بحث عن آخر غزوات الرسول مع الروم
آخر غزوات الرسول مع الروم
غزا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- غزوات كثيرة، تحقق له النصر فيها بفضل الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنَّ وعد الله حقٌّ والله لا يخلف وعده، وقد بدأت غزوات رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في غزوة الأبواء في السنة الثانية للهجرة، وانتهت بغزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة التي كانت بعد انتصار رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- والمسلمين في الطائف ومن قبل الطائف غزوة حُنين وفتح مكة، وكانت غزوة تبوك آخر غزوات الرسول مع الروم وفيما يأتي بحث عن آخر غزوات الرسول مع الروم وهي غزوة تبوك التي تُسمَّى أيضًا غزوة العسرة.
بحث عن آخر غزوات الرسول مع الروم
تُعدُّ غزوة تبوك آخر غزوات الرسول مع الروم وآخر غزوات رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على الاطلاق، وقد كانت غزوة تبوك بسبب تحرُّكِ قوة عسكرية تتبع للإمبراطورية الرومانية مدعومة بقوى عربية نصرانية باتجاه أراضي المسلمين، وعندما بلغ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمر الجموع الرومانية التي وصلت منطقة البلقاء، وأنَّ هذه الجموع تحركت بسبب أخبار بعض العرب النصارى الذين بعثوا إلى هرقل عظيم الروم رسالة مفادها أن محمدًا ومن معه ضعفوا وأصابهم خطر المحل والقحط، فهلكت أموال أصحابه، فجهَّز هرقل هذا الجيش وبعث معه رجلًا من أعظم قادة الروم، فحث رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- المسلمين على القتال ولو كان العدو من أهل الكتاب، فلا خيار ثالث أمامه إلَّا الإسلام أو الجزية أو الموت، قال تعالى في سورة التوبة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[١]، وتجهز المسلمون وخرجوا لملاقاة الروم.[٢]
بعد أن علم المسلمون بأمر الجيش الروماني الذي وصل إلى منطقة البلقاء، تجهَّز جيش المسلمين بقيادة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وحشد المسلمون حشدًا كبيرًا على الرغم من الحر والتعب والعذاب والعُسرة التي كان يعاني منها المسلمون في تلك الأيام، وقد سُمِّيت هذه الغزوة بغزوة العسرة لشدة عسرة تلك الأيام على المسلمين، وقد برز أثناء تجهيز الجيش مقدار المنافسة على الخير الذي أبداه الصحابة الكرام، فقد تصدَّق أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والعباس بن عبد المطلب وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- بأموال كثيرة في سبيل تجهيز جيش اليرموك آخر غزوات الرسول مع الروم، وبعد اكتمال الجيش تجمَّع في منطقة "ثنية الوداع" وكان عدد المسلمين ثلاثين ألفَ رجل وهو العدد الأكبر الذي اجتمع مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حياته.[٣]
وقد جسَّدت غزوة تبوك آخر غزوات الرسول مع الروم قمة العطاء والبذل عند المسلمين فقرائهم وأغنيائهم، فقد قدَّم الفقراء أيضًا كلَّ ما باستطاعتهم لتجهيز هذا الجيش، وقد تعرَّضوا لكثير من مواقف تكسير الهمم التي كان يقوم بها المنافقون، فنزل قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[٤]، فمن القصص أن أبا عقيل جاء يتصدق بنصف صاع من التمر فقال المنافقون: "إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء"، وإنَّما هذا كسر وتثبيط للهمم وكلام فيه تفتر العزائم وتضعف القوى.[٥]
وبعد أن استعدَّ الجيش خرجَ المسلمون مُثقلين بالإيمان ومدججين بقوة اليقين بنصر الله -سبحانه وتعالى-، في جيش كبير بلغ ثلاثين ألفًا من الرجال، وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد ترك في المدينة محمد بن مسلمة -رضي الله عنه- كما تشير بعض الروايات، وقيل تركَ في المدينة سباع بن عرفطة -رضي الله عنه- وترك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عند أهله، فقال المنافقون: "ما تركه إلا استثقالًا" متابعين سلسلة تثبيط الهمم، وبعد خروج الجيش في غزوة تبوك أعلن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لأول مرَّة في غزواته أنَّه خارج لقتال الروم بني الأصفر، وإنَّما إعلانه كان بسبب إدراكه لطول المسافة التي سيمشيها جيش المسلمين، وأن الطريق قليلة الماء والنبات، صحراوية المناخ، وقد عرف أنَّ حاجة كلِّ امرئ من المؤن ستكون كثيرة، فأراد أن ينبه المسلمين على طول الطريق فأخبرهم أنه خارج لقتال الروم فليتجهزِ الناس خير تجهيز فالطريق طويلة وقاسية.[٦]
وبعد مسير أيام طويلة وصل المسلمون إلى تبوك، أرض المعركة التي قامت فيها آخر غزوات الرسول مع الروم، فجمع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الناس وخطب بهم خطبة طويلة رفع معنوياتهم وشحَذَ هممهم وأعانهم بكلماته الطاهرة على ما قاسوه في المسير، وبعدما وصل خبر المسلمين إلى الروم، دبَّ الخوف والرعب في صفوف الجيش الروماني، فخافوا بعد أن سمعوا ما سمعوا عن جيش المسلمين الذي دانت له الجزيرة العربية كاملة، فتفرَّق شملهم وتخلَّفت كتائبهم، فأسرعت بعض القبائل الموالية للنصارى إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تطلب الصلح والولاء من رسول الله ومن المسلمين، فانتصر المسلمون في غزوة تبوك آخر غزوات الرسول مع الروم دون قتال، وعاد الجيش الإسلامي إلى المدينة المنورة معززًا منتصرًا، دون بأس أو إراقة دم.[٧]
وقد أدت غزوة تبوك إلى إسقاط هيبة الروم عند القبائل العربية الموالية، فانهزام جيش الروم الأسطوري الذي لا يُهزم في معركة كهذه دليل واضح على أن هيبة الروم المعروفة ليست إلَّا هباء منثورًا لا تُغني ولا تُسمن من جوع، كما أظهرت قوة الجيش الإسلامي المعزز بقوة الإيمان والعقيدة والذي حقق انتصارات كبيرة على كلِّ القوى الممكنة في الجزيرة العربية، كما أدت هذه الغزوة إلى بسط سيطرة المسلمين على كلِّ أجزاء الجزيرة العربية بعد أن قدَّمت القبائل النصرانية الطاعة والولاء ودفعت الجزية خوفًا من المسلمين، فتتالت الوفود على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- طالبة الصلح، حتَّى سُمِّي العام الذي جاء بعد عام غزوة تبوك أي العام التاسع للهجرة بعام الوفود لكثرة الوفود العربية التي طلبت الصلح وقدمت الجزية وأعلنت الولاء، والله أعلم.[٥]المراجع[+]
- ↑ سورة التوبة، آية: 123.
- ↑ "سبب غزوة تبوك"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "قصة غزوة تبوك"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 79.
- ^ أ ب "غزوة تبوك"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "غزوة تبوك"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "غزوة تبوك"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-05-2019. بتصرّف.