تفسير-قوله-بل-اعقلها-وتوكل
التوكل على الله
يُعدّ التوكل على الله تعالى والاعتماد عليه وتفويض الأمر إليه أصلٌ ثابتٌ من أصول الإيمان والتوحيد، وقد حفل القرآن الكريم بعديد الآيات التي تتحدثّ عن التوكل على الله ونتيجته أنّ الله هو حسيب المتوكل عليه قال تعالى:"وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"[١]، وقد أخبر النبي الكريم عن جماعةٍ من أمته عددهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة من غير عذابٍ ولا سابق حسابٍ وذكر منهم الذين يتوكلون على الله، فالتوكل عليه سبحانه من علامات حُسن الإيمان والثقة بالله مع ضرورة الأخذ بالأسباب، وهذا المقال يسلط الضوء على اعقلها وتوكل التي تجمع ما بين التوكل والأخذ بالأسباب.
تفسير قوله بل اعقلها وتوكل
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال، قال -عليه الصلاة والسلام-:"قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ: أعقِلُها وأتوكَّلُ أو أُطلقُها وأتوكَّلُ قال: اعقِلها وتوكَّلْ" [٢]، يعتبر حديث اعقلها وتوكل من أكثر الأحاديث النبوية المتداولة على ألسنة الناس وقبل الخوض في تفسير هذا الحديث لا بُد من الإشارة إلى أنّ حديث اعقلها وتوكل من الأحاديث المُختلف على صحتها فقد حسّنه الألباني والأرناؤوط وصححه ابن حبان وأنكره وضعفه عددٌ لا بأس به من المحدثين كابن القطان وابن حجر العسقلاني لكنه من الأحاديث التي يُستأنس بها في مسألة التوكل على الله والأخذ بالأسباب طالما هناك من حسّنه من المحدثين الثقاة.
يُخبر أنس بن مالك -رضي الله عنه- إجابة الرسول الكريم لأحد الوافدين عليه حين سأله عن إحكام وَثاق الناقة وأيهما الأنسب ربطها مع الإتكال على الله أم تركها دون وثاقٍ مع الإتكال على الله، فكانت إجابته -عليه الصلاة والسلام- متماشيةً مع النواميس الكونية والتي جعلت لكل شيءٍ سببًا وهذا السبب لا بتعارض مع الإيمان بالله تعالى، فإجابة النبي -عليه الصلاة والسلام- بكلمتيْن تحملان في طياتهما دروسًا في الإيمان إذ قال للرجل: اعقلها أي أحكم شدّ ركبة الناقة مع ذراعها بحبلٍ متينٍ كي لا ينفك عقالها وتهيم على وجهها وهو ما يُعرف بالأخذ بالأسباب أي دفع الضرر وجلب الخير ببذل الأسباب المعينة على ذلك مع ما يقبله العقل السليم والمنطق والفطرة وفي ذات الوقت وبالتزامن مع الأخذ بالسبب توكلْ على الله، فلا تعارض بينهما البتّة بل يجب تزامنهما معًا ولا يصح أحدهما دون الآخر مع الإيمان المطلق أنّ قدر الله نافذٌ في الوقت المحتوم. [٣][٤]
العلاقة بين التوكل والأخذ بالأسباب
العلاقة بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب من أكثر العلاقات إلتباسًا عند بعض الناس، وينقسم الناس حولها إلى أقسامٍ عدة كلٌّ بحسب قوة إيمانه وفهمه للقدر وحتميته ومشروعية الأخذ بالأسباب وعلاقتها بالتوكل على الله والتي يستمدها اللبيب الفطِّن من قوله تعالى:"فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"[٥]، فتأتي العزيمة والتفكير والأخذ بالأسباب المعينة على قضاء الحاجات الدينية والدنيوية أولًا يليها أو يزامنها التوكل على الله تعالى ثم أُردفت بلفظ محبة الله للمتوكلين عليه، وهذا هو الطريق الحق الذي ينافي أي إتجاهٍ آخر كالنظرية المادية والعقلانية القائمة على الأخذ بالأسباب وإنكار وجود الله وتأثير قدرته في القدر، والنظريات الصوفية القائمة على معرفة الأسباب لكن إهمالها من باب الورع والزهد في الحياة من وجهة نظرهم، ونظريات القدرية الجبرية وما شابهها من نفي تأثير الأسباب جملةً وتفصيلًا واعتبار الإنسان مسيَّرٌ لا مُخيَّرٌ في هذه الحياة. [٦]المراجع[+]
- ↑ {الطلاق: الآية 3}
- ↑ الراوي: أنس بن مالك، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2517، خلاصة حكم المحدث: حسن
- ↑ التوكل الحقيقي لا ينافي الأخذ بالأسباب،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-02-2019، بتصرف
- ↑ التوكل والأخذ بالأسباب،, "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-02-2019، بتصرف
- ↑ {آل عمران: الآية 159}
- ↑ التوكل على الله،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-02-2019، بتصرف