قصة الأميرة المتكبرة
تتناولُ قصة الأميرة المتكبرة مجموعةً من الأحداث في أحدِ القصور الملكيّةِ فيما مضى، حيث كان هناك ملكٌ يعيش مع ابنتِه الجميلة في قصرٍ غاية في الفخامةِ والجمال، وكانت ابنةُ الملك حَسَنة المظهر، ناعمة الملامح، رقيقة التفاصيل، ما أثار نظراتِ الإعجاب حولها بكثرة، لكنها اتخذت من هذه الصفات المظهريّة الحسنة سببًا في التكبّر على الناس، وكان هذا التكبّرُ يظهر في معاملتها للخَدَم في قصر والدها، كما بدأت صفة التكبر تظهر بوضوح عندما وصلت الأميرة إلى سن الزواج، حيث تقدَّم لخِطبتها العديد من الرجال لكنها رفضتهم جميعًا.
وكانت الأميرة تختلق العيوب في الرجال الذين يتقدمون إليها، فهذا ساقاه طويلتان فوق الحدّ، وهذا بطنه منتفخةٌ للغاية، وهذا شعره مجعَّد ويشبه الفراء، وهذا له أذنان عريضتان، وهذا أنفُه غير منسجم مع تفاصيلِ وجهه، وهذا مِشيَتُه غيرُ سليمة، وهذا عيناه غائرتان في وجهه، وهذا قصير القامة بشكلٍ مضحك، وهذا قامته أطول مما ينبغي، وهذا نبرة صوته حادة للغاية، ولم تكنْ الأميرة المتكبرة تلقي بالاً لشخصية هؤلاء الرجال، أو لطريقة تعاملهم مع الآخرين، أو إلى سلوكيات وأخلاقهم، بل كانت تهتم فقط بالمظهر الخارجي وتبحث عن العيوب بأي طريقة.
وبعد ذلك تقدَّمَ لها أمير اسمُه بهلول، وكان هذا الأمير واسعَ الغنى، قويَّ السلطة والنفوذ، وسيمَ الملامح، كريمَ الأخلاق، لكن الأميرة المتكبرة رفضته أيضًا أمام جميع رجال القصر، وهذا تسبّبَ له في إحراج شديد، وهنا غضب والد الأميرة منها لأنها جعلت العديد من الأمراء أعداءً له بدلًا من أن يكونوا من حلفائه، وعليه فقد قرّر الملك أن يزوجها من أول متسوّل يزور قصره لتبدأ بهذا قصة الأميرة المتكبرة مع الفقر.
وذاتَ يوم جاء عازف بسيط إلى قصر الملك وبدأ بعزف مقطوعات موسيقية بديعة، وطلب من الحاضرين بعد ذلك أن يعطوه مما أعطاهم الله، فقال له الملك سوف أزوجك ابنتي وخذها معك إلى بلادك، فأرغِمَت الأميرة المتكبرة على السفر إلى بلاد العازف البعيدة، فمشت لمسافة طويلة على قدميها، وهذا أدى بها إلى السقوط مرارًا، فتمزّق ثوبها الجديد، وسقطت في العديد من الحفر، وكان زوجها يحثّها على الإسراع في المشي وتحمّل الأعباء؛ لأنه فقير ويعيش حياة قاسية وعليها أن تعتادَ على ذلك.
وبينما هي مع زوجها الفقير مَرّت بغابات جميلة ممتدة الأطراف وحقول ذهبية من القمح وعندما سألته عن صاحب الحقول والغابات أخبرها بأنها للأمير بهلول الذي رفضت الزواج به، فأحست بندم شديد على ما ضيعته برفضها للأمير بهلول، وبعد مسير طويل وصلا إلى كوخ صغير في غابة بعيدة، فأخبرها بأن هذا هو بيته وأنها ستعيش هنا، وفي صبيحة اليوم التالي طلب منها أن تذهب إلى الغابة وتجمع الحطب لتعدّ له الطعام، وعندما بدأت بإعداده أحرقته وكان سيء الطعم فوبخها بشدة، وفي اليوم التالي طلب منها أن تعمل في غَزْلِ الصوف كي تساعده على جمع بعض المال فلم تُجِدْ ذلك فوبخها من جديد، وفي اليوم الذي يليه أحضر لها بعض التحف القديمة وطلب منها أن تذهب لتبيعها في السوق فلم تبع شيئًا فعاتبها من جديد.
وبعد ذلك طلب منها أن تضاعف جُهدها فأرسلها للعمل في قصر أحد الأمراء كي تتمكن من جمع مالٍ إضافي، وكان أمير هذا القصر مقبلاً على الزواج فعملت في تنظيف الأواني وتجهيز الغرف، وكانت تشعر بحرقة وألم شديديْنِ لأنّ ما أوصلها إلى هذا الحال هو التكبّر، وفجأة ظهر الأمير بهلول أمامها من إحدى الغرف فأصابتها الدهشة، وأخبرَها بأنّه تنكر في زيّ عازف القيثارة لأنه أراد أن يعلمها معنى التواضع، وأنه فعل ذلك لأنه يحبها ويكره غرورها، وهنا بكت الأميرة وعرفت قدر نفسها وتخلت عن صفة التكبر، وأقام لها الأمير بهلول حفل زفاف ضخم، وهذا انتهت قصة الأميرة المتكبرة بتخليها عن التكبر وعاشت مع الأمير بهلول في سعادة وهناء.
الدروس المستفادة من قصة الأميرة المتكبرة أن التكبر هو سبب في تخلي الناس عن الإنسان الذي يتصف بهذه الصفة؛ لأنّه يرى أنه أفضل من جميع الناس، ويبحث عن عيوب الناس المظهرية فقط، ويتجاهل ما هم عليه من الصفات الطيبة أو الأخلاق الحميدة، كما يُستفاد من قصة الأميرة المتكبرة أن زوال النعم يجعل الإنسان يعرف قيمتها الحقيقية، فبعد أن زالت النعم عن الأميرة المتكبرة وعاشت حياة الفقراء أدركت ما كانت عليه من الخير العظيم قبل أن تتزوّجَ من العازف المتنكّر.