أفضل شعراء العرب
محتويات
الشعر العربيّ عبر العصور
عندَ الحديث عن الشّعر العربيّ فإن هذا يعني الشّعر الذي كتب باللّغة العربيّة، وكان موزونًا ومقفّى، باستثناء قصيدة النّثر، وقد كانَ الشّعر العربيّ في الجاهليّة ديوان العرب، وعلّمهم الذي لم يكن لهم سواه، وكان وسيلة العرب إلى قراءة تاريخهم وثقافتهم، حيث أنّ العرب كانوا ما إن برز لديهم شاعر فذّ حتّى أقاموا الأفراح، فكان الشّعرعند العرب قديمًا يرفع من شأن قبيلة، ويضع من شأن قبيلة أخرى، وفي صدر الإسلام كان الشّعر وسيلة دفاع عن رسالة الإسلام ضدّ مشركي قريش، أمّا في عهد بني أميّة وبني العبّاس كان الشّعر إحدى وسائل الفرق السّياسيّة والفكريّة المتنازعة بقصد الدّفاع عن مبادئها في مواجهة خصومه والتّعبيرعن آرائها، وهكذا فقد كان للشّعر العربيّ دوره البارز في الحياة الأدبيّة والفكريّة والسّياسيّة وهو يتطوّر بتطوّر مُبدعيه من العرب، ومدى تواصلهم بالأمم الأخرى.[١]
أفضل شعراء العرب
تاريخ الأدب العربيّ مليءٌ بأفضل شعراء العرب والمبدعين، ولكنْ لا يتّسع المجال لنقل العديد منهم، وسيتمّ ذكر أربعة منهم فقط، الأوّل من شعراء العصر الجاهليّ وأحدُ شعراء المعلّقات، وهو واحد من شعراء الطّبقة الأولى، والثّاني من العصر الإسلاميّ، الشّاعر الصّحابي والمجاهد بلسانه عن الدّعوة الإسلاميّة، الذي جعل من لسانه سيفًا بتّارًا على رقاب قريش، ومن يساندهم، والثاّلث من العصر العبّاسيّ صاحب الكلمة الجريئة والذي أبدع في شعره أيّما إبداع، أمّا الرابع فشاعرٌ عراقيٌّ فَذّ من العصر الحديث.
زهير بن أبي سُلمى
هو زهير بن ربيعة المزنيّ من قبيلة غطفان (520 - 609 م) من أفضل شعراء العرب في الجاهليّة وأشهرهم، نشأ زهير في بيئة شعريّة فكان أبوه شاعرًا وخاله شاعرًا وزوج أمّه أوس بن حجر شاعرًا وخال أبيه الذي كفله كان شاعرًا، فأصبح زُهير بن أبي سُلمى من أعظم شعراء العصر الجاهليّ وحكيمهم، وهو أحد الشّعراء الثّلاثة المقدّمين على سائر الشّعراء، وهم: امرؤ القيس وهو والنّابغة الذّبياني، وهو أحدُ شعراء المعلّقات، وقد جعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شاعر الشّعراء، وعلّل لذلك بأنّه لا يتتبّع حُوشِيّ الكلام، ولا يُعاظِل في المنطق، ولا يقولُ ما لا يعرف، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه، قال الشّعر في أغلب الأغراض الشّعريّة، إلّا أنّه اشتهر بالمدح، وقد مدح في معلّقته هرم بن سنان والحارث بن عوف اللّذيْن أنفقا جلّ مالهما لإطفاء نار الحرب بين عبس وذبيان،[٢] فقال في معلقته مادحًا إيّاهما: [٣]
يَميناً لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما
- عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما
- تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعاً
- بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
حسّان بن ثابت الأنصاريّ
أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجيّ الأنصاريّ، صحابيٌّ جليل، وشاعر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان أحدَ المخضرمين الذين أدركوا الجاهليّة والإسلام، ومن أفضل شعراء العرب والمسلمين، عاشَ ستين سنة في الجاهليّة، ومثلها في الإسلام، وكانَ من سكان يَثْرب، ومن أوائل أهلها دخولاً في الإسلام، سخّر حسّان شعره لخدمة الدّين الجديد، شعره الذي جمع بين بيان الجاهليّة ومعارفها، وحداثة الإسلام وروحانيّته، دخل مضمار الصّراع بين المسلمين وبين قريش مستخدماً سلاحه البتار الذي شحذه صراع الأوس والخزرج، والاتّصال بملوك الحيرة والغساسنة، بين الهجاء والفخر والمدح. [٤] قال في ردٍّ على الشّاعر الزّبرقان التّميميّ لمّا وفدت تميم على النّبيّ -صلّى اله عليه وسلّم- في المدينة المنوّرة: [٥]
هَلِ المَجدُ إِلّا السُؤدَدُ العَودُ وَالنَدى
- وَجاهُ المُلوكِ وَاِحتِمالُ العَظائِمِ
نَصَرنا وَآوَينا النَبِيَّ مُحَمَّداً
- عَلى أَنفِ راضٍ مِن مَعَدٍّ وَراغِمِ
نَصَرناهُ لَمّا حَلَّ وَسطَ رِحالِنا
- بِأَسيافِنا مِن كُلِّ باغٍ وَظالِمِ
أبو تمام الطّائي
أبو تمّام حبيب بن أوس الطّائي، وُلد في جاسم من أعمال حوران في سوريا 803م وتوفّي في بغداد 845م، شاعرٌ وأديبٌ عربيّ مسلم، أحد شعراء البيان من شعراء العصر العبّاسي، ومن أفضل شعراء العرب، وُلد لأبويْن مسيحيّيْن أسلما، يتّصف شعره بالقوّة والجزالة، ووقد اختلف في التفضيل بينه وبين الشاعرين المتنبي والبحتريّ، له تصانيف كثيرة، منها: ديوان الحماسة ونقائض جرير وفحول الشّعراء ومختار أشعار القبائل وغيرها، كان شاعرًا مبدعًا ابتكر الألفاظ وطوّرها، وخاض أكثر أغراض الشعر وفنونه، أبدع في المدح والوصف خاصّة، وكان تنقّله سببًا من أسباب إجادته الوصف، وصف الطبيعة وأبدع أيّما إبداع وخرج إلى نظريّات وتأمّلات و في وصفه الشّعري رفد بها شعرنا العربيّ [٦]، يقول في إحدى قصائده: [٧]
رقتْ حواشي الدهر فهيَ تمرمرُ
- وغَدَا الثَّرَى في حَلْيِهِ يَتكسَّرُ
ما كانتِ الأيامُ تسلبُ بهجة ً
- لو أنَّ حسنَ الروضِ كانَ يعمرُ
دنيا معاشٌ للورى حتى إذا
- جليَ الربيعُ فإنما هيَ منظرُ
أحمد شوقي
أحمد بن علي بن أحمد شوقي (1868-1932م)، أشهر شعراء العصر الحديث، لُقّب بأمير الشّعراء، ولد ومات في القاهرة، كان من الشّعراء المبدعين، ولهذا أرسله الخديويّ توفيق باشا إلى أوروبّا ليتمّ تعليمه فيها، وعندما رجع إلى الوطن الأمّ اتصل بأميرها الشّاب عبّاس حلمي باشا وصار النّاطق باسمه، وقد كتب شوقي في مرحلته الأولى من حياته الشعريّة للملوك والأمراء، ثمّ تحرّر من قيودِهم ليصبحَ شاعر العرب والمسلمين يشعر بآلامهم وآمالهم شاعرا وإنسانيًّا ووطنيًّا قوميًّا [٨]، وهذه إحدى قصائده القوميّة الرّائعة التي قالها في دمشق، دمشق التّي قصفها الفرنسيّون بالمدفعيّة، ومطلعها: [٩]
سلامٌ من صبا بردى أرقّ
- ودمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دمشقُ
وللحريّة الحمراءِ بابٌ
- بِكُلّ يدٍ مُضرّجَةٍ يُدقُّ
محمّد مهدي الجواهري
وُلد الشّعر محمّد مهدي الجواهري في العراق عام 1899م الملقّب بشاعر العرب الأكبر، وتلقّى علومه في مدارسها وعمل في التّدريس ثمّ التحق في الأنشطة والأعمال السّياسيّة، نشأ في بيت علم وأدب وكان يصاحب أباه إلى مجالس العلم والأدب، فقال الشّعر وهو في الثالثة عشرة من عمره، جمعت قصائده في ديوان الجواهريّ، ثم ترك العراق متوجّهًا إلى دمشق ومات فيها عام 1997م، كتب الكثير من القصائد الرّائعة في نواحٍ ومجالاتٍ مختلفة منها: السّياسة والوطن والرّثاء والهجاء وغيرهم. [١٠] وممّا قاله في السّياسة: [١١]
أتعلم أم أنت لا تعلمُ
- بان جراح الضحايا فمُ
فمٌ ليس كالمدعي قولةً
- وليس كآخر يسترحمُ
يصيح على المدقعين الجياع
- أريقوا دماءكم تُطعموا
ويهتف بالنّفر المهطعين
- أهينوا لئامكم تُكرموا
أبلغ أبيات الشّعر العربي
الشّعر العربيّ بحر واسع من القصائد والأبيات، يزخر بملايين الموجات من المعاني وجميل العبارات، ولا بدّ لكلّ منّا أن يحفظ منه ولو بعض الأبيات، حتّى يتمكّن أن يستشهد بها بين الأفراد والجماعات، وفيما يأتي مختارات شعريّة لها وقعُها وتأثيرُها في عقل كلّ بصير، بِـ:
- أبيات لعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: [١٢]
وإنْ كُنْتَ ذا عَقْلٍ ولَمْ تَكُ عَالمًا
- فأَنْتَ كَذِي رِجْلٍ وَلَيْسَ له نَعْلُ
أَلاَ إِنَّما الإنسانُ غِمْدٌ لِعَقْلِهِ
- ولا خير في غمدٍ إذا لم يكن نصلُ
- أبيات من مرثيّة أبي البقاء الرّندي الأندلسيّ في الأندلس: [١٣]
لـكــلّ شيء إِذا ما تَمَّ نُقْصَــانُ
- فلا يُغَـرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إِنســــانُ
هي الأيّامُ كما شاهدتها دُولٌ
- مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدّارُ لا تُبقي على أحدٍ
- ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ
فَجَـائِـعُ الـدّهرِ أَنواعٌ مُنَوَّعَــةٌ
- و لِـلزَّمـان مَسَرّاتٌ و أَحـــزانُ
ولِـلْحَوَادِثِ سُلْوانٌ يُسَهِّـلُهـــا
- ومَـا لِـمَا حَلَّ بالإسلام سُلْــوَانُ
- قول صفيّ الدّين الحلّي في التّسامح: [١٤]
أتطلبُ من أخٍ خُلقاً جليلًا
- وخَلْقُ الناسِ من ماءٍ مَهينِ
فسامحْ إِن تكَّدَرَ وُدُّ خِلٍ
- فإِنَّ المرءَ من ماءِ وطينِ
المراجع[+]
- ↑ "مفهوم الشعر العربي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "زهير بن أبي سلمى"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "العصر الجاهلي/ زهير بن أبي سلمى"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
- ↑ "حسّان بن ثابت"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.بتصرّف.
- ↑ "حسان بن ثابت >> هل المجدُ إلا السُّوددُ العَوْدُ والندى "، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
- ↑ "أبو تمام"، www.shamela.ws، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أبو تمام >> رقتْ حواشي الدهرُ فهيَ تمرمرُ "، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
- ↑ "أحمد شوقي"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أحمد شوقي » سلام من صبا بردى أرق"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
- ↑ "محمد مهدي الجواهري"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
- ↑ " محمد مهدي الجواهري >> أخي جعفر "، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
- ↑ "علي بن أبي طالب >> إِذا اجْتَمَعَ الاڑفاتُ فالبُخْلُ شَرُّها"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
- ↑ "أبو البقاء الرندي >> لكل شيء اذا ماتمّ ( رثاء الأندلس ) "، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
- ↑ "صفي الدين الحلي >> أتطلبُ من أخٍ خلقاً جليلاً، "، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.