بحث عن غزوة حمراء الأسد
غزوات المسلمين
بدأ الإسلام غريبًا يؤمن به مجموعة من الناس المضطهدين والمحاربين في مكة المكرمة، ولهذا أذن الله تعالى للناس بعد عذاب طويل بالهجرة إلى المدينة المنورة، فهاجر الناس ولم يبق في مكة أحدٌ من المسلمين، وفي المدينة نزل الإذن الإلهي للمسلمين بالجهاد والقتال ضد المشركين الذي تفننوا في السابق في تعذيب المسلمين اضطهادهم، فخاض المسلمون غزواتٍ عدة مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، خاضوا بدرًا وأحدًا والخندق وغيرها، ولكنَّ هذه الغزوات لم تتكافَأْ من حيث العدد والعتاد بينهم وبين المشركين وعلى الرغم من ذلك كتب الله لهم النصر الذي وعد، وفي هذا المقال بحث عن غزوة حمراء الأسد.
بحث عن غزوة حمراء الأسد
كانت غزوة حمراء الأسد في السنة الثالثة للهجرة النبوية إلى المدينة، وسُمِّيت بهاذ الاسم لأنَّها وقعت في منطقة حمراء الأسد، وهي منطقة تبعد حوالي عشرين كيلو متر إلى جهة الجنوب من المدينة المنورة، وهي غزوة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بغزوة أحد، فكانت هذه الغزوة المباركة على خلفية ما حدث للمسلمين في غزوة أحد التي كانت في السنة الثالثة للهجرة أيضًا قبل غزوة حمراء الأسد تمامًا.[١]
لا يمكن أن يتم الفصل بين غزوة أحد وغزوة حمراء الأسد، فهذه جزء من تلك، فبعد أن هُزم المسلمون في أحد، بات رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يفكر فيما حلَّ بالمسلمين في تلك الغزوة، وخشي أن يعود جيش المشركين ليغزو المدينة المنورة بعد ما أصاب المسلمين من القرح والوهن، وشعر رسول الله بما يشعر به أصحابه من مرارة الهزيمة بعد نصرهم الأول في بدر، كلُّ هذه الأسباب دفعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى دعوة الصحابة الكرام المثخنين بالجراح والمنهكين من غزوة أحد إلى التجمُّع والحشد من جديد لمطاردة جيش المشركين المنتصر في أحد قبل يوم، ففي صباح يوم الأحد اليوم الثامن شهر شوال في السنة الثالثة للهجرة، أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بلال بن رباح أن يجمع الناس لأمر هام، وقد خصص بلال في ندائه الصحابة الذين شهدوا غزوة أحد قبل يوم، فهبَّ الصحابة إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومعهم جراحهم وقد أصابهم الوجع والقرح والتعب، ولكنهم قاموا لنصرة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولم يخالفوا أمره.[٢]
خرج المسلمون مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- المُصاب من معركة الأمس، ثمَّ وصل جيش المسلمين إلى منطقة اسمها حمراء الأسد القريبة من المدينة، وعسكر الجيش هناك مدة ثلاثة أيام، فلم تجرؤ قريش على مهاجمة المسلمين واختارت السلامة والعودة إلى مكة بنصر أحد، وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد أمر أصحابه بإشعال النيران في حمراء الأسد حتَّى أضاءَ من نيرانهم الأفق، وكانت الغاية هي دبُّ الرعب في قلوب قريش، وأثناء الأيام الثلاثة جاء رجل من جيش قريش اسمه مَعْبَد بن أبي معبد الخزاعي إلى المسلمين وأعلن إسلامه، فبعثه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وراء جيش قريش وأمره أن يخذِّل أبا سفيان الذي لم يكن بعرف بإسلام معبد، فلحق به ونصحه بالعودة إلى مكة، فرجعت قريش إلى مكة وبقي رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- ومن معه من الصحابة في حمراء الأسد أيامًا ثمَّ عادوا إلى المدينة المنورة دون قتال يُذكر، وقد نزل في غزوة حمراء الأسد آيات من سورة آل عمران قال تعالى فيها: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[٣]، والله أعلم.[٤]
في ختام ما وردَ من كلمات في بحث عن غزوة حمراء الأسد يمكن القول إنَّ هذه الغزوة المباركة كانت آخر مشاهد غزوة أحد، ورغم أن الخسائر من جيش المشركين كانت أكبر من جيش المسلمين إلَّا أنهم حققوا انتصارًا خاطفًا، فكانت غزوة حمراء الأسد لردِّ اعتبار الجيش الإسلامي المنتصر في الوقت القريب في غزوة بدر، كما كان لها أهمية عسكرية كبيرة في دفع جيش المشركين عن المدينة المنورة فقد خشي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يواصل المشركون هجومهم على المدينة بعد أن انتصروا في غزوة أحد.[٥]
ولكن غزوة حمراء الأسد حققت ما عليها من أهداف، فقد أظهرت قوة إيمان الصحابة الكرام الذين خرجوا للقتال وهم في أسوء أحوالهم الممكنة، وهم المصابون والمنكسرون قبل يوم واحد في أحد، ولكن قوة الإيمان وحبُّ الشهادة دفعهم إلى الخروج في سبيل الله -تبارك وتعالى-، كما أعادت هذه الغزوة هيبة المسلمين وأكدت على أن هزيمة أحد كانت هزيمة عابرة في نفوس المسلمين، وأنَّهم استطاعوا أن يعودوا بعد يوم واحد فقط، وبيَّنت هذه الغزوة لصحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن الاستجابة لأوامر رسول الله سبيل من أسباب النصر مهما كانت هزيمة الأمس قاسية، وأخيرًا أظهرت غزوة حمراء الأسد حكمة رسول الله البالغة وقراراته الصائبة في إعادة بناء نفوس أصحابه المكسورة، وبثِّ التفاؤل من جديد في قلوب الصحابة الكرام من خلال تحقيق نصر معنوي سريع خاطف يفتح الطريق أمام انتصارات أكبر في المستقبل القريب.[٢]المراجع[+]
- ↑ "غزوة حمراء الأسد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "وقفة مع غزوة حمراء الأسد"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 172-175.
- ↑ "غزوة حمراء الأسد"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "عرض إجمالي لغزوة أحد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-05-2019. بتصرّف.