سؤال وجواب

بحث عن عمر بن الخطاب


الخلفاء الراشدون

بعد أن توفي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- استلم خلافة المسلمين الصحابي الجليل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشدي الأول من الخلفاء الراشدين، فالخلفاء الراشدون هم الخلفاء الأربعة الذين تولُّوا خلافة المسلمين بعد وفاة رسول الله، وقد دعا رسول الله المسلمين إلى التمسك بسنة هؤلاء الخلفاء، قال في الحديث: "عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدين المهديين من بعدي."[١]، وهؤلاء الخلفاء هم أبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وهم خير الصحابة وخير من خلف الرسول في أمر المسلمين، وهذا البحث سيتناول الحديث عن ثاني الخلفاء الراشدين وهو عمر بن الخطاب بالتفصيل.[٢]

بحث عن عمر بن الخطاب

هو عمر بن الخطاب بن نفيل من بني عدي بن كعب بن لؤي، يجتمع في النسب مع نسب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في جدِّه كعب بن لؤي، يُكنَّى بأبي حفص ولقبُهُ الفاروق لتفريقه بين الحق والباطل، وُلد الصحابي الجليل والخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب في مكة المكرمة بعد عام الفيل وهو يصغر رسول الله في العمر حوالي ثلاثة عشر عامًا، نشأ عمر في قريش وتعلَّم القراءة في سن مبكرة، وكان يرعى إبل بني عدي في صغره، وقد اكتسب عمر بن الخطاب قسوة في القلب وشدة في الطبع بسبب معاملة والده الخطاب الغليظة، وقد أتقن عمر المصارعة وركوب الخيل والشعر حتَّى دفعه حبُّه للشعر إلى حضور أسواق العرب في عكاظ وغيره، ومن خلال اختلاطه بالناس تعلَّم عمر التجارة وأصبح من الأغنياء، فكان من تجار قريش الذين يرحلون إلى الشام صيفًا وإلى اليمن شتاءً، وهو من أشراف قريش وأسيادها وسفيرها إذا حصل خلاف بينها وبين أحد من قبائل العرب، نشأ في الجاهلية على دين آبائه وكان سكِّيرًا مغرمًا بالنساء، وبعد أن بُعث رسول الله وجاء الأمر الإلهي بإشهار الدعوة كان عمر في تلك الفترة من أشد القرشيين عداوة لرسول الله والإسلام، وكان يعذب جارية كانت قد أسلمت، وكانت مواقفه في تلك الفترة ضد الإسلام شديدة وقاسية.[٣]

ثمَّ وبعد أن جاء أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- للمسلمين بالهجرة إلى الحبشة، خاف عمر بن الخطاب من تشتت القرشيين فقرر أن يقتل رسول الله وينهي هذا الأمر خوفًا من ضياع قريش وتشتتها خرج عمر إلى رسول الله يريد قتله فلقيه نُعَيم بن عبد الله العدوي القرشي وأخبره بإسلام أخته فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد، فذهب إليهما على الفور وضرب سعيدًا ثمَّ ضرب أخته ضربة شقَّ وجهها بها فسقطت من يدها ورقة فيها آيات من كتاب الله من سورة طه فأخذها وقرأها فأسلم في لحظتها وأقسم قائلًا: "ما هذا بكلام البشر" وكان هذا في السنة السادسة للبعثة وكان عمر في السابعة والعشرين من عمره، وبعد أن أسلم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجاء وقت الهجرة إلى المدينة المنورة كانت هجرة مختلفة عن سائر أصحاب رسول الله الذين هاجروا خفية، فعندما أراد الهجرة أمسك سيفه وطاف بالبيت سبعًا ثمَّ صلَّى ونادى بالناس من أهل قريش قائلًا: "من أراد أن يثكلَ أمَّهُ أو ييتَّمَ ولدُهُ أو ترمَّل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي"، وهاجر -رضي الله عنه- وفي المدينة آخاه رسول الله مع عتبان بن مالك وقيل آخى رسول الله بينه وبين معاذ بن عفراء، وهناك بدأت ملامح شخصيته العظيمة تظهر جليًا.[٤].

وبعد وفاة رسول الله وتولِّي أبي بكر الصديق خلافة المسلمين وآخر خلافة أبي بكر اشتدًَّ المرض بخليفة رسول الله فولَّى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خليفة للمسلمين بعده، قال أبو بكر: "أترضون بما استخلفتُ عليكم؟ فإنِّي ما استخلفتُ عليكم ذا قرابة، وإنّي قد استخلفتُ عليكم عمرَ فاسمعوا له وأطيعوا، فإني والله ما آلوت من جهد الرأي"، وبعد أن استلم عمر خلافة المسلمين بدأتِ الانجازات الإدارية تظهر على الدولة، فذكاء عمر ودهاؤه رفَعَا دولة الإسلام عاليًا، فوصلت في عهده إلى ذروة ازدهارها وقمة عصورها، ومن أوائل أعمال عمر بن الخطاب أن جعل الهجرة النبوية تأريخيًا خاصّة بالمسلمين، ثمَّ دوَّن الدواوين ووضع بيت مال المسلمين ووسع مسجد رسول الله وقسَّم الجزية بالعدل على أهل الذمة، وكان عهده فترة ازدهار عسكري للمسلمين، ففي خلافته فُتحت الشام والعراق وفارس ومصر وفلسطين وطرابلس الغرب وأذربيجان وجرجان، وفي عهده بنى المسلمون الكوفة وفي عهد أُخرج اليهود من شبه الجزيرة العربية، ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية اختار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تقسيم المناطق الواقعة تحت حكم الدولة الإسلامية إلى ولايات وتولية من هم خير الناس على الولايات وهذه من الأعمال التي استحدثها عمر في الدولة، كما أنَّه أولى القضاء أهمية كبيرة فحكم بنفسه بين الناس بالعدل ولم تأخذه في الله لومة لائم، حتّى سُمِّي بالفاروق لأنَّه فرق بين الحق والباطل ولم يُظلم عنده أحد، وكان أول من فصل القضاة عن الولاة ومنحهم سلطة كبيرة، ومن الأعمال التي قام بها واختصَّ بها هي فكرة الشرطة أو العسس، حيث أنشأ عمر بن الخطاب السجن كأول من قام بهذه الفكرة، وأدخل نظام العسس وهو الشرطة المتجولة ليلًا، وأسند مهمة تولي الشرطة أو العسس إلى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.[٥]

عاش عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حياته كلَّها متمنيًا أو ينال الشهادة في سبيل الله -سبحانه وتعالى- فاستجاب الله دعوة عمر وأعطاه ما أراد، حيث قُتل عمر بن الخطاب في صلاة الفجر وهو قائم يُصلِّي بالناس يوم الأربعاء الموافق لـ 26 ذي الحجة في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، قتله فتى من المجوس اسمه أبو لؤلؤة المجوسي، حيث قام بطعنه وهو يؤم بالناس في صلاة الفجر وطعن معه اثني عشر رجلًا من المسلمين المصلين ثم طعن نفسه، فأكمل الصلاة عن عمر عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وحمل عمر بن الخطاب إلى بيته وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وقبل أن يموت اختار عمر ستة من خيرة الصحابة الكرام ليكون أمر الخلافة بعده فيما بينهم، ثمَّ مات الفاروق عمر ودُفن عند رسول الله وأبي بكر الصديق بعد أن تولَّى خلافة المسلمين مدة عشر سنوات وستة أشهر، والله تعالى أعلم.[٦]

المراجع[+]

  1. رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم: 28/493 ، صحيح.
  2. "نبذة مختصرة عن الخلفاء الراشدين الأربعة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-05-2019. بتصرّف.
  3. "عمر بن الخطاب"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-05-2019. بتصرّف.
  4. "عمر بن الخطاب رضي الله عنه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-05-2019. بتصرّف.
  5. "عمر بن الخطاب"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 05-05-2019.
  6. "وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-05-2019. بتصرّف.