تأملات في موقعة بدر

محتويات
موقعة بدر
حصلت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكانت بين جيش المسلمين بقيادة رسول الله وجيش المشركين من قبيلة قريش، كانت أول معركةٍ بين الطرفين وأُطلق عليها موقعة بدر نسبةً للمكان الذي حصلت فيه وهو قرب بئر بدر الواقع بين المدينة ومكة، كما سُميت في القرآن بيوم الفرقان وذلك في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}[١]، وكان عدد المسلمين في هذه الغزوة ثلاثمائة وبضعة عشر مجاهدًا معهم فرسان وسبعون من الجِمال، بينما كان جيش قريش من ألف رجل منهم مائتان من الفرسان، وانتهت بانتصار المسلمين وهزيمة قريش.[٢]
أسباب موقعة بدر
كان المهاجرين في المدينة في السنوات الأولى من الهجرة يعيشون في ضيق ماديٍّ شديد لأن قريش أخذت منهم أموالهم قبل أن يتركوا مكة ولم تترك لهم ما يعيشون به، برغم مساعدة الأنصار لهم ولكنَّ الوضع كان صعبًا والفقر شديد، وقد علم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ قافلة تجارية لقريش بقيادة أبو سفيان قد رجعت من الشام وستمرُّ من المدينة، يحميها فقط أربعون من فرسان قريش، فقال رسول الله لأصحابه: "هذه عيرُ قُريشٍ، فيها أموالُهم، فاخرُجوا إليها، لعلَّ اللهَ يُنفِلُكُموها"[٣]، ولم يجبر أحدًا على الخروج معه، وخرج من المهاجرين والأنصار 319 رجلاً، لم تكن النية في القتال أبدًا، بل اغتنام قافلة قريش التي يُتاجر بها المشركين بأموال المهاجرين الذين سُلبوها ظُلمًا وعدوانًا، وعَلِم أبو سفيان بخروج المسلمين، فبعثَ بالخبر لقريش بأنَّ محمدًا وأصحابه يريدون القافلة، فعزمَت قريش على الخروج لقتال المسلمين وجهزت جيشًا من ألف مقاتل، وصلت الأخبار إلى النبيِّ بأنَّ القافلة قد أُفلتت وبأنَّ قُريش تجهزت لقاتله، فجمع المقاتلين وطلب مشورتهم فأيده الجيش كلُّه من مهاجرين وأنصار، وعزموا على قتال المشركين، وإعلاء كلمة الحق.[٤]
أحداث موقعة بدر
وصل النبي -صلى الله عليه وسلم والجيش إلى موقع آبار بدر، وجعل الجيش خلف الآبار، فجاءه رجل من الصحابة اسمه الحباب بن المنذر وقال لرسول الله: "أرأيتَ هذا المنزلَ، أمَنزلًا أنزلكَهُ اللهُ، ليسَ لنا أن نتقدَّمَه ولا نتأخَّرَ عنهُ، أم هو الرَّأيُ والحربُ والمكيدةُ؟ قال الرسول-صلى الله عليه وسلم-: بل هوَ الرَّأيُ والحربُ والمكيدةُ، قال يا رسولَ اللهِ فإنَّ هذا ليس بمنزلٍ، امضِ بالنَّاسِ حتَّى نأتي أدنى ماءٍ من القومِ فنُعسكِرَ فيه، ثمَّ نَعورُ ما وراءَه من الآبارِ، ثُمَّ نَبني علَيهِ حوضًا فنملأه ماءً، ثُمَّ نقاتلُ القومَ َفنشربُ ولا يشرَبونَ، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-: لقد أشَرتُ بالرَّأيِ"[٥] ، وأخذ النبيُّ بمشورة الصحابي وتقدم بالجيش، وجهَّز الجيش لقتال المشركين، وعندما وصل المشركون إلى موقعة بدر، بدأت المعركة بمبارزة بين الطرفين فكان من طرف المشركين عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة، وخرج من طرف المسلمين حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وأبو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وانتهت المبارزة والغلبة للمسلمين وقُتِل المشركون الثلاثة واستشهد أبو عبيدة، وبدأ القتال بين الطرفين حيث كان المسلمون صفًا واحدًا وهي طريقة لم يعهدها العرب قبلًا، وكان النصرُ للمسلمين، وقُتل في هذه المعركة صناديد قريش مثل والأنصار -رضي الله عنهم جميعًا-:[٢]
- عبيدة بن الحارث المطلبي القرشي.
- عمير بن أبي وقاص الزهري القرشي.
- صفوان بن وهب الفهري القرشي.
- عاقل بن البكير الليثي الكناني.
- ذو الشمالين بن عبد عمرو الخزاعي.
- مهجع بن صالح العكي.
- سعد بن خيثمة الأوسي.
- مبشر بن عبد المنذر العمري الأوسي.
- يزيد بن الحارث الخزرجي.
- عمير بن الحمام السَلَمي الخزرجي.
- رافع بن المعلى الزرقي الخزرجي.
- حارث بن سراقة النجاري الخزرجي.
- معوذ بن الحارث النجاري الخزرجي.
- عوف بن الحارث النجاري الخزرجي.
تأملات في موقعة بدر
السيرةُ النبوية بكلِّ أحداثها هي كنزٌ نبويٌّ تركه لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، كنزٌ من الدروس والعبر والمبادئ يستطيع الناس من خلالها التعامل مع متغيرات الحياة ففيها الطريق والمنهج، وموقعة بدر هي إحدى معارك الرسول -صل الله عليه وسلم- المليئة بالعبر والدروس والدلالات العميقة التي لابد من تسليط الضوء عليها:
- لعلَّ اهمها مبدأ الشورى الذي يُعتبر من أهم المبادئ الإسلاميَّة، فعلى الرغم من أنَّ القائد هو رسول الله المؤيد بالوحي من السماء إلا أنَّه استشار أصحابه في أمور الغزو وأخذ برأيهم.
- كما أكَّدَ النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه المعركة أنَّه القائد المحبّ لجنوده الذي يساوي نفسه معهم، وكان ذلك عندما أصرَّ على مشاركة الصحابييَن أبي لبابة وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- في المشي للوصول إلى موقع المعركة ولم يستأثر بالراحلة لنفسه دونهما.
- وقد أكَّدت معركة بدر أنَّ النصر من عند الله وحده، وعلى المؤمنين أن يأخذوا بأسبابه وأن يتوكلوا على الله قال تعالى: {وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}[٦]، كما أنَّ النصر يأتي بتقوى الله وطاعة رسوله، والصبر والثبات عند لقاء العدو، وصدق النية والبعد عن أسباب التفَرُق والخلاف ثم التوكل على الله تعالى.
- وبعد استكمال شروط النصر وأسبابه يأتي المدد الإلهي وتنزل الملائكة لتساند المجاهدين الصادقين وتُثبت قلوبهم على الإيمان، وينزل المطر الذي هو جندي من جنود الله ليكون من أسباب الغلبة، ويقلل الله المؤمنين في أعين المشركين فلا يحسبون لهم حسابًا ولا يجتهدون في إعداد العدة المناسبة وكل ذلك من توفيق الله، و كان ذلك في قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}.[٧]
المراجع[+]
- ↑ سورة الأنفال، آية: 41.
- ^ أ ب ت "غزوة بدر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في فقه السيرة، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 218، صحيح .
- ↑ "غزوة بدر الكبرى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة ، عن رجال من بني سلمة ، الصفحة أو الرقم: 224، إسناده ضعيف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 10.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 44.
- ↑ "تأملات في غزوة بدر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-05-2019. بتصرّف.