سؤال وجواب

أنماط-النصوص-ومؤشراتها


تحديد أنماط النصوص

النمط الأدبي من الأمور المهمّة التي يُوليها القارئ اهتمامه، ومع أهميتها التي تتمتّع بها، وخصائصها الجليّة والواضحة في كلّ نص إلا أنها تكون إشكالية في هذا النص أو ذلك، وفي هذهِ المرسلة أو تلك؛ وذلك لتداخل نمطَيْن أو أكثر في نصّ واحد، وفي هذه الحال ما على القارئ إلا أن يسأل نفسه: ما الذي يريده الكاتب في هذا النص، هل يريد أن يسرد قصة؟ أو يريد أن ينصح ويرشد؟ أو يريد أن يصف؟ ولكي تكون هذه الأنماط واضحة سيتمّ تناولها بالشرح والتفصيل من حيث تعريفها، ومجالاتها، وأهميتها.

تعريف أنماط النصوص

يُعرَف النمط في اللغة أنه الجماعة من الناس أمرهم واحدٌ. ولهُ معنًى آخر وهو الطريقة، فيُقال: ألزم هذا النمط أي الطريق أو الضرب أو النوع، ويأتي بمعنى المذهب أو الفن.

أمّا في الاصطلاح فهو صنفٌ من الأصناف القوليّة المعتمدة في التعبير الكتابي، أي الطريقة النقلية المتبعة لبلوغ غاية الكاتب، وذلك حسب ظروف وضعية التّواصل "من؟ إلى من؟ ماذا؟ لماذا؟" التي تختلف باختلاف موضوع النصّ، فمن الممكن أن يكون تفسيرًا لفكرةٍ ما أو توضيحًا لقضية، أو مناقضةً لرأي، أو وصفًا، أو انفعالًا. وإن إيصال الفكرة من قبل الكاتب مرتبط بإبداعه، وتوظيفه للنمط الأدبي بشكلٍ مناسب، ولذلك يكون النمط مهارة تتطلّب الإتقان والذكاء. [١]

مجالات أنماط النصوص

إنّ الأنماط الأدبية متعددةٌ ومتنوّعة، لكنّ تعدّدَها ليس تَعدّدًا اعتباطيًا، إنّما تعدّدٌ مرتبط بنوع النص بالدرجة الأولى، وبهدف الكاتب من النص في الدرجة الثانية، حيث يختار الكاتب النمط الأدبي الذي يساعده على إيصال فكرته، وتحقيق غايته بأفضل طريقة، وأرقى إبداع.

النمط الوصفي

يقومُ هذا النمط على الوصفِ بكلّ أشكاله وألوانه، كالوصف الخارجي والوصف النفسيّ. ومن الأمور التي تشيرُ إلى استخدام الكاتب لهذا النمط في نصِّه استخدام العبارات الوصفيّة الواقعية أو الخيالية بكثرة، كالنعوت والعبارات الوصفية البليغة. والإكثار من الصور البلاغية ولا سيما الاستعارة والتشبيه، كما تكثر الجمل الإنشائية من تعجب، ونداء، واستفهام، وغيرها من الجمل الإنشائية. ومن الدلائل أيضًا كثرة الأفعال المضارعة الدالة على الحركة والحيوية.

وممّا هو جدير بالذكر أن هذا النمط يكاد لا يخلو نص منه، ونجده أكثر ما نجده في النصوص التي تصف الإنسان وصفًا خارجيًّا وداخليًا، وفي وصف الطبيعة. كما أن النمط الوصفي لا يمكن الاستغناء عنه في السرد القصصي حيث يساعد على تصوير الأحداث ووصف الزمان والمكان.

النمط السردي

السرد هو نقل تفاصيل حادثة ما أو مجموعة حوادث مترابطة، بأسلوب مشوّق، وقد تكون واقعيّة أو خياليّة من مخيّلة القاص، وتدور ضمن إطارٍ زمني ومكاني محدّد، والنمط السردي هو الطريقة التقنية المتبعة في كتابة القصص والروايات، في سبيل تحقيق غاية معينة.

ومن أبرزِ مؤشّراته، الإكثار من الأفعال الماضية التي تبعثُ الحيويّة والحركة، ومن الأفعال المضارعة المسبوقة بالفعل الناقص "كان". كما تغلب عليه ضمائر الغائب باستثناء السيرة الذاتية فيكون الغالب عليها ضمير المتكلم؛ وذلك لأنها تدور حول شخصية الكاتب، ونجد الأسلوب الخبري هو المسيطر على النمط السردي مع غيابِ الجمل الإنشائية. بالإضافة إلى الإكثار من أدوات الربط الزمانية والمكانية وهي تفيد في تحديد الإطار الزماني والمكاني للأحداث. ويستعمل هذا النمط في كتابة القصص، والروايات، والسير، والأخبار، ويستخدم معه الوصف والحوار لتوضيح سير الأحداث في البنية القصصية.

النمط التفسيري

يعتمد هذا النمط على إظهار أفكار الكاتب واتجاهاته من خلال عرض القضايا وتفسيرها وشرحها، وتوضيح الترابط بينها وبين ظواهر أخرى في المجتمعات البشريّة، ويستندُ في ذلك إلى الموضوعية والابتعاد عن الذاتية، مع اتباع تسلسل منطقي، واستخدام الجمل القصيرة القائمة على الـتأكيد والنفي والإثبات والاستفهام مما يساعد على خلق جو علمي موضوعي في النص. ومن مجالات هذا النمط: التقارير العلمية، والمقالات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية التي تنشر في الصحف، والبحوث العلمية والدراسات الجامعية، والموسوعات المتخصّصة.

النمط البرهاني

في النصّ ذي النمط البرهانيّ تكون الآراء مدعومة بالحجج والأدلة والبراهين، أي ليست اعتباطيّة، حيثُ يقدم الكاتبُ فكرته ويؤيّدها بأدلّة وحُجج وبراهين مقنعة، وقد يعرض  فكرة لا توافق رأيَه ويدحضها ويناقضها مستخدمًا الحجج والبراهين المقنعة.

يستخدم النمط البرهانيّ في مختلف الأنواع الأدبيّة، ولا سيّما في المقالات، والخطب، والمحاضرات، والمناظرات، والندوات الثقافية، والدراسات النقدية، كما أن أكثر ما يدل على النمط البرهاني هو استخدام الحجج والبراهين المنطقية، واستخدام أمثلة واقعية، والاقتباس من أقوال الآخرين لدعم الفكرة وتقويتها، أو لدحض فكرة ومناقضتها.

النمط الإيعازي

يقوم على كثرة الوعظ، والإرشاد، والنصائح، والأوامر، والنواهي التي تتعلق بشخص بعينه، أو بالمجتمع ككل. وفي هذا النمط يتوجه الكاتب إلى مخاطبة عقل القارئ وعاطفته للتأثير به واستمالته، ويسعى إلى تطوير وتفعيل حس المسؤولية تجاه أمر معين لدى المتلقي، كما يغلب عليه طابع التوعية والتوجيه إلى كل ما فيه نفع وفائدة على الفرد والمجتمع معًا.

أبرز مؤشراته الإكثار من الأفعال الطلبية، والأفعال الاقتضائيّة مثل: "يتوجّب، يلزم، يقتضي .." كما أنه يركز على أساليب النفي والتحذير والإغراء.

النمط الحواري

يعتمد على إجراء محادثة بين شخصين أو أكثر، حيث يكون الحوار ثنائيًّا أو جماعيًّا، وقد يكون مناجاة؛ وهي الحديث مع الذات. ويظهر في أنواع منها القصة، والرواية، والمناظرة والمقامة، والمسرح.[٢] والغاية من هذا النمط توضيح الأمور والأفكار التي يدور حولها الحوار بين المتحاورين، حيث يسعى كلّ طرف إلى إثبات فكرته وميوله وآرائه ومشاعره، كما أنه يضفي على النص جوًا من الحركة والحيوية، ويمكننا من اكتشاف صفات الشخصيات المتحاورة، ويعطي النص صفة الواقعية.

من مؤشرات هذا النمط: استخدام الجمل الحوارية القصيرة، واستخدام أفعال الحوار من مثل: "قال، أجاب، رد، استفهم .." بالإضافة إلى علامات الوقف الخاصّة بالحوار: النقطتان العموديّتان، والقوسان المزدوجان، والشرطة.

أهمية أنماط النصوص

الأنماط الأدبية على اختلافها وتنوّعها، تمتاز بأهميّة بالغة لا يمكن إنكارها أو إغفالها، وهذا الأهميّة تنعكس على مستويات متعدّدة، فتكون متجلّيةً على النص والقارئ، حتّى على الكاتب أحيانًا، وإن كانتْ هناك أمور تشترك فيها هذه الأنماط في الأهمية وهي توضيح غاية الكاتب، وإعطاء النص الرونق والسمة الأبية، إلا أن كلّ نمط ينفرد عن النمط الآخر بأمور تزيد من أهميته، وتوضح قيمته. [٣]

  • النمط الوصفي: أهمية النمط الوصفي تكمن في إثارة التشويق عند القارئ، وإثارة حس التذوق الفني حينما يكون الموضوع محصورًا في وصف المناظر الطبيعية كريشة رسام مبدع، أما إذا كان النص قصصيًّا فهو يتيح للقارئ إمكانية تصور الواقع.
  • النمط السردي: تكمن أهميته في إثارة الحركة في النص القصصي، وإكساب القارئ مهارة التواصل مع الأحداث، وكيفية التعامل مع المشكلات، حيث يعمل على جذب القارئ وتشويقه ولذلك تحتل القصص والروايات الصدارة في عالم الكتاب.
  • النمط التفسيري: تتضح أهميته من كونه يشبع حاجة القارئ المعرفية والثقافية، ويساعد في توضيح الفكرة المعروضة في النص، كما أنه يبني معلوماته على أسس علمية ومنهجية دقيقة، ويعلم القارئ الدقة العلمية والموضوعية في التعامل مع بعض القضايا، كما أنه يذهب إلى أبعد مما هو واضح، ويقدم تحليلًا أو سياقًا. مثلًا هو يتيحُ للصحفيين مزيدًا من التمكن من الرّسالة الّتي يوصلونها، والذي يساعد الصحفي على هذا التمكن ما لديه من سلطة في تشكيل محتوى الخبر.
  • النمط البرهاني: يساعد النمط البرهاني على بناء رأي لدى القارئ مشابه لرأي الكاتب، وذلك لما يقدمه من حجج وبراهين، بالإضافة إلى إقناع المعارضين لهذا الرأي بالتراجع عن رأيهم، كما أنه يشجع المتلقي على النقاش والحوار والرد المبني على حجج وبراهين وأدلة مقنعة.
  • النمط الإيعازي: له دور في توجيه القارئ إلى فهم النصائح والوصايا، واكتشاف العبر والاقتداء بها، وتمثلها بشكل صحيح، كما يعمل على تنمية حس القارئ بالمسؤولية.
  • النمط الحواري: يركّز النمط الحواري على أمرين هما الأنا والآخر، فتقوى الثقة بالنفس عند التعبير عن الآراء الشخصية وفق الأصول، ويتم التأكيد على تقبّل الآخر وآرائه، بالإضافة إلى المشاركة والاستفادة المتبادلة.

المراجع[+]

  1. أنماط النصوص, ، "www.m.ahewar.org"، اطلع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرف.
  2. النص السردي, ، "www.alukah.net"، اطلع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرف.
  3. تدخل صحفي, ، "www.wikiwand.com"، اطلع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرف.