سؤال وجواب

الأدب العربي في العصر الجاهلي


الأدب العربي

الأدب العربي هو نِتاج كلّ مَن كتبوا شعرًا أو نثرًا باللغة العربية، ويعدّ الأدب العربي واحدًا من أهمّ الآداب العالميّة، حيث شهد تاريخ الأدب العربي مراحلَ ازدهار كثيرة وصلَ فيها نتاج الأدباء العرب بشكل عام إلى العالميّة، وقد تعدّدت عصور الأدب العربي، حيث يتفق النُّقّاد على أنَّ بداية الأدب العربي كانت في العصر الجاهلي، ونهايته في العصر الحالي أو ما يُسمَّى بالزمن المعاصر، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على الأدب العربي في العصر الجاهلي وسيفصّل في الحديث عن حال الأدب العربي في العصر الجاهلي شعرًا ونثرًا.

الأدب العربي في العصر الجاهلي

يعدّ الأدب العربي في العصر الجاهلي أقدمَ نتاج أدبي عربي معروف، وقد انشتر الأدب العربي في العصر الجاهلي في منطقة شبه الجزيرة العربيّة، لذلك تأثّر الأدب بالأحوال السياسيّة والتجارية التي مرّت بها الجزيرة العربية، وقدَّ سمَّى النقاد هذا العصر بعصر ما قبل الإسلام، فهو يسبق بعثة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بحوالَيْ سبعين عامًا، وقد جاء تسمية الأدب الجاهلي بهذا الاسم من حال العرب في تلك الفترة الزمنيّة؛ فقد حكمت بينهم العصبية القَبَليّة، وشاعَت بينهم عادات تدلُّ على تفشّي الجهل في المجتمع في ذلك العصر، كوأد البنات والنزاع والحروب والثارات وغيرها، ولعلَّ قول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم يفسّر المطلوب، فقد قال:

ألا لا يجهلـن أحد علينَا

فنجهلَ فـوقَ جهلِ الجَاهلينا

وجدير بالذكر أنَّ الأدب العربي في العصر الجاهلي كان أدبًا عظيمًا خالدًا، فقد ارتقى الشعر كما ارتقت الخطابة في ذلك العصر، واحتلّ الشاعر والخطيب مكانة عظيمة عند الجاهليّين، حتَّى بقي شعرهم خالدًا حتى هذه الأيام، ولم يزل محطَّ اهتمام كثير من الدارسين والنقاد للقيمة الأدبية العظيمة التي يحملها هذا الأدب. [١]

الشعر في العصر الجاهلي

جسَّد الشعرُ الجاهلي الأدبَ العربي في أسمى مراحل نضوجه، فكان ناضجًا لغةً وصياغة ومعنًى، ولكنَّ الشعر الجاهلي لم يصل كلُّه، فهناك الكثير من الشعر الذي ضاع ولم يدوَّن من قبل الرواة، ومنه ما نُحل وضاع أيضًا، وقد اشتهرتْ في العصر الجاهلي المعلّقات العشر التي عَدَّها النقاد أعظمَ قصائد الشعر العربي في العصر الجاهلي وربَّما في العصور اللاحقة أيضًا، ومن أبرز شعراء العصر الجاهلي: امرؤ القيس وهو أوّل مَن وقف على الأطلال واستوقَفَ وبكى واستَبكى، والشاعر الحكيم زهير بن أبي سُلمى، وصُنّاجة العرب الأعشى ميمون بن قيس والشاعر الفارس عنترة بن شداد العبسي والشاعر النابغة الذبياني وطرفة بن العبد وعمرو بن كلثوم وغيرهم، وقد عَرَضَ الشعر الجاهلي أخلاق العرب ومروءتهم وشجاعتهم وفروسيّتهم، كما كان الشعر وسيلة إعلامية ترصدُ الأحداث الكبيرة والمعارك والنزاعات التي كانت بين القبائل، فمعلقة زهير بن أبي سُلمى على سبيل المثال رصدت حادثة الصلح بين قبيلتَيْ عَبْس وذبيان، وقد تعدّدت أغراض الشعر العربي في العصر الجاهلي، حيث تناول الشعراء العرب الغزل والرثاء والمديح والفخر والهجاء والوصف والحكمة وغيرها، وجدير بالذكر أنَّ القصيدة الجاهلية لم تكن محصورة بموضوع أو بغرض شعريّ واحد، بل كان معظم الشعراء يتناولون الغزل في مطالع قصائدهم، ثم ينتقلون إلى غرض القصيدة الرئيس، ثمَّ يختمون بشيءٍ من الحكمة، أي كانت القصيدة تتناول أكثرَ من غرض شعريّ واحد في أبياتِها. [٢]

الخطابة في العصر الجاهلي

عُدّت الخطابة في العصر الجاهلي أبرزَ الفنون النثريّة المنتشرة آنذاك، ففصاحة العرب وطلاقة لسانهم وحاجتهم لإثارة مشاعر الناس في سبيل إعلان الحرب أو السلم أو غير ذلك، كلُّها عوامل ساعدت في انتشار الخطابة في العصر الجاهلي، وكلها عوامل أسهمت في إحياء الخطابة العربية في العصر الجاهلي بشكل كبير، فأصبح للخطابة مكانٌ في حياة الجاهليين، فكثر الخطباء وتعدّدت أغراض هذا الفن ومناسباته وبدؤوا يُبدعون في طرق الإلقاء مُظهرين بلاغتَهم وطلاقة ألسنتهم، وكان من أشهر الخطباء الجاهليين قسُّ بن ساعدة الإياديّ وعمرو بن كلثوم التغلبي وأكثم بن صيفي التميمي والحارث بن عباد البكري وقيس بن زهير العبسي وعمر بن معد يكرب الزبيدي وغيرهم، وقد اتخذت القبائل العربية شاعرًا وخطيبًا لكلّ قبيلة، يتحدّثون باسمها، وفي البدايات كان الشاعر مقدمًا على الخطيب عند العرب، ولكن فيما بعد أصبح الخطيب مُقدَّمًا على الشاعر لحاجةِ العرب للخطابة، وقد قال الجاحظ: "كان الشاعر في الجاهلية يقدم على الخطيب، لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي يقيّد عليهم مآثرهم، ويفخّم شأنهم، ويهوّل على عدوهم ومَن غزاهم، ويهيّب من فرسانهم ويخوف من كثرة عددهم، ويهابهم شاعرُ غيرهم فيراقب شاعرهم، فلمّا كثُرَ الشعر والشعراء واتخذوا الشعر مكسبة، ورحلوا إلى السوقة، وتسرّعوا إلى أعراض الناس، صار الخطيب عندهم فوق الشاعر". [٣]

الوصايا في العصر الجاهلي

تعدّ الوصايا الجاهلية فنًا من الفنون النثريّة التي اشتهر بها الأدب العربي في العصر الجاهلي، وهي قريبة من الحِكم والأمثال بعضَ الشيء، فتقوم الوصية على مجموعة من النصائح الموجزة التي يقدّمها شخص ما لشخص آخر، وعادة ما يُقدّم هذه الوصايا الحكماء أو كبار السنّ لتجربتهم الطويلة في الحياة، ويتلقَّى الوصية مَن هم في رَيعان الشباب في الغالب، ومن أشهر الحكماء الذين اشتهروا بفن الوصايا في الأدب العربي في العصر الجاهلي هم: ذو الإصبع العدواني وزهير بن جناب الكلبي وعامر بن الظرب العدواني وحصن بن حذيفة الفزاري وغيرهم من الرجال، أمَّا من النساء فاشتُهرت أمامة بنت الحارث، وقد شاعت الوصايا الاجتماعية في العصر الجاهلي التي تتعلق بظروف الزواج والصداقة والأخلاق ومعاملة الغريب والقريب وغير ذلك، كما اشتهرت الوصايا السياسية التي تناولت أمور الحرب والإغارة والكرّ والفرّ وغير ذلك، وقد تميّزت الوصايا السياسيّة بالاعتماد على الكلام المُنمَّق المزخرف والتراكيب الرشيقة والجُمَل القصيرة التي تحيط بالمعنى المراد، فكانت موجزة قَدْرَ المستطاع، فالبلاغةُ في اللغةِ الإيجاز. [١]

سجع الكهان

يعدّ سَجَع الكُهّان من الفنون النثريّة التي احتواها الأدب العربي في العصر الجاهلي، ويعرَّف السجع على أنّه اتفاق العبارات بنهاياتها في النصّ النثري، حيث تتفق الفواصل في نهاية كلِّ جملة، وهو كلام مقفى وغير موزون انتشر عند فئة الكهَّان في الأدب العربي في العصر الجاهلي، والكهان هم المنجِّمون أو الذين يدَّعون أنّ عندهم من عِلم الغيب، وهم طائفة دينيّة كانت لها سلطة كبيرة بين القبائل العربية، ويُقال إنَّ كلَّ كاهن كان له جنٌّ أو رَئِيٌّ يتعامل معه ويصاحبه، وكان الكهان إذا أتاهم أحد ليطلب نصيحته أو يعرف منهم حال مستقبله، ينصحونه وينتقون في حديثهم معه الكلامَ الغريب المسجوع المعقّد الغامض الصعب، وهذا من باب التمويه وإيهام الآخر بأنَّهم على علم بالغيب، وكان من أشهر الكهان في الأدب العربي في العصر الجاهلي: سطيح الذئبي، شق الأنماري، عوف الأسدي، ومن أشهر الكاهنات: زبراء القضاعية وفاطمة الخثعمية وطريفة اليمينية وغيرهنَّ. [٤]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب "الأدب العربي في العصر الجاهلي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 03-05-2019. بتصرّف.
  2. "أدب جاهلي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 03-05-2019. بتصرّف.
  3. "الخطابة عند العرب في العصر الجاهلي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-05-2019.
  4. "سجع الكهان"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 03-05-2019. بتصرّف.