شعراء الحكمة في العصر العباسي
الشعر في العصر العباسي
بعدَ أن تمزّقت الخلافة في العصر العباسيّ حاولَت مدن غير بغداد احتضان الشعراء العباسيّين، كحلب عاصمة الحمدانيّين وغيرها، وتغيَّر الشعر العربي كثيرًا، فأصبحَ ضعيفًا في بعض الأمور الذي يُكتَبُ فيها، وقويًّا في غيرها، وظهرت فيه أغراضٌ جديدة لم تَكن معروفةً من قبل، وقد تأثرت معانيه وألفاظه وكلُّ ما فيه بهذا التغيّر، حيث قَوِي شعر الحكمة وشعر المديح وشعر التغنّي بالبطولات، وضَعُفَ شعر السياسة والغزل العذريّ الذي كانَ في العهد الأمويّ، وقد ازدهر الشعر الفلسفيِّ والفكريِّ وكان له روّاده من الشعراء العباسيّين، ومع ظهور شعر المجون والخمر في العصر العباسي ظهر شعر الزهد والإيمان، وسيتحدّث هذا المقال عن شعراء الحكمة في العصر العباسي.[١]
شعراء الحكمة في العصر العباسي
تنوّعت أغراض الشعر في العصر العباسي، وقد ظهرت أغراض جديدة بالإضافة لأغراض الشعر العربيّ التقليدية من مديح وغزل ورثاء وهجاء وحكمة، وشعر الحكمة على وجه الخصوص ازدادَ عمقًا في شعر العباسيّين، وبرز الكثير من شعراء الحكمة في العصر العباسيّ، وفيما يأتي نبذة عن بعض شعراء الحكمة في العصر العباسي:
- المتنبي: هو أبو الطيّب أحمد بن الحُسَين الكنديّ، وُلد في الكوفة سنة 303 هجريّة، كانت أفضل فترات حياتِه إلى جانب سيف الدولة الحمداني، فقد كان مُقرّبًا من سيف الدولة، يعدّ المتنبي من أشهر شعراء العرب، فقد كان متمكنًا من اللغة العربيَّة، ويَعرف قواعدها وألفاظها ومفرداتها، كان نادرة الزمان وأعجوبةً في ذلك العصر، وما يزالُ شعر مصدر الإلهام لكثير من الشعراء حتّى الوقت الحاضر، كتب في أغراض الشعر العربي ومنها الحكمة والمديح، وتوفّي المتنبّي عام 354 هجريّة. [٢]
- أبو فراس الحمدانيّ: هو الحارث بن حمدان بن حمدون الحمداني، كنيتُه أبو فراس، ولد في الموصل عام 320 هجريّة، عاش في كنف ابن عمه سيف الدولة الحمدانيّ، عاش في حلب ودرس الفروسيّة والأدب، أُسِرَ أبو فراس في القسطنطينية وطال أسره إلى ما يُقارب السبع سنوات، ولم يَفْتدِه ابن عمّه سيف الدولة، فحزن حزنًا شديدًا، ولكنّه صبر حتّى تمّ فداؤه، توفّي عام 357 هجريّة، تاركًا وراءه أشعارًا عظيمة، وهو من شعراء الحكمة في العصر العباسي. [٣]
- أبو تمام: هو حبيب بن أوس الطائيّ، الذي يُعرف باسم أبي تمّام، من الشعراء العباسيين، شاعر ذو شعر قوي وجَزِل الألفاظ، كتب في أغراض الشعر مثل الفخر والحماسة والحكمة، وقد ولد في سوريا وتوفّي في الموصل، وقد أحبَّه أهل الموصل كثيرًا، ترك إرثًا شعريًّا عظيمًا لا يُستهانُ به، وما تزالُ أشعاره محبوبةً ومعروفة. [٤]
- أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعريّ، هو من شعراء وفلاسفة وحكماء العصر العباسيّ، عالم باللغة والادب، وُلد في معرّة النعمان عام 363 هجريّة، وتوفّي المعرّة أيضًّا عام 449 هجريّة، كان له آراء وفلسفة خاصّة في الدين حتّى اتُهِم بالزندقة، وقد كان ذكيًا حافظًا متوقّدَ الخاطر، وله دواوين شعر كثيرة. [٥]
- ابن الرومي: هو عليّ ابن العباس ابن جريج، واشتُهر بابن الرومي، وُلد في بغداد وهو من شعراء الحكمة في العصر العباسي، ولد في بغداد وكانت أمُّه من أصل فارسيّ، كتب في معظم أغراض الشعر العربي من فخر وهجاء وحماسة وحكمة وغزل ووصف، وكان شعره صادقًا معبّرًا عن مكنونات نفسه، توفّي مسمومًا في بغداد. [٦]
أبيات في الحكمة من الشعر العباسي
كتبَ شعراء الحكمة في العصر العباسي أبياتًا كثيرة في الحكمة، متأثرين بالحال في ذلك العصر عمومًا، وبأحداث حصلت معهم في حياتهم عكست حكمتها على أشعارهم، وقد وضعوا فيها خلاصة تجاربهم في الحياة، وفيما يأتي بعض أبيات في الحكمة من الشعر العباسي:
- أبيات للشاعر العباسي المتنبي: [٧]
إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ
- وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا
وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا
- مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى
وَلَكِن تَفوقُ الناسَ رَأياً وَحِكمَةً
- كَما فُقتَهُم حالاً وَنَفساً وَمَحتِدا
يَدِقُّ عَلى الأَفكارِ ما أَنتَ فاعِلٌ
- فَيُترَكُ ما يَخفى وَيُؤخَذُ ما بَدا
- أبيات لأبي العلاء المعري: [٨]
لا تَفرَحَنَّ بِفَألٍ إِن سَمِعتَ بِهِ
- وَلا تَطَيَّر إِذا ما ناعِبٌ نَعَبا
فَالخَطبُ أَفظَعُ مِن سَرّاءَ تَأمُلُها
- وَالأَمرُ أَيسَرُ مِن أَن تُضمِرَ
الرُعُبا إِذا تَفَكَّرتَ فِكراً لا يُمازِجُهُ
- فَسادُ عَقلٍ صَحيحٍ هانَ ما صَعُبا
فَاللُبُّ إِن صَحَّ أَعطى النَفسَ فَترَتَها
- حَتّى تَموتَ وَسَمّى جِدَّها لَعِبا
- أبيات لشاعر الحكمة ابن الرومي: [٩]
عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ
- فلا تستكثرنَّ من الصِّحابَ
فإن الداءَ أكثرَ ما تراهُ يحولُ
- من الطعام أو الشرابِ
إذا انقلبَ الصديقُ غدا عدواً
- مُبيناً والأمورُ إلى انقلابِ
ولو كان الكثيرُ يَطيبُ كانتْ
- مُصاحبةُ الكثير من الصوابِ
- أبيات في الحمة لأبي فراس الحمدانيّ: [١٠]
اِحذَر مُقارَبَةَ اللِئامِ فَإِنَّهُ
- يُنبيكَ عَنهُم في الأُمورِ مُجَرِّبُ
قَومٌ إِذا أَيسَرتَ كانوا إِخوَةً
- وَإِذا تَرِبتَ تَفَرَّقوا وَتَجَنَّبوا
اِصبِر عَلى ريبِ الزَمانِ فَإِنَّهُ
- بِالصَبرِ تُدرِكُ كُلَّ ما تَتَطَلَّبُ
المراجع[+]
- ↑ "الأدب في العصر العباسي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أبو الطيب المتنبي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أبو فراس الحمداني"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أبو تمام"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أبو العلاء المعري"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "ابن الرومي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "لكل امرئ من دهره ما تعودا"، www.aldiwan.ne، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019.
- ↑ " لا تفرحن بفأل إن سمعت به"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019.
- ↑ " عدوك من صديقك مستفاد"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019.
- ↑ " احذر مقاربة اللئام فإنه"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019.