شرح-قصيدة-وصف-الطبيعة
أمير الشعراء أحمد شوقي
أحمد شوقي، شاعرٌ وأديب مصريّ وأمير الشعراء العرب، وُلد في القاهرة سنة 1868م، من أبٍ شركسي وأمٍّ ذات أصل يوناني، نشأ وكبر في قصر الخديوي إسماعيل، فعاش عيشة الأثرياء ولم يطرق له الفقر بابًا، درس شوقي في الكتَّاب، فحفظ قسمًا يسيرًا من كتاب الله وأتقن في الكتَّاب القراءة والكتابة، ثم درس في مدرسة المبتديان الابتدائية حيث ظهر فيها حبُّه للأدب والشعر فاهتم اهتمامًا كبيرًا بفحول الشعراء ودواوينهم، جرى الشعر على لسانه حسنًا جيدًا، وهذا المقال سيتناول شرح قصيدة وصف الطبيعة لأحمد شوقي إضافة إلى الحديث عن معاني هذه القصيدة أيضًا. [١]
شرح قصيدة وصف الطبيعة
يطرقُ شوقي بابًا شعريًّا جديدًا بعض الشيء، أيْ لم يلتفت إليه أحد من الشعراء، حيث يخرج قليلًا عن الأغراض الشعرية المألوفة، ليمتدح الطبيعة في قصيدة وصف الطبيعة، وفيما يأتي شرح لأبرز أبيات هذا النص للشاعر أحمد شوقي، والذي يقول:
تلك الطبيعةُ، قِف بنا يا ساري حتى أُريكَ بديعَ صُنْعِ الباري
الأَرضُ حولك والسماءُ اهتزَّتا لروائع الآياتِ والآثارِ
يبدأ الشاعر أحمد شوقي قصيدته مخاطبًا الساري، والساري هو الماشي الذي يتفكر في بديع خلق الله تعالى، فيقول: هذه هي الطبيعة أيها الماشي، فتوقف قليلًا حتى أريك أجمل ما صنع الله تعالى وخلق وأبدع، ثم يقول للساري إنَّ الأرض التي حولك والسماء فوقك اهتزتا وتحرَّكتا من جمال هذه المناظر الخلابة التي تراها، والتي هي آيات من بديع خلق الله -سبحانه وتعالى-.
من كلّ ناطقةِ الجلال، كأَنَّها أُمُّ الكتاب على لسان القاري
دَلَّت عَلى مَلِكِ المُلوكِ فَلَم تَدَعْ لِأَدِلَّةِ الفُقَهاءِ وَالأَحبارِ
ثمَّ يتابع شوقي ويخاطب الساري فيقول له: انظر إلى كلِّ آيات الجمال اتي حولك تنساب طاهرة كآيات المصحف الشريف وهي تنساب من فم القارئ، وهذه الآيات تدلُّ على الملك القدوس، مالك الملك، وكلُّها آيات ترشد التائه إلى سبيل الحق، سبيل عبادة الله وحده.
مَن شَكَّ فيهِ فَنَظرَةٌ في صُنعِهِ تَمحو أَثيمَ الشَكِّ وَالإِنكارِ
شَبَّهتُها بَلقيسَ فَوقَ سَريرِها في نَضرَةٍ وَمَواكِبٍ وَجَواري
أَو بِاِبنِ داوُدٍ وَواسِعِ مُلكِهِ وَمَعالِمٍ لِلعِزِّ فيهِ كِبارِ
هوجُ الرِياحِ خَواشِعٌ في بابِهِ وَالطَيرُ فيهِ نَواكِسُ المِنقارِ
يقولُ الشاعر: إنَّ الذي يشكّ بوجود الله تعالى فلينظر إلى هذه الآيات العظيمة، وهذه المناظر الرائعة التي لو نظر الظانُّ إليها لمحت كلَّ شكوكه وظنه بالخالق العظيم، ثم يقول إنَّه شبَّه هذه الطبيعة ببلقيس ملكة سبأ، تلك المرأة الجميلة زوجة النبيِّ سليمان -عليه السلام- وهي فوق سريرها أميرة في الحسن والدلال، ويقول إنَّه يشبهها بالنبي سليمان ابن النبي داوود الملك العظيم، الذي جعل الله له ملكًا لم يكن لأحد من قبله، ولن يكون لأحدٍ من بعده، وهو الملك الذي تهدأ الرياح الهوجاء على بابه بأمر الله، وتأتمر بأمره الطير بفضل الله.
قامَت عَلى ضاحي الجِنانِ كَأَنَّها رَضوانُ يُزجي الخُلدُ لِلأَبرارِ
كَم في الخَمائِلِ وَهيَ بَعضُ إِمائِها مِن ذاتِ خِلخالٍ وَذاتِ سِوارِ
ثمّ يتابع شوقي في قصيدة وصف الطبيعة ويتخيل نفسه في جنة الخلد ورضوان هو اسم الملك الموكل بالجنة يقدم بأمر الله النعيم إلى الصالحين المؤمنين، ويشبه هذه الطبيعة بالجنان الملأى بذات السوار وذات الخلخال، وفي هذه الصورة تشبيه الشجر في هذه الطبيعة بالنساء في الجنة، وتشبيه هذه الأراضي بجنان رب العالمين -سبحانه وتعالى-. [٢]
معاني قصيدة وصف الطبيعة
يطرقُ شوقي في قصيدة وصف الطبيعة موضوعًا جديدًا إلى حدٍّ ما، لم يتطرَّق إليه كثير من الشعراء إلَّا قلة من شعراء الأندلس الذين عرضوا طبيعة الأندلس الرائقة في بعض قصائدهم، حيث يعتمد شوقي في وصفه على بعض الألفاظ المعجمية التي تتلاءم مع واقع الموضوع المطروح في النصّ، كاستعماله لكلمات مثل: بديع، روائع، آيات، جلال، وكلُّها عبارات تعبر عن الصفاء والنقاء الذي أراده الشاعر وشعر به أثناء مشيه في هذه الطبيعة الرائقة، فقال:
تلك الطبيعةُ، قِف بنا يا ساري حتى أُريكَ بديعَ صُنْعِ الباري
الأَرضُ حولك والسماءُ اهتزَّتا لروائع الآياتِ والآثارِ
من كلّ ناطقةِ الجلال، كأَنَّها أُمُّ الكتاب على لسان القاري
ولأنّ مُرادَ الشاعر هو أن يبرزَ بديع خلق الله، غلبَت على نصّه التشابيهُ الدينية والألفاظ الدينيّة أيضًا، وضمَّن نصَّه أيضًا قصة من قصص القرآن الكريم أضفت على النص شخصيّات جديدة بأسلوب بهيٍّ، وهي شخصية الملكة بلقيس والنبي سليمان، حيث قال:
شَبَّهتُها بَلقيسَ فَوقَ سَريرِها في نَضرَةٍ وَمَواكِبٍ وَجَواري
أَو بِاِبنِ داوُدٍ وَواسِعِ مُلكِهِ وَمَعالِمٍ لِلعِزِّ فيهِ كِبارِ
ثمَّ لم يترك حلقته التي يدور فيها، ولم يغادر مطلبه، متنقلًا بين الرموز الدينية كالنحلة بين الزهور، فقد استدعى أيضًا تشبيه الطبيعة التي يشاهدها شوقي بجنان الخلد، مصوِّرًا بعض المشاهد التي وعد الله بها الصالحين، ومشبهًا الطبيعة التي بين يديه بها، في قوله:
قامَت عَلى ضاحي الجِنانِ كَأَنَّها رَضوانُ يُزجي الخُلدُ لِلأَبرارِ
كَم في الخَمائِلِ وَهيَ بَعضُ إِمائِها مِن ذاتِ خِلخالٍ وَذاتِ سِوارِ
لذلك كانت معاني قصيدة وصف الطبيعة لأحمد شوقي تحملُ الطابع الدينيّ، وتتجمّع لتشكل تشبيهاتٍ دينيّةً أرادها الشاعر ليعود بخيال القارئ من خلالها إلى غرض القصيدة الرئيس وهو إظهار بديع خلق الله تعالى، وتعظيم وتوحيد خالق هذا الجمال كلِّه. [٣]المراجع[+]
- ↑ أحمد شوقي, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-02-2019، بتصرّف
- ↑ تلك الطبيعةُ، قِف بنا يا ساري, ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-02-2019، بتصرّف
- ↑ تلك الطبيعة قف بنا يا ساري, ، "www.aldiwan.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-02-2019، بتصرّف