قصيدة-للمتنبي-مع-الشرح
نبذة عن المتنبي
هو أبو الطيب المتنبي أحمد بن الحسين الكنديّ، وُلدَ سنة 915 للميلاد، وهو أحد أشهر الشعراء العرب على الاطلاق، قامة أدبيّة عظيمة أثّرت الأدب العربي بكثير من القصائد الخالدة التي لم تزل يتداولها الناس حتَّى اليوم، وُلدَ أبو الطيب بالكوفة وعاش في الشام وانتقل إلى البوادي نهل من بلاغة أهلها، مدح المتنبي الملوك وكسب منهم الأعطيات الكثيرة، خاصة سيف الدولة فقد لازمه فترة طويلة، ومدح كافور الأخشيدي، وتوفي سنة 965 ميلادية مقتولًا بسبب بيت شعر قاله، وهذا المقال سيتناول الحديث عن قصيدة للمتنبي وشرحها وسيتم ذكر بعض قصائده وأسلوبه الشعري أيضًا. [١]
قصيدة للمتنبي مع الشرح
بعد الحديث عن حياة المتنبي سيتم المرور على شرح قصيدة للمتنبي وهي قصيدة "الرأي قبل شجاعة الشجعان"، وفيما يأتي تحليل القصيدة وشرحها:
الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني
فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلَّ مكانِ
وَلَرُبّما طَعَنَ الفَتى أقْرَانَهُ بالرّأيِ قَبْلَ تَطَاعُنِ الأقرانِ
يقول أبو الطيب المتنبي: إنَّ العقل والرأي السديد يأتي قبل الشجاعة والخوض في الوغى دون خوف، فالعقل يأتي قبل قوة القلب، وهذا من أبيات الحكمة العربية الأصيلة، فالرأي والعقل السديد يأتي أولًا والشجاعة تأتي في المحل الثاني، ثم يقول: إذا اجتمع العقل والقلب القوي، أي الرأي السديد والشجاعة، لبلغَ الإنسان الذي اجتمعت فيه هذه الصفات العلا، وكان له شأن كبير بين الناس، ويقول ربَّما غلب الفتى أعداءه بسدادِ رأيِه قبل أن يغلبَهم بالسيف والنزاع والقتال.
لَوْلا العُقولُ لكانَ أدنَى ضَيغَمٍ أدنَى إلى شَرَفٍ مِنَ الإنْسَانِ
وَلما تَفَاضَلَتِ النّفُوسُ وَدَبّرَتْ أيدي الكُماةِ عَوَاليَ المُرّانِ
لَوْلا سَميُّ سُيُوفِهِ وَمَضَاؤهُ لمّا سُلِلْنَ لَكُنّ كالأجْفانِ
ثمَّ يقول المتنبي: لولا وجود العقل عند الإنسان لَكان الأسد يقترب في مكانته من الإنسان وربما يوازيها، ولولا العقول أيضًا لما كان بعض الناس أفضل من بعض؛ لأن الذي يديرُ الرماح في الأيدي هو العقل أيضًا، ثم يبدأ المتنبي بمدح سيف الدولة الحمْداني فيقول: لولا سيوف سيف الدولة لم تكن للسيوف كلِّها أيّ تأثير حين تُسلُّ من أغمادها، بل كانت كالأجفان لا تثمر ولا تغني في ساحة المعركة.
خاضَ الحِمَامَ بهنّ حتى ما دُرَى؟ أمِنِ احتِقارٍ ذاكَ أمْ نِسْيَانِ
وَسَعَى فَقَصّرَ عن مَداهُ في العُلى أهْلُ الزّمانِ وَأهْلُ كلّ زَمَانِ
تَخِذُوا المَجالِسَ في البُيُوتِ وَعندَه أنّ السّرُوجَ مَجالِسُ الفِتيانِ
وَتَوَهّموا اللعِبَ الوَغى والطعنُ في الـهَيجاءِ غَيرُ الطّعْنِ في الميدانِ
قادَ الجِيَادَ إلى الطّعانِ وَلم يَقُدْ إلاّ إلى العاداتِ وَالأوْطانِ
ثمّ يتابع في مديحِه لسيف الدولة فيقول: خاضَ سيف الدولة الموت في سيوفه حتَّى ما عرف الناس هل هذا الخوض وهذه الشجاعة جاءت من احتقاره للموت أم جاءت من نسيانه له.
ويقول أيضًا: ومشى سيف الدولة حتَّى لم يبلغ سعيَه إلى العلا أحد في العالمين السابقين والحاضرين واللاحقين من أهل كلِّ الأزمنة، وهذا لأنَّ الناس جميعًا اتخذوا من بيوتهم مجالسَ لهم وسيف الدولة جعل سروج الخيل مجلسًا دائمًا له، وظنُّوا أنَّ اللعب بالرماح في حالات السلم يشبه ضرب الطعن في ساحات القتال، والحقيقة أنَّه غير لك تمامًا.
ثمَّ يقول: قاد سيف الدولة الحمداني الخيل إلى القتال والحرب حتَّى تعودت خيله على الحرب وعلى القتال، حتَّى تعوَّدت خيله على ساحات المعركة وحسبتها أوطانًا لها. [٢]
قصائد المتنبي
بعد الحديث عن شرح قصيدة للمتنبي جدير بالقول إنَّ شعر المتنبي تميَز بالجزالة وحسن السبك وبراعة الصياغة، كما تميَّز بالصدق في عكس ما دار حول الشاعر من أحداث حدثت في عصره، ويتميز شعر المتنبي بأنَّه وعلى جزالته وحسن صياغته إلَّا أنَّه لم يكن متكلَّفًا منفرًا ولم يعتمد كثيرًا على الألفاظ الوعرة القاسية، وفيما يلي ذكر بعض قصائد المتنبي:
- يقول المتنبي في قصيدته "الخيل والليل والبيداء تعرفني": [٣]
وَاحَـرّ قَلْبـاهُ مـمّنْ قَلْبُـهُ شَبِـمُ وَمَنْ بجِسْمـي وَحالي عِنـدَهُ سَقَـمُ
ما لي أُكَتِّمُ حُبًّا قَدْ بَـرَى جَسَـدي وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلـةِ الأُمَـم ُ
إنْ كَـانَ يَجْمَعُنَـا حُـبٌّ لِغُرّتِـهِ فَلَيْتَ أنّـا بِقَـدْرِ الحُـبّ نَقْتَسِـمُ
قد زُرْتُهُ وَسُيُـوفُ الهِنْـدِ مُغْمَـدَةٌ وَقـد نَظَـرْتُ إلَيْـهِ وَالسّيُـوفُ دَمُ
- ويقول المتنبي في قصيدته "على قدر أهل العزم": [٤]
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلّفُ سيفُ الدّوْلَةِ الجيشَ هَمّهُ وَقد عَجِزَتْ عنهُ الجيوشُ الخضارمُ
وَيَطلُبُ عندَ النّاسِ ما عندَ نفسِه وَذلكَ ما لا تَدّعيهِ الضّرَاغِمُ
- وفي قصيدة للمتنبي أيضًا: [٥]
وحبيب أخفَوه منّي نهارًا فتخَفّى وزارني في اكتِئامِ
زارني في الظلام يطلب سترًا فافتَضحنا بنورهِ في الظلامِ
- وفي قصيدة للمتنبي أخرى يقول: [٦]
فدَيناكَ أهدى النّاسِ سَهمًا إلى قَلبي وَأقتَلَهُم للدّارِعِينَ بِلا حَربِ
تَفَرّدَ في الأحكامِ في أهْلِهِ الهَوَى فأنتَ جميلُ الخُلْفِ مستحسَنُ الكِذْبِ
وَإنّي لمَمنُوعُ المَقاتِلِ في الوَغَى وَإن كُنتُ مَبذولَ المَقاتِلِ في الحبِّ
وَمَن خُلِقَت عَيناكَ بَينَ جُفُونِهِ أصابَ الحدورَ السَّهلَ في المُرتقى الصّعْبِالمراجع[+]
- ↑ أبو الطيب المتنبي, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 04-02-2019، بتصرّف
- ↑ الرأي قبل شجاعة الشجعان, ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 04-02-2019، بتصرّف
- ↑ الخيل والليل والبيداء تعرفني, ، "www.aldiwan.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 04-02-2019، بتصرّف
- ↑ على قدر أهل العزم تأتي العزائم, ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 04-02-2019، بتصرّف
- ↑ وحبيب أخفوه منا نهارا, ، "www.aldiwan.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 04-02-2019، بتصرّف
- ↑ فدَيناكَ أهدى النّاسِ سَهمًا إلى قَلبي, ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 04-02-2019، بتصرّف