سؤال وجواب

خصائص شعر بشار بن برد


بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ، شاعرٌ مُخَضرم أمويّ عباسيّ، وهو من فحول شعراء العصر العباسيّ، وُلد في البصرة سنة 96هـ، كان أعمى حادَّ الذكاء، اتّجه إلى المساجد ينهل من حلقات العلم، وأخذ يغدو على المربد ويستمع لجرير والفرزدق، قال الشعر في سنّ صغيرة، تعرَّض لجرير لكنّه لم يأبَه له، كان قبيحَ المنظر، سمجَ الهيئة، وكان خُلقُه قبيحًا، ولسانه يقطر سُمًّا، ورث من الفرس المزاج الحادّ، شكَّلَ العَمى عنده وقُبح منظره وولادته على الرقّ ما يشبه العقدة فمال إلى العدوان، وكان لهذه العقد التأثير الكبير على شعره وسلوكه، وفي هذا المقال حديث عن خصائص شعر بشار بن برد وموضوعاته. [١]

موضوعات شعر بشار بن برد

تعدّدت موضوعات شعر بشار بن برد فنظَمَ في المديح والرثاء والفخر والهجاء والغزل والحكمة، وكان لكلّ غرض شعري عنده ميّزات تميّزه عن غيره من الشعراء، وفي هذه الفقرة حديث عن الموضوعات الشعرية عند بشار بن برد مع التفصيل في بعضها: [٢]

  • المدح: اتخذ بشار المدح أداة للتكسّب، ولجأ أحيانًا إلى المبالغة في المديح، حافَظَ في مديحِه على بنية القصيدة ونهجها فسار على ما ألفه الأقدمون، وكان يتّجه نحو الغريب من الألفاظ ليُرضيَ ذوق ممدوحيه، إلا أنه لم يبتعد عن عصره في مديحه فقد كان يصف الصحراء والأطلال بصورة حضريّة جديدة فيها رقّة ودقّة في المعاني، فاستطاع أن يُضيف إلى العناصر البدويّة القديمة عناصر مستحدثة.
  • الفخر: وفي الحديث عن حال الشاعر في العصر العباسى، عصر انتصار الفرس على العرب، كان شعوره بالعصبيّة القبليّة يتحوّل إلى شعور جديد بالعصبيّة الجنسيّة، فإذا هو يفاخر العرب بماضي قومه التّليد، وإذا هو يتحول شعوبيًا مارقًا يتغنّى بأمجاد قومه الحضاريّة، كافرًا بالعرب والعروبة، على عكس ما كان يُفاخر فيه في العصر الأموي.
  • الرثاء: والرثاء عنده فنٌّ طارئ، ولقد هزّ الموت نفسه هزًا، فكانت أجمل مراثيه قصيدة يرثي بها ابنه محمد، أفاد منها ابن الرومي في رثاء ابنه.
  • الهجاء: كان هجاؤه فاحشًا ساقطًا في بعض المواضع، بينما كان في أخرى هجاءً يقوم على السبّ والشتم للتحقير والتشهير، وكان أيضًا يهجو هجاءً ساخرًا فَكِهًا، وقد اتجه إلى الهجاء لعدّة أسباب منها: نشأته على الرقّ والعبوديّة، الحقد الذي غُرس في نفسه لإصابته بالعمى، نشأته في موطن الهجاء وأهله "البصرة"، وكان يقصد من هجائه التكسّب وإخافة الناس أو يتّخذه ذريعةً للدّفاعِ عن نفسه.
  • الغزل: عُرفَ بشار بغزله الفاحش البَذيء الخادش للحياء، بينما اتجه أحيانًا للغزل العفيف "العُذري".
  • الحكمة: في حين أن بشار عُرف بفسقه، وسيره نحو ما يهدم القيم، إلا أنّ له أبياتًا شعريّة جميلة في الحكمة، أعجب بها الكثير من الناس.

خصائص شعر بشار بن برد

حمل بشار بن برد لواء التجديد في الشعر، واستطاع أن يحقق ثورة الشعر على المجتمع والحياة، احتل منزلة رفيعة بين كبار الشعراء، امتاز شعره بمجموعة من السمات، وفي هذه الفقرة حديث عن خصائص شعر بشار بن برد: [٢]

  • برع في التصوير الفني رغم فقدان بصره، فكان يأتي بما عجز عنه المبصرون.
  • كان يدير معاني القدماء ويستخرج منها الطرائف الرائعة.
  • تميز شعر الفخر عنده بمتانة البناء، وقوة الصياغة، المبالغة في المعاني.
  • مزج بين القديم والحديث، وصف الصحراء والأطلال ولكن بوصفٍ حضري فيه رقة، وكان دقيقًا في استنباط المعاني.
  • كان يجاري الأقدمين في مدائحه، استخدم البحور الطويلة فيها، كما كان نظمه متينًا جزلًا رصينًا.
  • تميزت أراجيزه بالانحياز إلى السهولة، كما امتازت بسمة الحضارة.
  • وصف غزله بالحشو، والكذب والمبالغة، كما امتاز شعر الغزل المتأثر بالحضارة عنده بالرقة والسهولة، واختيار البحور القصيرة والقوافي العذبة.

نماذج من شعر بشار بن برد

كان بشار بن برد من فحول شعراء العصر العباسي، كثر شعره، وله ما يقارب 12000 قصيدة، ما بين الغزل والفخر بالعرب ثمّ بأصله الفارسيّ، والهجاء والوصف والحكمة، وفي هذه الفقرة نماذج من شعره:

  • قصيدته في رثاء ابنه محمد: [٣]

أجَارَتَنَا لاَ تَجْرَعِي وَأنِيبِي

أتَانِي مَنَ الْمَوْتِ الْمُطِلِّ نَصِيبِي

بنيي على قلبي وعيني كأنَّهُ

ثَوَى رَهْنَ أحْجَارٍ وجَارَ قَلِيبِ

كَأني غَرِيبٌ بَعْدَ مَوْتِ مُحْمَّدٍ

ومَا الْمَوْتُ فِينَا بَعْدَهُ بغَرِيبِ

صبرت على خير الفتوِّ رزئتهُ

ولولا اتقاء الله طالَ نحيبي
  • حكمته في الصداقة والصديق: [٤]

إذا كنت في كل الأمور معاتبًا

صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ

فعش واحدا أو صل أخاك فإنه

مقارف ذَنْبٍ مَرَّة ً وَمُجَانِبُهْ

إِذَا أنْتَ لَمْ تشْربْ مِراراً علَى الْقذى

ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

وليْلٍ دَجُوجِيٍّ تنامُ بناتُهُ

وأبْناؤُه منْ هوْله وربائبُهْ
  • وقوله في الحبّ: [٥]

هل تعلمينَ وراءَ الحُبِّ مَنْزِلَةً

تدني إليك فإنَّ الحبَّ أقصاني

يا رِئْمُ قُولي لِمِثْلِ الرِّئْم قدْ هَجَرَتْ

يَقْظَى فما بالُها في النَّوْم تَغْشانِي

لهْفِي عَليْها ولهْفِي مِنْ تذَكُّرِهَا

يدنو تذكُّرها منِّي وتنآني

إذ لا يزال لها طيفٌ يؤرِّقني

نَشْوانَ من حبها أو غَيْرَ نَشْوانِ

المراجع[+]

  1. بشار بن برد، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الدكتور شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي (الطبعة الأولى)، مصر: دار المعارف، صفحة 209، جزء 3. بتصرّف.
  3. أجَارَتَنَا لاَ تَجْرَعِي وَأنِيبِي، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019.
  4. جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019.
  5. "هل تعلمين وراءَ الحُبِّ مَنْزِلَة ً"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019.