بحث عن غزوة نجد
فضل الغزوات الإسلامية
اكتسب الغزوات الإسلامية المباركة التي خاضها المسلمون بقيادة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فضلًا عظيمًا ونتائجَ بارزة، وترجع هذه النتائج العظيمة لحنكة رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في القيادة كما تدلُّ على أنَّ هذا الدين دين الحق وأنَّ وعد الله حقَّ، قال تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[١]، وقد تمكن المسلمون بفضل الغزوات الإسلامية العظيمة التي قاموا بها من ردِّ خطر المشركين وأذاهم الذي قاسوا منهم سنواتٍ طوال، واستطاعوا أن يحصلوا على الاستقلال بدولة إسلامية خاصة بهم والخروج من بطش قريش ورداها، وفيما يأتي من سطور بحث عن غزوة نجد والتي تُعرف بغزوة ذات الرقاع إحدى غزوات المسلمين المباركة.
بحث عن غزوة نجد
غزوة نجد هي غزوة من غزوات رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولكن قليل من الناس من يَعرفها باسم غزوة نجد، فاسمها المشهور هو غزوة ذات الرقاع، وفي التفصيل في أحداث هذه الغزوة جدير بالقول إنَّه بعد أن قضى المسلمون على اليهود في خيبر وبعد أن هزموا قريش في غزوة الخندق، أَمِنَ المسلمون من أي خطر خارجي قد يهدد المدينة المنورة، إلَّا من بعض الأعراب الذين يعيشون في صحارى نجد، وعم مجموعة من الناس غليظي الطبع شديدي البأس، يعملون في النهب والسلب، فرغب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يقوم بتأديبهم وإيقاف حركاتهم المعادية للناس والتي تمنع الأمن والأمان في المنطقة، فباتت فكرة غزوهم في بال رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وقرر غزوهم بشكل فعلي عندما جاءته الأخبار بأنَّ الأعراب في نجد يجهزون العدة ويجمعون الجموع لقتال المسلمين.[٢]
جاءت الأخبار إلى المدينة المنورة أنَّ بني محارب وبني ثعلبة من قبيلة غطفان المقيمين في صحارى نجد يجهزون أنفسهم لغزو المدينة المنورة، فسارع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن معه من الصحابة الكرام إلى التجمع والتجهز والخروج من المدينة لملاقاتهم، فخرج رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- ومن معه من الصحابة وترك في المدينة أبا ذر الغفاري -رضي الله عنه-.[٣]
خرج جيش المسلمين من المدينة المنورة لملاقاة بني محارب وبني ثعلبة النجديين، وكان عدد المسلمين يتراوح بين أربعمئة وسبعمئة مقاتل، وما أن خرج من المدينة حتَّى استشعر المسلمون الصعوبات الكبيرة التي في انتظارهم، فكان هناك نقص شديد في أعداد البعير مع المسلمين، فساروا معظم الجيش مشيًا على القدمين، وازداد الوضع صعوبة عندما اتضحت معالم الطريق الوعرة المملوءة بالحجارة الحادة، فتمزقت أقدام المسلمين وسقطت أظافر أقدامهم من قسوة الطريق وطول المسافة، فلفّوا أرجلهم بالخِرَقِ والجلود الرقاع، ولهذا السبب سُمِّيت غزوة نجد بغزوة ذات الرقاع أيضًا، وقد ورد عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه قال: "خَرَجْنَا مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في غَزْوَةٍ ونَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، بيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أقْدَامُنَا، ونَقِبَتْ قَدَمَايَ، وسَقَطَتْ أظْفَارِي، وكُنَّا نَلُفُّ علَى أرْجُلِنَا الخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِما كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الخِرَقِ علَى أرْجُلِنَا"[٤]، وجاء في سيرة ابن هشام في سبب تسمية غزوة نجد بغزوة ذات الرقاع أيضًا: "وإنَّما قيل لها: غزوة ذات الرقاع؛ لأنَّهم رَقَعَوا فيها راياتِهم، ويقالُ: ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع يقال لها: ذات الرقاع".[٥]
توغَّل جيش المسلمين في صحارى نجد، حتَّى وصل إلى منطقة يُقال لها: نخل، وهناك صلَّى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلاة الخوف بالصحابة الكرام لأول مرة في تاريخ الإسلام، حيث لقي المسلمون جمعًا من غطفان وأخاف القوم بعضهم بعضًا، فرغب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بتأمين المسلمون وتثبيت الإيمان في قلوبهم، فصلَّى بهم صلاة الخوف، ولمَّا وصلت أخبار المسلمين إلى قبائل غطفان دبَّ الخوف والرعب في قلوب المشركين وفرُّوا جميعًا، فلم يحدث أي قتال بين الطرفين، ورجع المسلمون من هذه الغزوة منتصرين بفضل الله دون قتال، وبينما كان المسلمون في طريق العودة وصلوا إلى وادٍ كثر الشجر، فنام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وفي هذه الأثناء حصلت حادثة رواها جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "غَزَوْنَا مع رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ، فأدْرَكَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِن أَغْصَانِهَا، قالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ في الوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ، قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: إنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، فأخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهو قَائِمٌ علَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا في يَدِهِ، فَقالَ لِي: مَن يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ، ثُمَّ قالَ في الثَّانِيَةِ: مَن يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ، قالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هو ذَا جَالِسٌ، ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ له رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-"[٦]. [٧]
وفي خاتمة ما جاء من بحث عن غزوة نجد يمكن القول إنَّ هذه الغزوة ألقت الرعب في قلوب الأعراب، فلم يفكروا بعدها بغزو المسلمين في المدينة ولم يجرؤ على جمع الجيوش ضدهم، وكانت غزوة نجد أو ذات الرقاع سببًا من أبرز أسباب نشر الأمن والسلام في المناطق المحيطة بالمدينة المنورة، وكانت استكمالًا لمعارك المسلمين التي أدت إلى حالة من الاستقرار والأمن في المنطقة مما سمح للمسلمين بنشر الإسلام وتبليغه للناس بهدوء وسلام دون عدوٍّ يترصد لهم أو غازٍ يجهز للإغارة عليهم، والله تعالى أعلم.[٧]المراجع[+]
- ↑ سورة الروم، آية: 6.
- ↑ "أحداث غزوة ذات الرقاع"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "غزوة ذات الرقاع"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 28-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس، الصفحة أو الرقم: 4128، صحيح.
- ↑ "حدث في السنة السابعة من الهجرة (6)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 843، صحيح.
- ^ أ ب "غزوة ذات الرقاع"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-05-2019. بتصرّف.
