موضوع عن الرحمة للصف الخامس
موضوع عن الرحمة للصف الخامس
لم يضعِ الله الرحمة في أمرٍ إلّا زانَه، ولم ينزعْها من أمرٍ إلّا شانَه، هي كلمات تُسَاقُ على هيئة موضوع عن الرحمة للصف الخامس، إذ إنَّ الله خلق الحياة، وجعل الرّحمة على شكل أجزاء، فكانت مائة جزء، فأبقى عنده تسعةً وتسعين جزءًا، وأنزلَ إلى الأرض جزءًا واحدًا تتراحم به العباد فيما بينها، لا أروع من أن يكون للإنسان قلبٌ قد حوى هموم الآخرين، فيساعد هذا، ويقضي حاجةً لذاك، ويعطف على الآخرين.
الرَّحمةُ هي صفاءٌ للروح وريحانٌ للقلب، وقد اختارَ منها ربُّ كل شيٍ أسماءه، فكان اسمه الرّحمن الرّحيم، رحمن بكلِّ شيءٍ، رحيمٌ بمخلوقاته، يمهلهم ولا يستعجل عليهم، ويهبهم الخِيار في أدنى أمور حياتهم، يحكى أنّه عن أبي عمرٍو الشَّيبانيِّ قالَ: كنَّا جلوسًا معَ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ- في سفرٍ، فأصابَ بعضُهُم فرخَ عصفورٍ، فجعَلَ العصفورَ يقعُ على رحالِهِم، فأمرَ النبي -صلَّى اللَّهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ- أن يردُّوا عليهِ فرخُهُ، ثمَّ قالَ: "إنَّ اللَّهَ أرحمُ بعبادِهِ من هذا العصفورِ بفرخِهِ" [١] فإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رحم طائرًا رَفرَفَ بجناحيْه، وأحسَّ بخفقات قلبه الصَّغير، وأمر صحابته بإرجاع فراخه له، فأصبح من الجدير أن تتعلم الأمةُ جمعاءٌ الرَّحمة منه، وأن تُخطَّ مواقف رحمته نبراسًا للعالمين.
إن الرَّحمة كالغيث للأرض العطشى، وهي ذروة هرم الأخلاق، فقال الله -عزّ وجلّ- في كتابه العزيز: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [٢] فبنيت الدَّعوة على الرَّحمة، وكان حجر أساسها، فها هو النبي -عليه الصلاة والسلام- يفارق طفله الصَّغير إبراهيم فقد خطفه الموت منه، وما زال طفلًا رضيعًا، فيحمله في حجره الشَريف، ويذرف الدموع عليه، ويرقُّ قلبه لحال ولده فيتعجب صحابته لذلك، فيبادر بالقول الصحابيُّ الجليل عبد الرجمن ابن عوف: وأَنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَقالَ: "يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ"[٣]، لقد كانت حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدرسةً لتعليم الأخلاق، والرَّحمة، وهو ما تتفاضل به الأمم بين بعضها فالله يقيم الدَّولة العادلة الرَّحيمة حتى ولو كانت كافرة، ويمحق الدَّولة الظَّالمة حتى ولو كانت مسلمة.
لم يكن القصد من هذه الكلمات هو فقط موضوع عن الرحمة للصف الخامس، بل هو نقلٌ لصورٍ حياتيَّةٍ عن الرحمة، إذ هي الكلمة التي لو تعامل بها الناس هذا اليوم لانتهت المجاعات، ولتوقفت الحروب، وانتهى الفقر، وازدهرت الحياة، هي ليست فقط أربعة حروفٍ تُقرأ، بل هي دستورٌ لو عُمِلَ به لعادت الأمة الإسلاميّة على رأس الأمم جميعها.