أهجى-شعراء-العرب
محتويات
الهجاء
يعدُّ الهجاء من أهم الأغراض الشعرية التي من أجلها كُتبت العديد من قصائد العربية، وعرَّف بعضهم الهجاء على أنه شتم الآخر بالشعر أو النثر، حيث يقوم الشاعر بكتابة بعض الأبيات الشعرية ويقصد بها إبراز العيوب في غريمه سواء كانت هذه العيوب ظاهرية أو معنوية، ويعتبر شعر المديح نقيضه، وقد ظهر هذا الغرض الشعري من خلال وجود حالة الصراع بين القبائل العربية سابقًا، وما دار بين هذه القبائل من الحروب، حيث كان هذا النوع من الشعر يمثل الحرب اللفظية تجاه من يخاصم الشاعر وقبيلته، وفي هذا المقال تسليط الضوء على أهجى شعراء العرب.
أهجى شعراء العرب
برزَ العديد من شعراء العربية في غرض الهجاء حتى وصف هؤلاء بأنهم أهجى شعراء العرب على الإطلاق وذلك من خلال ورود هذا الغرض الشعري في العديد من قصائدهم التي خلَّدت مواقفهم تجاه من قاموا بهجائهم، ويعد الشاعر جرير من أهجى شعراء العرب، ويمكنُ إبراز ذلك من خلال ما يأتي: [١]
جرير الشاعر
يعدُّ الشاعر جرير من أعظم شعراء العربيّة على الإطلاق وهو جرير هو أبو حرزة جرير بن عطية اليربوعي التميمي، وهو من قبيلة بني تميم النجدية، ولد في عهد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان من عفان -رضي الله عنه- في منطقة نجد ومات فيها، واشتهر بمتانة شعره وبراعته في الهجاء والمديح على حد سواء، كما أنه برز بشكل لافت في شعر الغزل حتى قيل عنه بأنه أغزل الناس، وكانت بداية الشاعر جرير من خلال كتابة نقائضَ للشعراء المحليين الذين عاشوا في عصره، حيث كان يساجلهم ويهجوهم، وقيل بأنه هجى أغلب الشعراء الذي عاشوا في زمانه، وهذا ما زاد شهرته في الجزيرة العربية في حياته وبعد وفاته.
هجاء جرير
كان جرير من أهجى شعراء العرب، وكانت حادثة جرير ببشر بن مروان من الأحداث التي خلدها تاريخ الأدب العربي في الهجاء، حيث كان بشر يحب تغرير الشعراء بهجاء بعضهم البعض، فطلب من شاعر يسمى سراقة البارقي أن يهجو جريرًا، ثم بعث إلى جرير كي يطلب منه أن يرد على قصيدة الهجاء التي كتبت في حقه، فكتب جريرٌ قصيدة يهجو فيها سراقة ويمدح بشرًا ومن أشهر أبيات هذه القصيدة قوله:
يا بشرُ حَقَّ لوجهك التبشير هلا غضبت لنا وأنت أمير
ديوان جرير
احتوى ديوان جرير على العديد من القصائد التي كتبها الشاعر النجدي في مختلف الموضوعات، ومن أهم ما يميز به ديوان جرير أن من خلال هذا الديوان ترك الباب للشعراء الذي تلوه مفتوحًا للكتابة في شعر النقائض، فقد تكالب عليه العديد من شعراء عصره عليه لكنه نقض قصائدهم وأفحمهم جميعًا، كما يكشف ديوان جرير بن عطية اليربوعي التميمي عن جانب هام من شخصيته وهو سمو نفسه وطيبتها، فبالرغم ما كان من طول الهجاء بينه وبين الفرزدق إلى أنه كتب في وفاته قصيدة تُعد من عيون الشعر العربي، لتكشف عن خلقه الرفيع رغم هجائه القَذِعْ.
شعر جرير والفرزدق
كان هجاء جرير للفرزدق أشهر سجالات الهجاء في تاريخ الأدب العربي حيث امتد الهجاء بين جرير والفرزدق ما يقارب أربعين عامًا، فكان بينهما العديد من الأبيات التي جاء فيها ذكر كل منهما عيوبَ الآخر، ومن أبرز ما قيل بينهما قول جريرٍ في حق الفرزدق:[١]
لقد ولدت أم الفرزدق فاجرًا فجاءت بوزواز قصير القوائم يوصل حبليه إذا جن ليله ليرقى إلى جاراته بالسلالم أتيت حدود الله مذ أنت يافع وشبت فما ينهال شيب اللهازم
أما الفرزدق فقد كان شاعرًا من نبلاء البصرة، وكان لشعره وزنٌ عالٍ في اللغة حتى قالوا فيه بأنه لولا شعره لذهب نصف أخبار الناس ولذهبت ثلث لغة العرب، وهذا يعود إلى شعره المتماسك، كان يكنّى بأبي مكية، وسمي بهذا الاسم لغلظة وجهه وجهامته، ومن أشهر هجائه في حقِّ الشاعر جرير قوله: [٢][٣]
دَعاني جَريرُ بنُ المُراغَةِ بَعدَما لَعِبنَ بِنَجدٍ وَالمَلا كُلَّ مَلعَبِ فَقُلتُ لَهُ دَعني وَتَيماً فَإِنَّني وَأُمِّكَ قَد جَرَّبتُ ما لَم تُجَرِّبِ
شعر هجاء
حفل تاريخ الشعر العربي بالعديد من الأبيات الشعرية التي أتت على ذكر موضوع الهجاء، واختلف أسلوب الشعراء في كتابة شعر الهجاء حيث توزع بين ذكر النقائص المظهرية والخُلقية الموجودة حقيقةً أو اختلاق ذلك، وفيما يأتي بعض الشواهد على شعر الهجاء لدى أهجى شعراء العرب: [٤]
- مالك بن فهم الأزدي: وَكَم علمتُه نظمَ القوافي فَلما قالَ قافيةً هجاني
- النابغة الذبياني: ألِكْني ياعُيينَ إليك قولاً سأهديه إليك إليك عني قوافي كالسِّلام إذا استمرت فليس يرد مذهبَها التظني بهنَّ أدين من يبغي أذاتي مداينةَ المُداين فليدني
- ابن الرومي: هذا لذاك ورُبَّ قافيةٍ قد قلتُها كالطعنة الخلس
- الحطيئة: جزاك اللهُ شرًا من عجوز ولقّاك العقوقَ من البنينا تنحَّي فاجلسي عني بعيـدًا أراح اللهُ منكِ العالمينا ألم أُظهر لك البغضاءَ مني ولكن لا إخالك تعلمينا أغربالاً إذا استودعتِ سرًا وكانونًا على المتحدثينا حياتُك ما علمتُ حياةُ سوء وموتُك قد يسرُّ الصالحينا
- مسيب بن علس: فلأهدينَّ مع الرياح قصيدةً مني مغلغَلةً إلى القعقـاع ترد المياهَ فما تزال غريبةً في القوم بين تَمَثُّل وسماع
- جرير: وعاوٍ عوى من غيرِ شيء رميته بقافيةٍ أنفاذُها تقطـرُ الدمـا خروجٍ بأفواه الرواة كأنها قِرى هندوانيٍّ كلما هزّ صمما
- الأعشى: تبيتون في المشتى ملاءً بطونُكم وجاراتُكم غرثى يبتنَ خمائصا