حضور الرمز في شعر السياب
بدر شاكر السياب
الشاعر بدر شاكر السيّاب من أشهر الشعراء العرب وأحد رواد الشعر الحر في العصر الحديث، ولدَ السياب في إحدى قرى مدينة البصرة عام 1926م، واعتبرَ الكثير من النقاد أنَّ قصيدة هل كان حبًّا لهُ هي أول قصيدة من الشعر الحر، صدر له أوَّل ديوان بعنوان أزهار ذابلة عام 1947م، وبعد خمسينيات القرن الماضي توجّه وسخَّر كل جهوده في سبيل كتابة الشعر الحر فقط، وكتب منه القصائد الطويلة منها: المومس العمياء، الأسلحة والأطفال، حفار القبور، ومن أشهر دواوينه: أنشودة المطر، المعبد الغريق، منزل الأقنان، توفّي عام 1964م بعد معاناة مع المرض استمرَّت لسنوات، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول حضور الرمز في شعر السياب وبعض قصائده.
حضور الرمز في شعر السياب
لم يكُن الشاعر بدر شاكر السياب أول شاعر عربي من شعراء العصر الحديث يستخدم الرمز ويوظِّفه في أشعاره رغمَ أنه بدأ بالشعر الكلاسيكي، ثمَّ تأثر بالمدرسة الرومانسيّة خاصةً بالشاعر اللبناني أبي شبكة والشاعر الفرنسي بودليير، غيرَ أنَّه بدأ فيما بعد بإضافة مخزونه الشعري وما أنتجته موهبته إلى شعره الواقعي، فظهرت إضافاته تلك في أشعاره الذي اتَّخذت نمطَ الشعر الحديث الحر وذلك في أشهر قصائده المطوَّلة والتي كانت من والمسيح والسندباد وسيزيف وميدوزا وجيكور وغيرها من الرموز الكثيرة.
إضافةً إلى أنَّ الرمز في شعر السياب كان مستَمَدًّا من السيرة النبوية والقرآن الكريم وبعض الرموز في الدين وغيرها من خارج الدين أيضًا كصلب المسيح وما في الطبيعة من رموز يمكنُ للشاعر أن يستخدمها، وعلى ذلك يمكن القول إنَّ السياب عانى في حياته من الكثير من الأحزان والمآسي وشهدت حياته منعطفات كثيرة كما الحالة السياسية والصراعات الطائفية والحروب الأهلية في تلك الفترة، وكل ذلك كان له تأثير كبير على حضور الرمز في شعر السياب فبرعَ في توظيفه وفاقَ الجميع في ذلك.[٢]
شواهد عن الرمز في شعر السياب
بعد الحديث عن حضور الرمز في شعر السياب وتفوق الشاعر الكبير في استحضار الرمز في أشعاره، لا بدَّ من إدراج بعض الأمثلة عن ذلك لإظهار قدرة الشاعر على توظيف الرمز في الشعر فيما يأتي:
- أسطورة أدونيس: يقول السياب في إحدى قصائده وهو مقطع من قصيدة مدينة السندباد، يستخدم فيه أسطورة أدونيس وهو إله الخير والنعم إلا أنَّ الشاعر لا يرى الحياة والخير إلا سرابًا بسبب اليأس الذي يعاني منه: [٣]
- أهذا أدونيسُ، وهذا الحواءْ؟
- وهذا الشحوبُ، وهذا الجفافْ؟
- أهذا أدونيسُ؟ أين الضياءْ؟
- أين القطافْ؟
- الرموز الدينية: استخدام السياب أحداثًا ورموزًا من السيرة النبويّة في أشعاره، وفي قصيدة مدينة السندباد أيضًا يشيرُ إلى النبيّ محمّد ليعبّر عن حالة الانهيار المُريع الذي أصاب الأمة، يتجلّى هذا في المقطع الشعريّ الآتي:[٣]
- همُ التتارُ أقبلوا ففي المَدى رعافْ
- وشمُسنا دمٌ وزادُنا دمٌ على الصِّحافْ
- محمدُ اليتيمُ أحرقُوه فالمساءْ
- يضيءُ من حريقِه وفارَتْ الدمَاءْ
- من قدمَيه من يدَيه من عيونِه
- وأحرق الإلهُ في جفونِه
- محمَّدُ النبيُّ في حراءَ قيَّدوه
- فسمِّر النهار حيثَ سمَّروهْ
- غدًا سيصلبُ المسيحُ في العراقْ
- ستأكلُ الكلابُ من دمِ البراقْ
- رموز من الطبيعة: استخدم عناصرَ الطبيعة بشكل كبير خاصّةً المطر، فقد عبر السياب عن الخير والخصب والنماء والثورة ضد الظلم السياسي والاجتماعي وعن الجوع أحيانًا بالمطر، وأكثر من استخدام كلمة المطر في أشعاره كما في هذا المقطع من قصيدة إلى جميلة بوحيرد: [٤]
- جاء زمانٌ كانَ فيهِ البشرْ
- يفدونَ من أبنائِهم للحَجرْ
- يا ربُّ عطشَى نحنُ هاتِ المطرْ
- روِّ العطاشَى منه روِّ الشجرْ
المراجع[+]
- ↑ "بدر شاكر السياب"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "بدر شاكر السياب"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "مدينة السندباد"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "إلى جميلة بوحيرد"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-05-2019. بتصرّف.